فجأة وبسحر ساحر تراجع الملف الرئاسي الى الصفوف الخلفية فاسحا المجال أمام "قنبلة "، التفعيل الحكومي، التي رماها الرئيس سلام في وجه العماد عون، و"لغم" أزمة النفايات الذي اشعل صاعقه "استاذ" عين التينة، تزامنا مع انسحاب إحدى الشركتين، محاولا بدوره ملاقاة الرابية في منتصف الطريق، بعد زيارة "الصهر المواطن" الى عين التينة، قد يكون ارتباطا بانتخابات جزين، في الوقت الضائع المقتطع الذي يحاول خلاله كل من الفريقين الآذاريين ترميم صفوفهما.

فاتفاق الحريري – جعجع على تجميد "مبادرتيهما الرئاسيتين" تحت ضغط المعطى الاقليمي الداهم، وفق ما أوحى به كلام وزير الداخلية من معراب، لم يسقط الحسابات الداخلية المتقاطعة بين أكثر من معني بالملف وفق الخريطة السياسية الجديدة. فالرئيس سعد الحريري وبالاتفاق مع مرشحه قرر التزام "النصيحة السعودية" وعدم الذهاب نحو نسف تحالف الرابع عشر من آذار، في خطوة يحرص عليها "الحكيم" بدوره، ما دفع بالجنرال الى تأجيل زيارته الى معراب لأجل غير مسمى، و"المتوجس" أصلا من عدم رضى حارة حريك لاعلان القوات ترشيحه،مدفوعا "بالبوانتاجات" غير المشجعة.

واذا كانت جلسة الاثنين الحوارية المسائية بين حزب الله والمستقبل قد تمخضت عن "تسوية" بين الفريقين لتمرير التعيينات الامنية والعسكرية، تقوم على ارضاء العماد عون بوعده بتعيين قائد جديد للجيش بعد سبعة أشهر وأن يكون العضوان الاورثودكسي والكاثوليكي في المجلس العسكري من حصته (وفقا لمبادرة سبق لبري أن عرضها ورفضتها الرابية)، معتبرة أن الصيغة المقترحة ستجعل من الجنرال "شريكا" في قيادة وتحد من الصلاحيات الاستثنائية التي يمارسها قهوجي في ظل الشغور القائم حاليا.

"طبخة" يبدو أن عقدة انجازها أصبحت ثنائية. فالعماد عون يصر على "تصحيح مخالفات وزير الدفاع" في هذا الخصوص، كشرط واضح للحضور، وتعيين العميد جورج شريم عن المقعد الكاثوليكي، ما جعل قرار التيار متأرجا بين مقاطعة جلسة مجلس الوزراء أو نصف مشاركة، في مقابل تأكيد الرئيس سليمان،"صاحب القرار" بوصف وزير الدفاع من حصته، على ضرورة أن تتم "وفقا للآليات المتبعة"، على أن تطرح في جلسة الاسبوع المقبل مراعية "الكفاءة والأقدمية"، مع أرجحية للعميد غابي الحمصي، في خطوة صبت، بحسب البعض، في مصلحة تحالف سليمان-قهوجي، معيدة التوازن الى اللعبة داخل المؤسسة.

تسليف المواقف الذي استمر أمس، أعاد فتح جبهة النفايات مع كشف الرئيس بري عن رفضه لحل التصدير، تزامنا مع اتصاله بقائد الجيش سعيا لحلحلة عقدة التعيينات، في خروج واضح عن الاتفاق الذي كان تم انجازه بمباركته، على هامش استفاقة مضادة لوزير البيئة، استكمالا لهجوم سلام "الحكومي"، مستهدفا "المحارق العونية".

وسط كل ذلك استمر وزير الداخلية مغردا خارج السرب محاولا جمع التاييد لاجراء الانتخابات البلدية في موعدها، والتي بالتاكيد باتت مرتبطة بدرجة أولى بما سينتج عن معادلات قد ترسيها التفاهمات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، مع دخول ملف توقيف هنيبعل القذافي منعطفا خطيرا، تمثل بخطف "كتيبة المعتصم بالله"، تنفيذا لتهديدات "المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية" ( التي تبلغتها المحامية بشرى خليل عبر اتصال هاتفي منذ عشرة أيام) رهينتين لبنانيتين لمقايضتهم بنجل القذافي، رغم تأكيد الخارجية أن الأمر مرتبط بخلافات مالية ولا علاقة له بقضية الصدر وتداعياتها.

الاكيد أن خطوة الرئيس سلام جاءت لتؤكد اصرار القيادات السياسية على تفعيل العمل الحكومي، بمشاركة من حزب الله هذه المرة، في رسالة يعتبرها البعض موجهة ضد "التعاون الناشئ" بين الرابية ومعراب، في خطوة قد تكرس توازنات جديدة على الساحة الداخلية، نتيجتها مزيدا من العزل والاستفراد للمسيحيين.

  المصدر:ليبانون ديبايت