بالرغم من ان النظام الحاكم في إيران تولى توقيع الاتفاق النووي مع الدول الغربية ألست وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية. وتم الاعلان عن رفع العقوبات الإقتصادية التي فرضت على البلاد منذ ما يقارب الأربعة عقود تاريخ إنتصار الثورة الإسلامية في أواخر سبعينيات القرن الماضي التي قادها رجال الحوزة الدينية وعلى رأسهم الإمام الخميني. وعليه يتم التسويق لهذين الأمرين /توقيع الاتفاق ورفع العقوبات /في مختلف الأوساط الإيرانية باعتبارهما انتصارين كبيرين.
  بالرغم من ذلك إلا أن المزاج السياسي الإيراني الداخلي لا يزال يتحرك وفق ما كان عليه خلال العقود الماضية باعتماد الوسائل التي انطلقت على أساسها الثورة. بحيث أن الجناح المتشدد وهو ما يطلق عليه بالجناح المحافظ لا يزال يحكم قبضته الحديدية. ويمنع حصول اي تحول في هذا المزاج. وهذا يعني ان هذا الجناح يريد أن يأخذ من المجتمع الدولي ما يعتبره حقوقا إيرانية دون أن يتنازل عن اي شيء يعتبره من صميم مبادئه وشعاراته وقناعاته ودون ان يقدم أي شيء. 
  وفي السياق فإن / مجلس صيانة الدستور / وهو الهيئة التي يوكل إليها الدستور الإيراني مهاما محددة تتعلق بالموافقة على المرشحين لرئاسة الجمهورية ومجلس الخبراء ومجلس الشورى. فأنه لجأ إلى نفس الآلية التي يستخدمها من أجل قطع الطريق على التيار الإصلاحي. والحيلولة دون ان تتقوى شوكته وتتوسع قاعدته. في تحديد الأسماء المؤهلة للترشح للانتخابات المقبلة لمجلس الشورى الإيراني. 
  فمن بين حوالي أثني عشر ألف طلب ترشيح للإنتخابات فإنه لم يتم الموافقة سوى على ما يقارب الخمسة آلاف من الطلبات المقدمة. فيما لم يحصل التيار الإصلاحي سوى على ثلاثين ترشيحا من أصل ثلاثة ألاف. اي بنسبة واحد بالمائة. وهذا يعطي انطباعا عن توازن القوة بين التيارين على الساحة الإيرانية. وعن المزاج العام الذي يريد التيار المتشدد أن يحافظ عليه في المشهد السياسي الإيراني. 
  فمن الصعوبة بمكان قبول فكرة حصول تحول في المزاج الإيراني بعد الاتفاق النووي ورفع العقوبات. ومصدر هذه الصعوبة تقوم على خلفية متوارثة هي ان ثقافة الصراع والنزعة الانعزالية والشعور بالفوقية ضاربة الجذور في الوعي السياسي لدى النخبة وشرائح واسعة من المجتمع الإيراني الذي تغذى طيلة عقود بما تقدمه النخب السياسية والفكرية من صرعات وتقليعات باتت جزءا من الوعي الجماعي الإيراني. 
  لقد بنى النظام الإيراني ايديولوجيته الحالية على نقد الآخرين. وتعليق جميع الأزمات الداخلية بما في ذلك الأزمات الاجتماعيه والاقتصادية على العامل الخارجي.  والقيادة الإيرانية تدرك أن رفع العقوبات الغربية عن البلاد لا يعني سوى تحويل الأعباء السياسية نحو الداخل. اي ان رفع العقوبات لا يعني إلا رفع المبررات السابقة. وهو الأمر الذي سيجعل النظام السياسي في مواجهة مع الشارع الإيراني.

ومن هنا يمكن فهم زحف التيار المتشدد قبيل الانتخابات. والهدف هو إبقاء الشارع الإيراني تحت سلطة التحكم والتشدد..