اسطنبول كانت أمس هدفاً لإرهاب تنظيم «داعش». أحد انتحاريي التنظيم، وهو سوري، اختار قلب عاصمة الاقتصاد والسياحة في تركيا تاركاً بصمة موت حصدت عشرة سياح بينهم 8 ألمان، وعدداً من الجرحى، على بعد أمتار من مسجد السلطان أحمد الأثري.

لكن الإرهاب واحد بغض النظر عمّن ينفذه وفق الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي اعتبر أن «داعش» و»حزب العمال الكردستاني» التركي و»حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي السوري ووحدات حماية الشعب الكردية السورية أيضاً، كلها مجموعات إرهابية. وفيما حذر من أن سوريا باتت بؤرة تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، قال اردوغان إن إيران تسعى لإشعال المنطقة عبر زيادة التوتر المذهبي.

فقد هز انفجار قوي منطقة السلطان أحمد الأثرية وسط اسطنبول صباحاً، مما أدى إلى سقوط 10 قتلى على الأقل بالإضافة إلى أكثر من 15 جريحاً.

وأغلقت الشرطة التركية المنطقة التاريخية التي تعد نقطة جذب سياحي وعادة ما تعج بالسياح، فيما اتهم الرئيس التركي انتحارياً من أصل سوري بتنفيذ الهجوم. وأضاف على الغداء المقام في أنقرة للسفراء الأتراك في كلمة بثها التلفزيون على الهواء: «أدين الحادث الإرهابي في اسطنبول الذي جرى تقييمه على أنه هجوم نفذه انتحاري من أصل سوري. لسوء الحظ هناك عشرة قتلى بينهم أجانب وأتراك.. هناك أيضا 15 مصاباً«، وتابع «هذا الحادث يظهر مرة اخرى ان علينا ان نقف معا في وجه الارهاب».

وقال ان «حزم تركيا لم يتغير»، مضيفا ان «تركيا هي الهدف الاول لجميع الجماعات الارهابية الناشطة في المنطقة، لان تركيا تقاتل ضدها جميعا بالتصميم نفسه«، وتابع قائلًا «إذا لاحظتم فإن تركيا تتصدر أهداف المنظمات الإرهابية، التي تنشط في المنطقة، لأنها (تركيا)، لا تميز بينها جميعًا، وموقفها ثابت تجاهها»، متسائلًا، «هل توجد دولة أخرى في العالم تواجه تنظيم داعش الإرهابي بحزم أكثر من تركيا، وتدفع ثمنًا مثلنا؟«.

وتطرق اردوغان، إلى الأزمة السورية الممتدة منذ نحو 5 سنوات، حيث أوضح أن «سوريا تحولت إلى بؤرة، تهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي»، مؤكدًا أن الشعب السوري «تعرض للظلم من قبل المنظمات الإرهابية من جهة، ومن النظام السوري وبعض الدول الداعمة له من جهة أخرى«.

وقال إن «إيران تستغل التطورات في اليمن والعراق وسوريا، لتوسيع نفوذها في المنطقة»، مشيرًا إلى أنها (إيران) «توتر علاقاتها بالسعودية بشكل متعمد«.

وانتقد اردوغان التدخل العسكري الروسي مع النظام في سوريا بذريعة توجيه دعوة التدخل إليه، مضيفًا «يجب أن نسأل أولئك الذين تدخلوا في سوريا بزعم تلقيهم دعوة، هل وجهت إليكم جورجيا وأوكرانيا دعوة أيضًا«.

وشدد اردوغان على أن «روسيا لا تواجه داعش، إنما تعمل على إقامة دويلة سورية في اللاذقية ومحيطها»، متهمًا إياها باستهداف التركمان في ريف اللاذقية برغم عدم وجود داعش فيها«.

وأوضح أن «الغاية الأساسية للذين جاءوا إلى سوريا بذريعة محاربة داعش، هي حماية النظام السوري من السقوط»، مضيفًا «العمليات العسكرية الروسية في سوريا تعمق المشاكل في المنطقة«.

وقال اردوغان إن البحر المتوسط «تحول إلى مكان محزن للجميع، بسبب أزمة الهجرة الممتدة من سواحل المتوسط إلى أوروبا، في وقت اكتسبت فيه التيارات الخطرة مثل الإسلاموفوبيا، والعنصرية، والعداء للأجانب، قوة أكثر تحت تأثير الأزمة الاقتصادية«.

