يرزح لبنان منذ أكثر من عشرين شهرا في فراغ خطير يطال رأس الدولة الذي تنبثق عنه سائر المؤسسات الشرعية، بدءاً من رئاسة الوزراء، انتهاءً بأصغر مرفق تنفيذي في البلد، وقد دأب السياسيون، الذين يجلسون على ارائك الحكم ، مع المتوثبين للجلوس عليها، في قرع ناقوس الخطر، ورفع الصوت بوجوب التّنبه لمخاطر هذا الفراغ المتمادي بعد كل جلسةٍ فاقدة للنصاب، حتى أنّ صوت البطريرك الراعي بُحّ من من كثرة الصراخ ، والحضّ على انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي. أمّا الغيارى على المصلحة الوطنية العليا ، فلم يتركوا مناسبة تمر دون التذكير بوجوب ملء الفراغ الرئاسي، وصون البلاد من مخاطر الشلل السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ناهيك عن المخاطر الخارجية التي تقف على الأبواب منذرة بشرّ العواقب.

وتتركز عقدة الانتخاب عند مُعطّلي النصاب ، ودُعاة الحقّ الدستوري بالتغيّب عن جلسات الانتخاب، حتى غدا الأمر أشبه بالمهزلة، فإمّا أن يُذعن الجميع للقبول برئاسة الجنرال عون، أو لا رئيس، ولا من يترأسون،والأدهى من كل ذلك، طاولة الحوار المنصوبة في عين التينة، عند الرئيس برّي، لا يتغيب عنها أحد، إلاّ بداعي المرض أو السفر أو التلهي بالتغريد على أفنان تويتر. اليوم، يا سادة، يا كرام، خرج المتحاورون والبشر على وجوههم وقلوبهم، وعلى رأسهم النائب علي فياض، فقد بشّر اللبنانيين بأنّ الرئيس بري( أبو الميثاقية) كما وصف نفسه مرّة، طمأن نائب المقاومة بأن لا جلسة انتخابية رئاسية دون نصاب الثلثين، وهذا مدعاة للاطمئنان على مصير البلد ، ومصير المقاومة، فالرئيس بري ما زال في جيب آباء التعطيل، فإذا أرادوا لشيء أن يكون، فهو نافذٌ لا محالة، فلا يحلمنّ أحدٌ باختراق جدار النصاب، واجتراح معجزة ولادة رئيس، فالمجلس النيابي ( بفضل الله وحمده) تحت سلطتنا، نفتحه ساعة نشاء ، ونقفله ساعة نشاء،وكما قال أحد الخلفاء الأمويين للرعية:نحن الذين ارتضانا الله عزّ وجلّ، فأسلمنا مفاتيح خزائنه، إن نشأ فتحناها، وإن نشأ أغلقناها، إلاّ أنّ نائب الأمة الكريم، طمأن اللبنانيين بأنّ الواجب يقتضي أن تُفتح أبواب المجلس للتشريع .

شكرا سعادة النائب على غيرتك الزائدة بوجوب التشريع بغياب رئيس الجمهورية، ومن غبائنا المتمادي منذ عشرين شهرا، نحب أن نذكركم بأنّ المجلس عليه أن يتحول في جلسات مفتوحة إلى هيئة انتخابية منذ أكثر من ثمانية عشر شهرا، علّهُ يفلح في حفظ البلاد والعباد، فينتخب رئيساً، يؤلّف حكومة قادرة على إدارة البلاد، ولا بأس بأن يرد في ديباجة بيانها الوزاري:الجيش والشعب والمقاومة، عماد الوطن وسرّ ديمومته، لتنصرف بعدها لرفع النفايات، ودفع رواتب الموظفين، وتأمين أموال الفساد والمحسوبيات لمن أدمن عليها، ومن ثمّ نسأل الله تعالى أن يُعين كُلّا على كُل.