تنشط في البقاع مؤخراً مافيات تهريب الأفراد عبر حدود لبنان الشرقية، بعد أن شبكت إتصالاتها مع الجانب السوري من سلسلة الجبال الشرقية لتعوض عن كل ما فاتها من تراجع في حركة الإنتقال البري بين البلدين مؤخراً مستخدمة القوة لمواجهة كل من يعيق حركتها حتى لو اضطرها ذلك الى الإشتباك مع عناصر الجيش اللبناني ومخابراته المكلفين بحماية الحدود..

فأمام أعين أجهزة الدولة تنشط شبكات لتهريب السوريين الى لبنان ومنه، وأشخاص يعبرون يومياً في الإتجاهين يتضاعف عددهم تبعاً للأوضاع الأمنية في سوريا.

لا تعد عمليات تهريب الأشخاص عبر طرق السلسلة الشرقية بالأمر الطارئ فقد قضى العديد من المهربين في عمليات الملاحقة التي كان يقوم بها الجيش اللبناني، وبعضهم قضى جوعاً وبرداً، أو قتلاً برصاص الهجانة السورية، حيث يرفض بعض العاملين في المنطقة الحدودية وصف طرق التهريب بغير الشرعية، كونها إرتسمت ووجدت قبل الطريق الدولية الحالية بوقت طويل، وشكلت حركة العبور الرئيسية بين لبنان وسوريا..

وعبرت تلك الطرق قبل الأحداث السورية، مئات القوافل وصهاريج المازوت والبنزين المحملة من سوريا الى لبنان حتى تجاوزت كميات الوقود المليون ليتر يومياً، يضاف إليها آلاف الأطنان من السلع الغذائية ومواد التنظيف وسواها من المواد المنتجة في سوريا..

فبعد الأحداث السورية، إختفت قوافل المازوت والوقود، وإحتلت مكانها الأشخاص والعائلات السورية الذين وجدوا في تلك الطرق معبراً لكنه لا يخلو من المخاطرة، وفق ما قال أحد المهربين، مشيراً إلى أن غالبية العاملين في التهريب يتوافقون مع أشخاص سوريين أو لبنانيين على إدخال أقاربهم، ومن ثم يتم "قبض الأجرة" من الشخص الذي يقطن في لبنان، سواء كان لبنانياً أو سورياً.. ويقول بعض المهربين أن تسعيرة التهريب تتفاوت بحسب وضع الراغب في قطع الحدود، فمنهم هاربون من التجنيد الإحتياطي، والبعض الأخر يريدون تفادي نقطتي الحدود، قد يكونون الأعلى سعراً، ويتطلب تهريبهم تعاوناً وتنسيقاً بين المهربين على طرفي الحدود اللبنانية السورية ..

يبقى أن الإجراءات الأمنية اللبنانية لا تزال غير فاعلة في مواجهة هذا النوع من "الإتجار بالبشر"، وذلك بحكم عدم قدرة الأجهزة الأمنية اللبنانية ومعها العسكرية على مراقبة كل الحدود اللبنانية السورية.. ففي ظل هذا الواقع المحكوم بإنعدام الإنسانية وقسوة الجغرافيا، يظل الهاربون السوريون هم الضحايا، فبعضهم يتعرض للإغتصاب وآخرون للإحتجاز والتعذيب.