لفت رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الى ان زمن الوصاية السورية، لم يستطع ان يفبرك أشخاصاً أكبر من لبنان، وان زمن الاستقواء الإيراني، لن يستطيع ان يصنع قادة أكبر من لبنان.
  وفي كلمة له بذكرى اغتيال والده رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في البيال، شدد على ان كل أشكال الإرهاب لن تتمكّن من وحدة لبنان، وكل عمليات الاغتيال لن تكسر أحلامنا بقيام لبنان.
  واكد ان لا يوجد احد أكبر من بلده، ولا أحد سيتمكّن من السّطو على الجمهورية اللبنانية، لا بترهيب السلاح، ولا بإرهاب التطرف، ولا بمخالفة الدستور، ولا بالأحكام العسكرية الزائفة، ولا بأي وسيلةٍ من وسائل التعطيل والفوضى، مشددا على ان لبنان لكل اللبنانيين، لا لفئة، ولا لطائفة، ولا لحزب، ولا لزعيم، معتبرا ان هذا ما يجب أن يكون معلوماً لكل الرؤوس الحامية، التي تعلق مصير البلاد على مصالحها السياسية والمذهبية.
  وراى انه عندما يجعلون من لبنان ساحةً لفلتان السلاح، والفرز الطائفي، ومخالفة القوانين، وحماية المجرمين والهاربين من العدالة، سيهون عليهم تعطيل المؤسسات، وتبرير الشغور في رئاسة الجمهورية، وإسقاط اعلان بعبدا، وسيهون عليهم الاستخفاف بدماء الشهداء، وتجنيد آلاف الشبان للتورّط في الحرب السورية، والتّباهي بتقمّص ادوار الدول العظمى.
  وشدد على انه من غير المسموح في هذا الزمن، ممارسة التّرف السياسي، فيما البلاد تعيش فراغاً في موقع الرئاسة، ومن غير المسموح ممارسة التّرف السياسي فيما الحرائق تشتعل حولنا، وليس هناك في العالم من يطفئ النار، بل متسابقون على صب الزيت فوقها.
  واشار الى ان هناك من قرّر أن يقاتل في الأماكن الخاطئة وتحت شعاراتٍ خاطئة، وإذا كانت الدولة قاصرةً عن وضع حدٍ لهذا الخلل فإنّ هذا القصور يستدعي رفع مستوى الاعتراض السياسي على إقحام لبنان في الصراعات العسكرية، ويستدعي هذا القصور مناشدة أهل العقل والحكمة والوطنية في الطائفة الشيعية، المبادرة لتفكيك أخطر الألغام التي تهدد سلامة العيش المشترك.
  ولفت الى إن لبنان يدفع يومياً من تقدّمه واستقراره، ضريبة الارتجال السياسي، والاستقواء العسكري، والتذاكي الدبلوماسي، والارتباك الاقتصادي والاجتماعي، ويدفع الاندفاع غير المسؤول في تعريض مصالح لبنان للخطر، عبر التحامل على الدول الشقيقة، وعلى رأسها السعودية ودول الخليج العربي التي لم تبادرنا يوماً بأي أذى، متسائلا:"أيّ عقلٍ متهوّر يحرّك هذه السياسات، في مقاربة العلاقات الأخوية؟، هل نحن أمام أحزابٍ تعمل لله، أم أمام أحزابٍ تعمل للفتنة؟"، مشددا على اننا عرب على رأس السطح، ولن نسمح لأحد بجر لبنان الى خانة العداء للسعودية ولأشقائه العرب، ولن يكون لبنان تحت أي ظرفٍ من الظروف ولايةً إيرانية، فنحن عرب، وعرباً سنبقى.
  وراى انه من الافضل ان تستريح بعض القيادات عن استخدام المنابر لإثارة الغرائز المذهبية، معتبرا انه من الأفضل لنا جميعاً، أن نتفرّغ لمعالجة مشكلاتنا، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، بروح التعاون على إنقاذ لبنان.
  ولفت الى ان في قاموسنا، إنّ رئاسة الجمهورية اللبنانية، أولى بالاهتمام وبذل الجهد من رئاسة الجمهورية السورية أو العراقية أو اليمنية، وان مصلحة الوطن في فك الحصار عن الرئاسة والحكومة ومجلس النواب، لا في المشاركة بمحاصرة مضايا وحلب والمدن السورية.
