في السياسة اللبنانية فرادة قلّ نطيرها على مستوى العالم عموما والعالم العربي خصوصا، إذ نجد وزير خارجية البلاد ينطق ويتصرف في سياسة البلاد الخارجية حسب الأهواء الشخصية والحزبية، وحسب ما تمليه عليه مصالح هذا الحزب أو ذاك بالرغم من أنه يمثل لبنان كجمهورية وكدولة.

إن حضور الوزير جبران باسيل اجتماع وزراء الخارجية العرب وخروجه عن السياق العام لهذا الإجتماع وتفرده برأي سياسي مخالف للسياق العام للوزراء العرب لم يأت بخلفية السياسة اللبنانية وإنما يأتي في سياق الإنتماءات الحزبية والإملاءات الحزبية التي تطبع سياسة الوزير باسيل .

لقد شاء جبران باسيل أن يتجرد من مهامه الديبلوماسية كوزير لخارجية لبنان فانفرد بآراء سياسية لا تخدم البلاد وتجرد من مسؤولياته كوزير للخارجية اللبنانية ليكون وزير الحزب الذي يحتل البلاد سياسيا وأمنيا وعسكريا فجاءت مواقفه اكثر انسجاما مع ولائه لحزب الله وأكثر بعدا عن السياسة اللبنانية المفترضة للجمهورية وللوطن .

إن سلوك وزير الخارجية جبران باسيل لم يكون خروجا على صلاحياته كوزير للخارجية اللبنانية وحسب بل كان أيضا اعتداء على سياسة لبنان وسيادة لبنان وقرارات لبنان المتعلقة بالشأن الخارجي وهذا التسيّب في سلوك الوزير المذكور يجب أن يخضعه للمحاسبة من قبل رئيس مجلس الوزراء فيما لو كانت العملية السياسية في لبنان عملية صحيحة سليمة قائمة على المعايير القانونية والمعايير التي يضمنها الدستور اللبناني.

إن هذا الإنحياز لوزير يمثل القرار السياسي الخارجي للبنان من شأنه أيضع أكثر من علامة استفهام على الممارسات الصبيانية لوزير بحجم وزارة الداخلية ومن شأنه أن يضع لبنان ضمن محاور ليست في صالح السياسة اللبنانية وليست في صالح الشعب اللبناني الذي لايزال قسم منه يقيم و يعمل لدى عدد من دول الخليج والدول العربية عموما .

ويبدو من خلال ما حصل في اجتماع وزراء الخارجية العرب أن وزير خارجيتنا جبران باسيل لا تشغله المفاصل المهمة للوطن ولا علاقات الوطن بجواره العربي والاسلامي وحتى كأنه لا تعنيه مصالح أكثر من نصف مليون لبناني يعيشون في السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ، ويصر وزير خارجيتنا أن يلعب خلال اجتماع من هذا النوع في زواريب السياسة اللبنانية عندما ينفرد وحده وبكثير من الخفة السياسية وقلة الخبرة في اتخاذ موقف لا يعبر عن موقف الحكومة اللبنانية ولا يتماهى مع سياسة الدولة وقراراتها في مقاربة القضايا العربية.

إن التصرف المخزي والمعيب الذي لجأ إليه الوزير باسيل خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب من شأنه أن يجعل لبنان بلدا ضعيفا لا حضور له على مستوى أشقائه العرب وإن التزام باسيل بخيارات سياسية أخرى لا تؤهله الإستمرار بمهامة كوزير للخارجية اللبنانية وإنما ينطبق عليه أن وزير في حزب الله وهو المنسجم أكثر بالعمل وفقا لتحالف تياره مع الحزب بعيدا عن المقررات السياسية التي تنسجم مع الحكومة اللبنانية وتطلعاتها تجاه أشقائها العرب .