لا يمضي يوم الا ونسمع عن هجوم او اعتداء جديد تشنه المجموعات المتطرفة والارهابية على مدينة او عاصمة جديدة واخر هذه الهجمات الهجوم على احد الفنادق في بوركينا فاسو مما ادى لمقتل وجرح العشرات، وقبل يومين كان الهجوم المتعدد على العاصمة الاندونيسية جاكرتا والذي ادى لمقتل المهاجمين وسقوط عدد من افراد الشرطة على ايدي المهاجمين، وسبق ذلك التفجير الانتحاري في اسطنبول وهي العاصمة السياحية والاقتصادية لتركيا فسقط عدد من الضحايا من السياح الالمان والاتراك، ولا يخلو يوم من تفجيرات انتحارية في العراق وسوريا واليمن ومصر ، اضافة لما يجري في ليبيا من تمدد لتنظيم داعش ، والمخاوف المنتشرة في لبنان من احتمال حصول تفجيرات انتحارية ، كما يتم يوميا اعتقال عدد من الذين يخططون او خططوا لتفجيرات انتحارية في لبنان.

كل هذه المعطيات تؤكد ان كل الحروب على الارهاب والتطرف لم تؤد الى نتيجة فعالة ولم تحقق انجازات مهمة ، وان كل المؤتمرات عن التطرف والارهاب والعنف لم تصل الى نتائج عملية. قد يكون صحيحا ان تنظيم داعش قد تراجع دوره في العراق وسوريا على صعيد الانتشار واحتلال المساحات من الاراضي لكن خطره يزداد ويتمدد الى دول اخرى في كافة انحاء العالم ، وهاهو تنظيم القاعدة يعود للعمل بقوة وهو من اعلن المسؤولية عن هجوم بوركينا فاسو ، وهناك مخاوف من انتشار الارهاب في دول اخرى.

اذن يمكن القول ان الحملة على الارهاب قد فشلت حتى الان وان كل التحالفات الدولية لم تحقق انجازات مهمة ولا ندري اذا كنا سنصل الى نتائج عملية في الاشهر المقبلة. وكل ذلك يتطلب البحث مجددا عن فشل هذه الحروب والحملات ، ولا يستطيع احد ان يضع اجوبة سريعة وصحيحة لان المطلوب اعداد دراسات وتحقيقات معمقة حول ذلك ، لكنني ومن خلال الاستماع الى عشرات المحاضرات والمشاركة في العديد من المؤتمرات يمكن ان اطرح بعض الاحتمالات التي تحتاج لمتابعة وبحث ، ومنها:

اولا : ان الدول الغربية واميركا وروسيا ليست جادة في مواجهة الارهاب والتطرف بل هي تقوم بحملات ضده في اماكن معينة وتدعمه وتسهل عمله في دول اخرى في اطار الصراعات الدولية والاقليمية.

ثانيا: ان استمرار الصراعات الاقليمية والمحلية واخرها الصراع السعودي – الايراني تساعد في انتشار الارهاب وحصول المجموعات الارهابية على دعم ما وتأمين بيئات مساعدة لانتشاره.

ثالثا: الفشل في الوصول الى تسويات سياسية في العديد من الدول واستمرار الصراعات في هذه الدول مثل ليبيا واليمن والعراق وسوريا ومصر ، مع احتمال انتقال هذه الصراعات الى دول اخرى كتركيا ولبنان والاردن والسعودية ودول الخليج ، مما سيساعد الارهابيين على العمل والانتشار.

رابعا: انقسام العالم الى عدة محاور وعدم التعاون الجدي بين كل الدول وتساهل بعض الدول مع الارهابيين.

خامسا: استفادة اجهزة المخابرات الغربية والعربية من الارهابيين وتركهم يتحركون لحسابات سياسية او امنية.

سادسا: استمرار وجود الظلم والديكتاتورية والفقر والقهر في العديد من الدول العربية والاسلامية ووصول القهر الى دول غربية ، وكذلك استمرار الارهاب الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني وانتشار موجات العنصرية في الدول الغربية مما يعزز من دور الارهابيين.

سابعا: عدم صدق المؤسسات الدينية الاسلامية ورجال الدين المسلمين في مواقفهم بانهم ضد الارهاب لانهم من خلال اعمالهم ومواقفهم يحرضون على الكراهية والحقد مع انهم يتحدثون عن الحوار وقبول الاخر وهناك عشرات الادلة على ذلك.

نحن اذن امام معضلة كبرى لا يمكن مواجهتها بدون دراسات شاملة وتعاون دولي واقليمي حقيقي واذا لم يحصل ذلك فالارهاب سيتمدد وسينتشر في كل بلد ومنطقة والايام المقبلة شاهد على ما نقول.