  واشار الى انه "كانت لدينا جرأة المبادرة وتحريك المياه السياسية الراكدة من منطلق يتجاوزالمصالح الخاصة لتيار "المستقبل" الى مصلحة لبنان بإنهاء الشغور الرئاسي".
  ورأى ان مصير رئاسة الجمهورية في يد اللبنانيين، وان الرئاسة تصنع في لبنان وعلى أيدي اللبنانيين، مؤكدا اننا من جانبنا، نملك الشجاعة لاتخاذ الموقف، والإعلان بأننا لن نخشى وصول أي شريكٍ في الوطن الى رأس السلطة، طالما يلتزم اتفاق الطائف حدود الدستور والقانون، وحماية العيش المشترك، وتقديم المصلحة الوطنية وسلامة لبنان على سلامة المشاريع الإقليمية.
  ولفت الى "اننا انطلقنا من أن الفراغ كارثة، والبعض لا يزالون حتى اليوم يقولون: لا ضرورة للعجلة، و21 شهر من الفراغ ليصبحوا 24 و36، ليست لديهم أية مشكلة".
  ولفت الى انه من يفكر للحظة، وبصدق، يعرف لماذا اعتبرت، أن واجبي الأول والأخير، هو وضع حدّ للفراغ في الرئاسة، لذلك اننا نريد أن نضع حداً للفراغ.
  واشار الى اننا لم نتوصّل لنتيجة بملف رئاسة الجمهورية، ولم نرشح رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون، بعكس ما يقول البعض اليوم، ولا حتّى وعدناه بتأييد ترشيحه، وبقي الفراغ، موضحا ان من الزعماء الأربعة المسحيين، لم يبق إلا رئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية.
  ولفت الى انه بعد سنة ونصف من الفراغ، وبعدما رفض كل الافرقاء، حلفاء وخصوم، تبنّي مرشح توافقي من خارج الأربعة الذين تعاهدوا فيما بينهم في بكركي، وبعدما رفض كل الافرقاء، حلفاء وخصوم، تبنّي مرشح توافقي من خارج الأربعة فتحنا حوارا مع فرنجية، موضحا ان الهدف هو إنهاء الفراغ ووضع حدّ للتدهور والعمل على تحسين وضع لبنان السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني والمعيشي وحماية النظام والسلم الأهلي.
  واكد "اننا كنّا أوّل الداعين وأكثر المرحبين بالمصالحة بين حزب "القوات" والتيار الوطني الحر وليتها حصلت قبل زمن بعيد، كم كانت وفّرت على المسيحيين وعلى لبنان"، لافتا الى ان "هذه الخطوة أدّت برئيس حزب "القوات" سمير جعجع أن يقرر الانسحاب من السباق ويعلن رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون مرشح القوات اللبنانية لرئاسة الجمهورية"، معتبرا ان هذا من حقه وحق عون في نظامنا الديمقراطي ودستورنا، مضيفا:"الآن وصلنا إلى هنا، عظيم.

أين المشكلة، بات لدينا ثلاثة مرشحين: فرنجية، عون  والنائب هنري حلو"، لافتا الى انه يمكن أن يكون هناك مرشّحون آخرون، فلدينا دستور ونظام ديمقراطي يقول: تفضّلوا إلى مجلس النواب.

  وقال:"تفضّلوا إلى مجلس النواب وانتخبوا رئيسا، إلا إذا كان مرشحكم الحقيقي هو الفراغ"، مؤكدا "اننا كما كل مرّة، من 21 شهرا، من 35 جلسة، سنكون أوّل الحاضرين، ومن ينتخب رئيساً، سنكون أول المهنئين، وأنا سأكون أول من يقول له مبروك فخامة الرئيس، وأوّل من يقول: مبروك للبنان"، مضيفا:"أمّا أن يحمّلونا مسؤولية الفراغ، بعد 21 شهر تعطيل جلسات انتخاب، ويقولوا إمّا المستقبل يعلن أن عون مرشّحه أو أن الفراغ سيستمرّ، وليست هناك عجلة "إيه هيدي ما بتركب عا قوس قزح" ولا تنطلي على أحد".
