ضاعف تحفظ الجزائر على قرار مجلس وزراء الداخلية العرب، بشأن إدراج حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، من حدة الأزمة الدبلوماسية غير المعلنة بينها وبين السعودية.

وجاء هذا الموقف امتدادا لمواقف سابقة ابتعدت فيها الجزائر عن السعودية واقتربت فيها أكثر من إيران، حيث امتنعت عن دعم موقف الرياض في اليمن وسوريا، وقابلت مبادرتها لإنشاء “ناتو إسلامي” ببرود ما اعتبره دبلوماسيون ومحللون انحيازا لإيران ورغبة في التقرب منها.

وأكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، تحفظ بلاده عن قرار مجلس وزراء داخلية العرب في تونس، القاضي بإدراج حزب الله اللبناني كمنظمة إرهابية، لتنضم بذلك إلى موقف كل من لبنان والعراق، وذكّر بأن المسألة تتعلق بشأن داخلي لبناني، والجزائر تتبنى في عقيدتها مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

وقال لعمامرة إن “المسألة شأن داخلي لبناني، ولبنان في حاجة إلى دعم عربي لتجاوز ظروفه السياسية والإقليمية، بدل الانحياز لطرف على حساب آخر”.

وأشار محللون إلى أن الجزائر تتحدث هنا عن حزب الله وكأنه قوة مدنية لبنانية لا مشاكل لها في الخارج، في حين أن هذا الحزب يتباهى بتدخله في سوريا واليمن، ويعلن مرارا عن ولائه لإيران ومرشدها الأعلى علي خامنئي، ويخوض حملات إعلامية مستمرة ضد السعودية ودول عربية أخرى.

وقلل المحللون من حديث المسؤولين الجزائريين عن أن بلادهم تنأى بنفسها عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول، مشيرين خاصة إلى موقفها من قضية الصحراء وسعيها المستمر إلى إفشال أي حل لهذه القضية ينتهي بتوحيد الأراضي المغربية.

ولا تنسى الجزائر للسعودية دعمها الكامل للمملكة المغربية في قضية الصحراء.

وتسير الدبلوماسية الجزائرية على النقيض من التوافق العربي الذي تقوده السعودية في المنطقة، حيث رفضت دعم التحالف العربي الذي يدعم الشرعية اليمنية بمواجهة المتمردين الحوثيين المرتبطين بإيران، والذين سيطروا على البلاد بقوة السلاح.

وفيما تساعد الرياض على حل سياسي في سوريا عبر مفاوضات جدية بين المعارضة والنظام، فإن السلطات الجزائرية بادرت من البداية إلى دعم الرئيس السوري بشار الأسد في وجه احتجاجات شعبية واسعة مطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية.

ولم تحتج الجزائر، التي تقول دائما إنها تعارض التدخل في الشؤون الداخلية للدول، على تدخل إيران وميليشيات تابعة لها في سوريا، ولا على التدخل الروسي لإسناد الأسد، أو على القصف التركي لمواقع في سوريا باستمرار.

ورفض الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة دعم مبادرة سعودية لتشكيل تحالف إسلامي للحرب على الإرهاب في ديسمبر 2015، وتزامن هذا الرفض مع زيارة إسحاق جهانغيري، النائب الأول للرئيس الإيراني، للجزائر ولقائه مسؤولين بارزين بينهم بوتفليقة.

وتهدف فكرة الناتو الإسلامي، التي لاقت ترحيبا لدى دول إسلامية عدة، إلى تقوية قدرة الدول الإسلامية على مواجهة التحديات الأمنية بينها مقاومة المجموعات المتشددة، وخاصة داعش والقاعدة، وعدم الاكتفاء بانتظار تدخل أميركي أوروبي قد لا يكون في مصلحة المنطقة.

وجاءت فكرة الناتو الإسلامي في أجواء خيمت عليها الخلافات بين السعودية وإيران ما اعتبره مراقبون ورقة ترغب الرياض في امتلاكها لمواجهة التمدد الإيراني في محيطها الإقليمي.

واكتفت الجزائر بحياد بارد حين دعت السعودية وإيران إلى “التفاوض المباشر حول النزاعات في سوريا والعراق واليمن، من أجل إعادة الاستقرار إلى المنطقة”.

وينتقد مسؤولون جزائريون إدارة السعودية لمنظمة أوبك ويحملونها مسؤولية تراجع أسعار النفط الذي يعد بالنسبة لها قضية محورية لأمنها القومي. وتأخذ الجزائر على الرياض طيلة الأشهر الأخيرة معارضتها تخفيض الإنتاج النفطي، وهو خيار أضر بالتوازنات الكبرى للاقتصاد الجزائري.

والتقطت إيران تفاصيل هذه الاختلافات وعملت على تلغيم العلاقات الجزائرية السعودية.

وتحتفظ الجزائر بعلاقات إيجابية مع طهران، تطورت إلى تعاون اقتصادي في شكل استثمارات إيرانية في الجزائر، ولم تتأثر بغضب الشارع الجزائري من موجات تشيع تدار في الخفاء من طرف دوائر مقربة من طهران.

 

صحيفة العرب