قبيل التوقيع على الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية ألست تكررت التصريحات الأميركية الصادرة عن مسؤولين أميركيين ان المنطقة بعد الاتفاق سوف تنعم بالاستقرار والأمن، وأن طهران ستصبح عامل تهدئة ولا تستمر بسياستها كعامل زعزعة للاستقرار فيها. وسوف يظهر ذلك عندما تقرر إيران تسهيل التوصل إلى حل للأزمات في سوريا والعراق واليمن بعدما تعود إلى داخل حدودها للاهتمام بشؤون شعبها وتحسين مستوى معيشته بعد المعاناة الكبيرة التي عاشها المواطن الإيراني بفعل الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضت على الجمهورية الإسلامية الإيرانية بسبب اصرارها وتصميمها على الاستمرار في صنع السلاح النووي.

وهذا سينعكس على علاقتها مع دول الجوار ويفتح الطريق أمام تحقيق المزيد من التقارب والتفاهم مع هذه الدول وخصوصا مع المملكة العربية السعودية،  لكن حتى اللحظة لا يبدو أن لإيران النية في تغيير سياستها، ولا شيء يدل على أنها تريد للمنطقة ان تنعم بالاستقرار والأمن بدليل أنها لا زالت تدفع بالمزيد من قواتها العسكرية والبشرية داخل الدول التي تشهد ميادينها وساحاتها أبشع أنواع المعارك والحروب.

وبالتالي لكانت طهران بدأت بتسهيل إجراء انتخابات رئاسية في لبنان، وذلك بالايعاز إلى حزب الله كي يطلب إلى نوابه ونواب حلفائه حضور جلسة انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية والاتفاق على مرشح للرئاسة مقبول لا يشكل انتخابه تحديا لأي فريق سياسي لبناني وتطلب من الحزب ان يسحب مقاتليه من سوريا بعد التدخل الروسي وبعدما أصبحت الحرب السورية تحت القيادة الروسية فتسهل بذلك المحادثات الجارية بحثا عن حل للأزمة السورية المستمرة منذ ما يقارب الخمس سنوات، فالواضح حتى الآن أن إيران لا تستعجل إنهاء الشغور الرئاسي في لبنان كي تبقي أبواب الفراغ الشامل فيه مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك من خلال حكومة لا تعمل حتى بالحد الادني من طاقتها ومجلس نواب معطل وعاجز عن الالتئام مترافقا ذلك مع ولادة أزمات ومشاكل تنعكس بشكل سلبي ومباشر على المواطن آخرها مشكلة النفايات التي ملأت شوارع العاصمة بيروت دون أن يلوح في الأفق ما يشير إلى احتمال إيجاد حل لها. 

والأخطر من ذلك فإن إيران لا تريد انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية وإن كان من فريق الثامن من آذار وهو الفريق المتحالف معها، وبدا ذلك من خلال المرشحين المفترضين للرئاسة العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية. وكلاهما من خطها السياسي ومع ذلك فلا تسهل عملية وصول أحدهما إلى قصر الرئاسة في بعبدا.

  فايران وحتى إشعار آخر لا تزال تصر على إبقاء لبنان محكوما بالفراغ الرئاسي في ظل حكومة هي تمسك بمصيرها وبقراراتها من خلال حزب الله ليسهل عليها التحكم بالتوجهات السياسية للبلد.

وهو ما تعجز عن تحقيقه عندما يتم انتخاب رئيس للجمهورية يخرج البلد من الوضع الشاذ الذي يعيشه، وإلا لكانت تدخلت كما تدخلت من قبل وسهلت عملية تشكيل الحكومة برئاسة تمام سلام وأن بعد مرور 11 شهرا على أزمة التعطيلن وهي حكومة لم تكن كما أطلق عليها سلام حكومة المصلحة الوطنية، لأن كل وزير فيها يريد من خلالها مصلحته ومصلحة فريقه السياسي.

  فالمسؤول عن استمرار الفراغ الرئاسي الذي قارب ال 22 شهرا ليس في الداخل اللبناني بل في الخارج وتحديدا في طهران، ولا يبدو أننا سنشهد إنتخابات رئاسية في المدى المنظور.