وفي ما يتعلق بالشأن الداخلي، أكد اردوغان أن بلاده «تعاني مشكلة الإرهاب التي تعانيها دول عديدة، وليست لديها مشكلة كردية«. وأضاف «أريد أن أبعث برسالة من هنا إلى العالم، ليس لتركيا أي مشكلة مع مواطنيها الأكراد، يعني لا مشكلة كردية في تركيا «، مشددًا على أن جنوب غربي البلاد، توجد فيها مطارات، وجامعات، ومدراس، شأنها شأن المناطق الأخرى في البلاد.

وأكد رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل في اتصال هاتفي أن معظم ضحايا الاعتداء هم من السياح الألمان، مشيراً إلى أن منفذ اعتداء اسطنبول من تنظيم «داعش«.

واوضح مصدر حكومي أن داود أوغلو قدم تعازيه للمستشارة الألمانية أثناء المكالمة وقال: «إن تفاصيل التحقيق الذي يجري بدقة سيتم تقاسمها مع الطرف الألماني«، فيما قال مسؤول تركي إن 9 من الأشخاص العشرة الذين قتلوا في الهجوم الانتحاري هم من الرعايا الألمان، بحسب ما نقلت «فرانس برس«.

وقد طلبت ألمانيا عقب الحادث من مواطنيها تجنب المواقع السياحية في اسطنبول.

وقالت وزارة الخارجية النروجية في وقت سابق إن نروجياً أصيب في الانفجار ويتلقى حالياً العلاج في مستشفى بتركيا. وذكرت المتحدثة باسم الوزارة أن إصابته «لا تهدد حياته«.

وعقد رئيس الحكومة التركية اجتماعاً أمنياً طارئاً عقب الحادث ضم أبرز المسؤولين الأمنيين وبينهم وزير الداخلية افكان آلا ورئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان، على ما أوضح مصدر لوكالة «فرانس برس» طالباً عدم كشف اسمه.

وقال نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش إن معظم قتلى الانفجار أجانب، وأوضح أنه جرى التعرف على أشلاء الانتحاري المشتبه به مشيرا إلى أنه من سوريا ومن مواليد عام 1988. وأضاف في مؤتمر صحافي في أنقرة أن اثنين من المصابين في حال خطيرة.

ووصلت سيارات الإسعاف وأعداد كبيرة من الشرطة إلى المكان الذي يقع بالقرب من أشهر المعالم الأثرية التركية بإسطنبول مثل آيا صوفيا والمسجد الأزرق، بحسب الصور التي بثتها شبكات التلفزيون التركية.

وقال قورتولموش إن منفذ تفجير اسطنبول الانتحاري يعتقد أنه عبر إلى تركيا من سوريا أخيراً ولم يكن على قائمة الترقب التركية لمن يشتبه بانتمائهم لجماعات متشددة. وتابع إنه يجري تعقب آلاف الأشخاص للاشتباه في صلاتهم بمتشددين لكن المهاجم لم يكن من بينهم.

وأجرى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً بالرئيس التركي، أعرب خلاله عن تعازيه في ضحايا حادث التفجير الإرهابي الذي شهدته اسطنبول.

وندد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بـ»العمل الشنيع»، معربا عن «تضامنه» مع أنقرة، في حين دان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون «الجريمة الحقيرة».

واكد مسؤول في الحكومة التركية بداية مقتل تسعة سياح ألمان لكن وزير الخارجية الالماني فرانك فالتر شتاينماير اعلن مساء ان ضحايا بلاده ثمانية.

واكدت سائحة ان «الانفجار كان قويا لدرجة ان الارض اهتزت» مضيفة «هربت مع ابنتي ولجأنا الى مبنى قريب. كان الامر مرعبا فعلا». وقال شاهد اخر ان دوي الانفجار سمع حتى ساحة تقسيم، على بعد كيلومترات من حي السلطان احمد.

ودعت المانيا مواطنيها الثلاثاء الى تجنب المواقع السياحية المكتظة في اسطنبول فيما نصحت باريس ايضا الفرنسيين بتجنب منطقة الاعتداء.

واعلنت ميركل في برلين ان «الارهاب الدولي يظهر مرة جديدة اليوم وجهه الدنيء والمزدري للحياة البشرية»، داعية الى التعاون لمواجهته. واضافت ميركل ان «الارهابيبن اعداء كل شعب حر، فهم اعداء الانسانية، سواء في سوريا، او تركيا او فرنسا او المانيا انهم يستهدفون حياتنا الحرة ومجتمعنا الحر» وتعهدت بان برلين ستحاربهم «بكل عزم».

قالت وزارة الخارجية الروسية في بيان إن التفجير الذي شهدته مدينة إسطنبول التركية يؤكد الحاجة إلى أن تتحد الدول بشكل عاجل في محاربة الإرهاب.

ودان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية «بشدة التفجير الإرهابي الذي استهدف مدينة إسطنبول، ونتقدم بالتعازي لذوي الضحايا».