يلحظ مخطط كيري لافروف للمنطقة العربية تسوية مديدة على الأراضي السورية، تمتد لثمانية عشر شهرا على أقل تقدير، في حين أنّ المنتظر لتطبيق مخطط روسيا وأميركا لسوريا والمنطقة، قد يستغرق ضعف هذه المدة الزمنية المفترضة.والواضح حتى الآن أنّ سوريا لن تخرج معافاة من هذه الخطط المشبوهة، وقد يكون أفضلها دولة فيدرالية، مكونة من ثلاث دول عند المتفائلين وتمتد حتى ست دول عند المتشائمين.

ومن هذا المخطط لن يسلم أحد من جيران سوريا. الدولة الكردية ستفاقم مشاكل العراق، الذي يعاني أصلا من مشاكله الخاصة المعقدة، كما أنّها ستفاقم مشاكل تركيا التي تعاني من أزماتها مع أكرادها واكراد جيرانها.

أمّا لبنان الذي يكاد أن يكون مصيره ككيان ونظام مرتبطا عضويا بمصير جارته سوريا، فوضعه السياسي والسيادي حساس جدا لما يجري من أحداث سياسية دراماتيكية في سوريا، فقيام دولة سنية في دمشق، ودولة علوية في الشمال، ستشكلان كابوسا مرعبا ودائما على حدوده الشرقية والشمالية، فدولة دمشق هي بوابة عبور لبنان إلى العالم العربي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ودولة العلويين في الشمال ستكون المعبر الإلزامي نحو تركيا، وهذه الدول المستحدثة على أرض سوريا، إذا قُدّر لها أن تقوم، ستعاني طويلا من المشاكل المعقدة التي سترافق نشأتها وبلورة أنظمتها، ومجرد التفكير والتخيل لسيناريو "الفدرلة" هذا في سوريامرعب ومحفوف بالمخاطر على العراق وسوريا وتركيا ولبنان، وفلسطين، ناهيك عن المشاكل المعقدة التي ستنشأ  مع إسرائيل، الدولة المعادية تاريخيا لسوريا، والتي كانت رأس الحربة في دول المواجهة مع إسرائيل.

بالعودة إلى لبنان، هل يبدو أنّ اللبنانيين الذين أمضوا حتى الآن أكثر من عشرين شهرا بدون رئيس، ويعانون من حكومة عاجزة حتى عن جمع النفايات، ومجلس نيابي معطّل،وفساد مُستشري، وبنية سياسية مفكّكة، وتنظيم مُسلّح قام أصلا لمقاومة إسرائيل، فإذا به منخرط في الاشتباك العسكري في سوريا، والاشتباك السياسي مع دول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، المنخرطة بدورها في الصراع العسكري في اليمن، وتتأهب للعب دور فاعل في أحداث سوريا ولبنان، ما يزيد من فرص التحامها مع حزب الله، الذي ما زال مُصرّا على تقديم نفسه كمقاومة مشروعة ضد العدو الإسرائيلي الدائم. مشهد مأساوي ومعقّد ومفتوح على كل المخاطر، وفيه لا يبدو أنّ اللبنانيين سيكونون أسعد حالاً مع مخططات كيري لافروف من إخوانهم السوريين المتلهفين على السلام والعودة إلى ما كان بلدهم الموحد، أو ما سيصير إليه من دويلات بخرائط يرسمها أسلاف سايكس بيكو: كيري ولافروف.

  احمد خواجة