لا يمكن المرور مرور الكرام على القرارات الأخيرة التي صدرت عن مجلس التعاوين الخليجي ووزراء الداخلية العرب، وبالأمس القرارات التي صدرت عن الجامعة العربية والتي تخص حزب الله واعتباره منظمة إرهابية .

إن هذه القرارات لن تكون تداعياتها السياسية على لبنان وحزب الله تحديدا تداعيات عادية وطبيعية، حيث أن مثل هذه القرارات ستخلق رأيا عاما على المستوى العربي الشعبي والسياسي رأيا عاما معاديا للبنان وحزب، وبالتالي فإن على حزب الله أن يعيد حساباته فيما تبقى له من الوقت، لأن هذا الحشد غير المسبوق في اتهام حزب الله بالإرهاب بلسان عربي، من شأنه أن يفرض معادلات واستحقاقات جديدة على حزب الله أولا وعلى المنطقة ككل ثانيا .

كما أن الأسئلة على هذا الصعيد كثيرة وتتصل بشكل أو بأخر بالأحداث الجارية في المنطقة والترتيبات التي يسوقها وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة الأمريكية للوضع السوري، حيث أن هذه القرارات قد ترتبط بشكل أو بآخر بالخارطة الجديدة التي يتم تسويها للحل السوري والتي سيستثنى منها حزب الله على اعتبارة قوة أجنبية .

إن هذه الإستحقاقات تقود بالمنطق إلى ضرورة أن يعيد حزب الله حساباته من منظار استراتيجي ماذا قدم لسوريا وعلى ماذا حصل في المقابل . إن وسم حزب الله بالإرهاب عربيا هو هزيمة سياسية للحزب بكل ما للكلمة من معنى، وبالتالي فإن الانتصارات التي وعد بها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله كلها كانت وعودا بلا رصيد، واكتشف الحزب من جديد إخفاقات إضافية سياسية ومعنوية جراء التورط الكبير الذي قاده الى سوريا واليمن والعراق وغيرها من الدول العربية .

إن هذه القرارات العربية تفرض على حزب الله مراجعة سريعة لكل مواقفة السياسية والعسكرية في المنطقة لإنقاذ ما تبقى من هيبة الحزب ووجوده وتاريخه، لأن اللعب في مسرح الثورات العربية لم يكن في محله بأي شكل من الأشكال، ولذلك ينبغي أن يكتفي الحزب بهذه الأثمان الباهظة والكبيرة التي دفعها في الميدان السوري دفاعا عن نظام بشار الأسد .

إن السخط العربي قد يكون مبررا نتيجة السياسات الخاطئة للحزب ونتيجة الولاء الكامل للولي الفقيه الإيراني، حيث تناسى الحزب حضوره العربي وعمقه الاسراتيجي العربي، ولم يعد سوى أداة للسياسات الإيرانية المدمرة في المنطقة .

وها هو الحزب يدفع اليوم الثمن والثمن باهظ جدا، وليس لأحد أن يعتبر قرارات دول مجلس التعاون الخليجي وقرارات وزراء الداخلية العرب وقرارات جامعة الدول العربية أنها حبرا على ورق بل هي قرارات سياسية موجهة وهي قرارات قاتلة سعى إليها الحزب نفسه عبر مواقفه المتطرفه من الدول العربية وهي كانت وما زالت ساحة الحزب القومية والوطنية .

إن حزب الله مدعو اليوم لإنقاذ ما تبقى من خلال إعادة النظر في السياسات والمواقف التي أدت إلى ذلك ولا بد من تغييرات استراتيجية وجذرية في سياسات الحزب المتبعة على الصعيد العربي تحديدا .