الجواب الذي يقدمه المتابعون أنفسهم من قرب لـ"حزب الله" ولمحوره الإقليمي عن سؤال: هل تُقدم السعودية على خطوات تُنهي الاستقرار النسبي في لبنان بعدما اعتمدت سياسة الهجوم العسكري المباشر وغير المباشر في اليمن وسوريا والهجوم السياسي في دول أخرى؟ الجواب هو: "يتوقف ذلك على الأهداف التي تريد المملكة تحقيقها والذي يُجيب عن سؤال واضح وصريح هو الآتي: ماذا تريد؟" لكن هؤلاء ينقلون انطباعات "الحزب" وتحليلاته فيقولون أولاً إن السعودية منزعجة جداً من "الاتفاق النووي الدولي" الذي وُقّع مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ولم يبدد انزعاجها اجتماع كامب دافيد الشهير الذي ضم إلى الرئيس أوباما قادة دول مجلس التعاون الخليجي والضمانات التي قدمها لهم، رغم اقتناعهم بأن التحالف بين الفريقين لا يزال قائماً وأن الدفاع عن دولهم يبقى التزاماً أميركياً راسخاً. ويقولون ثانياً إن السعودية انزعجت لأن الاتفاق النووي أتاح لأميركا اعتبار إيران ركيزة أساسية في المنطقة بل إحدى أبرز الركائز وأقواها، ذلك أنها كانت الركيزة الأساسية ولا سيما في الخليج وحتى في العالم العربي قبل "الربيع العربي" وبعد "اندلاعه". ووقفت في وجه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في ستينات القرن الأخير وسبعيناته بعدما ساءت علاقته بأميركا، وكانت جيدة على ما يؤكد كثيرون من المصريين وعرب آخرين ومن الأميركيين في السنوات الأولى لثورة أو انقلاب العام 1952. وهي كانت مع سوريا أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد القوة العربية الأكثر أهمية في نظر واشنطن. أما الآن فإن المملكة العربية السعودية ترى أن مصالح إيران الإسلامية، العدو اللدود لها منذ قيامها، بدأت تتلاقى مع مصالح أميركا. وقد ساعد "الربيع العربي" بعد تعسكره في سوريا، وبعد التطورات في العراق في أعقاب انسحاب أميركا عسكرياً منه والإرهاب الإسلامي المتشدد الذي انتشر في سرعة وصار يهدد المنطقة بل العالم كله، ساعد في جعل طهران وواشنطن نفسيهما معاً في مواجهة الإرهاب.
ويقول المتابعون أنفسهم ثالثاً إن الجيل الثالث، وقد بدأ يتسلّم القيادة في السعودية بإشراف ملك من الجيل الثاني وإخوان قليلين له، يريد إظهار قوته وكفاءته أمام الشعب السعودي والعالم العربي والعالم الأوسع. وربما يريد هذا الجيل عبر ممثّليْه في الحكم اليوم ولي العهد وولي ولي العهد الأميران محمد بن نايف ومحمد بن سلمان توريط أميركا بسياساتهم الهجومية معتمدين على استعدادها "الدائم" لحماية بلادهم إذا تعثّرت أو إذا تعذّر عليهما تنفيذها. وفي هذا المجال ربما لا تمانع أميركا، في رأي المتابعين أنفسهم كما في رأي قياديين من "حزب الله"، في تورّط الوليَّين إذ ربما ينجم عن ذلك قرار سعودي على أعلى المستويات بضرورة جعل المملكة دولة ونظاماً فعليين تحكمهما المؤسسات والقوانين في ظل عائلة حاكمة كان لها فضل تأسيسها. ويبرر هؤلاء هذا الرأي المتعلّق بأميركا بأمر حصل في أوائل الربيع هو قيام ديبلوماسي أميركي في بداية "الربيع العربي" بالانتقال من الرياض الى القطيف والإحساء في المنطقة الشرقية (الشيعية بقسم كبير من سكانها) حيث التقى مرجعيات دينية وسياسية فيها وقال مباشرة لها: "الآن هو وقت تحرُّكِكُم". تشاور هؤلاء مع إيران الإسلامية فكان جوابها: "كل شيء إلا الأميركيين. لا تتعاونوا معهم". في أي حال، يضيف المتابعون أنفسهم، جرت أيام الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز محاولة حوارية على صعيد الداخل السعودي لحل المشكلات أو الإشكالات بين الحكم السني والأقلية الشيعية في البلاد. وأخرى على صعيد أوسع تعلّقت بإجراء حوار دائم بين الأديان. وقد أسفرت المحاولة الثانية عن تأسيس حركة حوار عالمي لا يزال ناشطاً حتى اليوم. أما المحاولة الأولى فلم تُلاقٍ النجاح المطلوب، إذ لم تستطع اجتذاب شخصيات دينية وغير دينية مهمة من "المجتمع الشيعي" في السعودية لبدء حوار جادّ ومعمَّق. إلا أن شخصية واحدة (حسين النشّار على الأرجح) شاركت في الحوار ثم وضعت كتاباً ركّزت فيه على ضرورة الولاء للمملكة. ويعود إخفاق المحاولة الأولى في رأي المتابعين أنفسهم إلى كون ما عُرِض على شيعتها أقل من أدنى الحقوق في رأيهم وليس كامل الحقوق التي يتمتع بها سائر المواطنين السعوديين، علماً أنهم على ما يقولون ممنوعون من العمل في أسلاك التربية والتعليم وأيضاً في القضاء، كما أن هناك قيوداً على حريتهم العبادية.
هل تصل السعودية وإيران إلى الاشتباك العسكري المباشر؟