نعم هناك قلق شيعي عام هو نتيجة سوء تنشئة... الشيعي اليوم ينشأ على أن العالم ضدنا...  العالم ليس ضدنا.. نحن ضد العالم!  علمياً العالم كله ضد بعضه البعض. هناك بلدان ليس فيها شيعة وهي تتذابح...وهناك نزاعات دولية واقليمية واثنية ودينية وقبائلية في كل مكان.. فوجود حالة نبذ، حالة دفع، ضد الشيعة، هذا لا يعني أن هناك مخططاً دولياً جهنمياً ضدنا كما يحب البعض أن يقول... وبأن العالم يعمل لذبحنا، ولكي يسلب حقوقنا، أو أن العالم يعمل لتبديل عقيدتنا.

بعض القيادات تستغل هذا الوضع استغلالاً خالياً من أي تقوى، وخالياً من أي أخلاق.. وذلك فقط لجذب الناس، واستقطاب القواعد... هذا الوضع طبعاً يخلق حالات استهداف عند باقي الطوائف... الجميع اليوم خائف..كل الطوائف قلقة وخائفة..فكيف تطمئن القلوب وتسكن الهواجس؟  حينما أنت لا تحمل ما يخيف ، حينما لا تهدد نظام مصالح المواطنين بنظام مصالحك الخاص، فلن يقف في وجهك سوى القليل من القوى...  نحن يهمنا أن الشيعي عندما يكون ساكناً في وطن أن لا يمثل هو نظام غلبة... وإنما أن يكون مقبولاً... علينا أن نخلق حالة ثقة... حالة نقية...علاقة نقية بين الناس والشيعة... ليس عندنا باطنية وليس لدينا ما نخفيه أو نخيف به..ما نقوله خلف الأبواب المغلقة هو الذي تسمعونه هنا... نقول اندمجوا في دولكم، واندمجوا في شعوبكم، واندمجوا في أنظمة مصالحكم، لكن لا تنشئوا نظام مصالح خاصاً بكم..التزموا بقوانين بلادكم! هذا ما نقوله، نقوله عن قناعة فقهية ودينية اسلامية عامة وشيعية خاصة.. ونقوله عن قناعة وفقاهة سياسية وطنية..  علينا أن نجعل الشيعة مقبولين داخل مجتمعاتهم وداخل الأمة وأن يكونوا مقبولين لذاتهم لا لأنهم يمثلون شيئاً خاصا،ً أو لأنهم محميين من دولة نووية أو لأنهم يخيفون... نحن نعمل لكي يكون الشيعي مقبولاً لذاته ، في محيطه وفي مجتمعه، مقبولاً كما هو بسجيته وسلوكياته وثقافته وبأساليب موالاته لأهل البيت. يعني تمذهبه الخاص، يعني أن يكون مقبولاً كما هو.

لا لأنه يمثل حالة سياسية تخيف بقية مكونات الوطن فيجاملونها كما هو الآن، وكما تحاول بعض الجهات أن تخلق هذه الحالة... يمكن أن الذين يخافون هذا التخويف يمشّون له شغله... لكن يُبنى على هذا ما يبنى... لأن أنظمة المصالح أيضاً تدافع عن نفسها... لا أحد يستسلم. وبالتالي فإن التخويف والتخويف المضاد، والاستفزاز والاستفزاز المضاد، يودي بالبلاد والعباد الى التهلكة.. الشيعة كائناً من كانوا، أو في أي مكان كانوا، هم ينتمون إلى أوطانهم وقومياتهم وشعوبهم ودولهم، ولا ينتمون إلى دولة ولاية الفقيه.. فكما أن السعودية هي ليست السُنة، فكذلك الدولة الفلانية أو العلانية هي ليست الشيعة..الشيعة موجودون في بلدان وأوطان وهم جزء منها ومن شعبها ومجتمعها.. إن ما نراه الخيار الوحيد أمام الشيعة في لبنان والخليج وفي كل مكان، مع اختلاف الشروط، هو خيار تحقيق الكرامة والحد الأعلى من المصالح، وحفظ دينهم وفهمهم وحرية سلوكهم وممارستهم بقدر الإمكان في ظل الشروط القائمة فعلاً في المنطقة والعالم... إن ذلك لا يمكن أن يحصل إذا كنا مصدر خوف للآخرين... لأن الخوف منا لا يجعلنا متناقضين مع الأنظمة، بل يجعلنا، وهذا أسوأ ما يكون، متناقضين مع الشعوب بالذات، نتناقض مع شركائنا في الوطن... إن علينا، نحن الشيعة، أن نبني حالة ألفة نفسية بين المجتمع غير الشيعي والشيعة... وهذا الأمر يحتاج إلى تواصل وإلى اعتراف متبادل ويحتاج إلى أن لا يكون الشيعي مصدراً للخوف، بل مركزاً للأمان ... ليس المطلوب إظهار تشيّع الشيعة، فهذا ظاهر إلى درجة الوجع... المطلوب أن يكون الشيعة مواطنين مندمجين في مجتمعهم ومقبولين في مجتمعهم بشكل كامل... لقد كان هذا الخط ديدن الأئمة وسياستهم، ولم يكونوا في ذلك موالين للأنظمة... تلك كانت رسالتهم السياسية وإدارتهم السياسية... لأنه ليس المطلوب إحداث فتنة في المجتمع، بل من المحرّم إحداث فتنة في المجتمع.. ونحن تعلمنا من أئمتنا أن من يتأخر عن أهل البيت يفقد إيمانه، ومن يتقدم عنهم أيضاً يفقد إيمانه... وكما أن المتخلفين المتخلين هم مخالفون للحكم الشرعي، فكذلك الذين يريدون أن يكونوا مسلمين أكثر من النبي وشيعة أكثر من علي، هم ليسوا بأحسن حالاً.

لا مشروع للشيعة غير وطنهم وبلادهم ولا ملاذ لهم غير الدولة الوطنية... ليس للشيعة في لبنان أو في العالم العربي مشروعٌ خاص بهم... الشيعة في لبنان وفي العالم العربي هم جزء من المشروع الوطني العام لبلدانهم ولأمتهم، مشروع الدولة الوطنية والمجتمع الواحد، وليس لديهم أي وَهم في مشروع خاص، كما أنهم لا يتحملون مسؤولية أي مشروع خاص... ندعو الشيعة في لبنان والعالم العربي والإسلامي إلى الاندماج في أوطانهم، وإلى أن يكون مشروع الدولة الوطنية هو مشروعهم المشترك مع سواهم من المواطنين... لا يفيدهم في شيء أن يكون لهم مشروع خاص بهم. وعليه يجب انخراطهم في أرقى درجات الالتزام الأخلاقي بقضايا الوطن والمواطنين والالتزام بحفظ النظام العام وإطاعة القوانين..  الحوار والمصالحات الداخلية والاندماج الوطني هو الطريق السليمة لحفظ كرامة الشيعة وتعزيز مكانتهم، وليس الإنكفاء والسلبية أو الحالة الهجومية..