كثرت في الآونة الاخيرة الأصوات المنادية بضرورة تحقيق المساواة مع الرجل وتفعيل الكوتا النسائية وإشراك المرأة في الحياة العامة والإجتماعية وغير ذلك من المطالب التي تحقق بعضها بشكل جزئي وبقي بعضها الآخر قيد الانتظار..

  إن في هذه المطالب الكثير من الالتباس، لأنها في بعض الأحيان كانت تنطلق من مبدأ تمييز جندري متأصل في البنيان الاجتماعي على قاعدة أن المرأة هي مخلوق ضعيف بالفطرة وبالفكرة وبالتالي فلا بد من مساعدتها لإعلاء شأوها وشأنها.علما" بأن تكريس فكرة المطالبة بالحقوق ينطوي على تكريس عدم أحقية هذه الحقوق من جهة أخرى...

  وإن كان هذا النقاش مما يحتاج لمساحات حوارية كبيرة لشرحه والوقوف على دلالاته، فإن طرح فكرة المساواة تحمل في طياتها الكثير من الغبن والظلم للمرأة..

  لنسلم جدلا"  أنه تم إقرار مبدأ المساواة، فهل سيتمكن الرجل من أخذ دور المرأة البيولوجي في الحمل مثلا".. وهل ستتمكن المرأة ببنيتها الفيزيولوجية من القيام بمهمات شاقة تتطلب بنيانا" جسديا" محددا"؟ لذلك المساواة الحقيقية التي يجب المطالبة بها هي أن يقوم كل طرف بدوره بشكل متساو ومتواز...

  من هذا المنطلق لا بد من تفعيل وتعميم مصطلحات جديدة : الاحترام المتبادل، الإشراك، المشاركة وغيرها..

  أيضا" وأيضا" آن الأوان لتنتفض المرأة من سبات تخاذلها والقائها اللوم على الرجل في كل ما يضعفها ويعيق تقدمها...فالمرأة هي  التي يجب أن تحمل لواء اثبات ذاتها وشخصيتها..فالمرأة متى ما أتقنت حرفة الحياة والعيش والتعلم والثقافة والأخلاق وتمتعت بشخصية هادئة حنونة رصينة متعقلة، ووقفت في وجه تسليعها حينها تلقائيا" سيجد الرجل نفسه مجبرا" على احترامها وتسليمها مقاليد السلطة معه وبالطبع المجتمع ككل سيضطلع بهذا الدور..

  الى ذلك، تساهم المرأة أحيانا" في تكريس صورتها ككائن ضعيف حين تقبل بظلم ما تتعرض له أو تسكت على التعنيف مهما كان نوعه لفظيا" أو جسديا" أو اجتماعيا" أو ثقافيا" أو جنسيا" أو اقتصاديا"...فالانسان رجلا" كان أم امرأة ولد حرا"، عزيزا"، محترما"..والمرأة هي جزء لا يتجزأ من هذه العملية الاجتماعية التكاملية..

  اذا"، حين تثور المرأة على الظلم وترفض استضعافها يكون في ذلك الحصن المنيع الذي يحميها..

  وإن كانت المناسبة الحين هي اليوم العالمي للمرأة، فإن تحصين المرأة وتحسين صورتها لا يجب حصرهما بيوم واحد في السنة بل يجب أن يكون ذلك نهج تتبعه المجتمعات وتكرسه الانظمة.

   وبالعودة الى النقاش الجدلي الابدي بين المرأة والذكورية لا سيما الشرقية منها، فإنني أقترح معادلة جديدة تؤطر هذه العلاقة تحت عنوان: فلنعشقه ونكسب عوض أن نعلن الحرب عليه وننهزم.    ختاما"، يجب على المرأة أن تحاول قدر المستطاع الحفاظ على هويتها المستقلة وشخصيتها وعدم إذابتها في بوتقة الشريك كي لا يفهم ذلك ضعفا" أو استضعافا"..وبعد، يجب دوما" على المرأة أن تتكلم وتعبر عما بداخلها وما يعتريها من هواجس وأفكار..

  آن الأوان كي نغير مقولة كوني جميلة واصمتي، ونستبدلها ب"كوني جميلة وتكلمي".