  وسأل تقاطعون كل جلسة، وتمنعون النصاب، ولا تقبلون إلا أن تعرفوا النتيجة سلفا، وتريدون تحميلنا نحن المسؤولية؟، لافتا الى اننا لا نقبل من أحد أن يقول لنا أنه من حقّنا الدستوري أن نقاطع الجلسات، ليبرر هو مقاطعته غير الدستورية للجلسات، لأن الحق الدستوري ليس ملكي ولا ملكه ولا ملك أحد. الحق الدستوري، ملك الدستور، وملك البلد، وملك المواطنين.
  كما سأل:"الوفاء للحلفاء جميل، لكن ما نفع الوفاء إذا كان على حساب مصلحة لبنان؟، وإذا كان هدفه استمرار الفراغ؟"، معتبرا ان "الوفاء الأصلي هو الوفاء للبنان، لأن الوفاء للبنان هو أساس الوفاء للحلفاء، ولكل اللبنانيين".
  واشار الى انه "إذا كانوا يريدون تعييرنا بأننا لا نلعب أي دور إقليمي، فنعم، نحن لا نلعب أي دور إقليمي، ونحن فخورون أنه ليس لدينا أي دور إقليمي، وليس لدينا أي دور بالدم السوري، وليس لدينا أي دور بالدم العراقي وليس لدينا أي دور بالدم اليمني"، لافتا الى "اننا على رأس السطح ليس لدينا دور إلا بالاعتدال، وبالحوار وبالبحث عن الحلول في لبنان وفي الوطن العربي. هكذا علمنا رفيق الحريري".
  اضاف:"غيرنا يريد أن يلعب أدوارا عسكرية، ويغرق بدماء شعوب عربية، يريد أن يرسل شباباً لبنانيين إلى الموت خارج الحدود، فهذه مشكلته وليس عيبنا، هذه جريمته، وليست تهمتنا أو ستقولون لنا أن هذا أيضا حق دستوري "فتخنتوها".
  ولفت الى "اننا اليوم نكرر التزامنا بشهدائنا بحقّهم بدمائهم، بمسيرتهم، بالمحكمة الدولية، والتزامنا بالدولة، وبالمشروع الوطني، بمشروع رفيق الحريري الوطني، وباقون على التزامنا. نحن مشروع وطني، وتيار المستقبل يرفض أن يتحوّل إلى مشروع طائفي أو مذهبي، ونحن مشروع يفتح الأبواب بين اللبنانيين ويفتح الآفاق والآمال أمام اللبنانيين وليس مشروع رفع متاريس وجدران وأسوار بين الزواريب والنفوس والطوائف، ونحن مشروع وطني عابر للطوائف، خصوصاً عندما يكون غيرنا مشروع طائفي عابر للأوطان".
  واضاف ان "الرابع عشر من آذار التي ستبقى عنواناً للتمرّد على حقبة الوصاية السورية، ورفض كل أنواع الوصايات البديلة، ويعزّ عليّ، وعلى الأخوة والأخوات في تيار المستقبل، أن يأتي هذا اليوم، وسط مناخات غير مستقرة بين قوى 14 آذار، وأن تتقدّم التباينات في وجهات النظر، على الثوابت التي نلتقي حولها، وهذه مناسبة لدعوة قوى 14 آذار، وفي طليعتها تيار المستقبل للقيام بمراجعاتٍ نقدية داخلية، يمكن أن تتولّى الأمانة العامة تحريكها والعمل عليها.
  ولفت الى ان مصير لبنان في يدنا نحن، ولبنان سيحكم من لبنان، ولن يحكم من دمشق أو طهران أو أي مكانٍ آخر، مشيرا الى اننا لقد اخترنا مواصلة السير على الطريق التي أرادها رفيق الحريري، طريق العلم والبناء والحرية والوفاق والكرامة الإنسانية والاجتماعية.
  واكد اننا لن نتأخّر عن التضحية عندما تدعونا المصلحة الوطنية الى التضحية، معتبرا ان على الجميع أن يعلم أن للتضحية خطوط حمراء نعرف تماماً كيف نرسمها ومتى نرسمها وندافع عنها في مواجهة المتطاولين على كرامة الدولة وسلامتها.