من أجمل ما يمكن أن نقرأ، هذا الحديث عن الإمام محمد الباقر(عليه السلام)، الذي أعتبره ميزان التشيّع الحقيقي.. يقول الإمام الباقر(عليه السلام) لجابر بن عبدالله الأنصاري : "يا جابر، أيكتفي من ينتحل التشيّع أن يقول بحبنا أهل البيت، فوالله ما شيعتنا إلا من اتقى الله وأطاعه، وما كانوا يُعرفون يا جابر إلا بالتواضع والتخشّع و الأمانة، وكثرة ذكر الله، والصوم، والصلاة، والبرّ بالوالدين، والتعهّد للجيران من الفقراء وأهل المسكنة والغارمين والأيتام، وصدق الحديث، وتلاوة القرآن، وكفّ الألسن عن الناس إلا من خير، وكانوا أمناء عشائرهم في الأشياء". قال جابر : فقلت: يا بن رسول الله، ما نعرف اليوم أحداً بهذه الصفة.. 

فقال (عليه السلام ): "يا جابر، لا تذهبنّ بك المذاهب ، حَسْب الرجل أن يقول أحب عليّاً وأتولاه، ثم لا يكون مع ذلك فعّالاً ؟ فلو قال إني أحب رسول الله، فرسول الله خيرٌ من عليّ، ثم لا يتّبع سيرته، ولا يعمل بسنّته، ما نفعه حبه إياه شيئاً، فاتقوا الله واعملوا لما عند الله، ليس بين الله وبين أحد قرابة، أحبّ العباد إلى الله عزّ وجلّ وأكرمهم عليه أتقاهم وأعملهم بطاعته..

يا جابر، فوالله ما يُتقرَّب إلى الله تبارك وتعالى إلا بالطاعة، وما معنا براءة من النار، ولا على الله لأحد من حجة، من كان لله مطيعاً فهو لنا وليُّ، ومن كان لله عاصياً فهو لنا عدوّ، ولا تنال ولايتنا إلاّ بالعمل والورع".(الكافي،كتاب الايمان والكفر،باب الطاعة والتقوى ،ج2، صفحة74 ،حديث3)

فهل نحن شيعة أميرالمؤمنين علي عليه السلام حقا ؟

جوابا على هذا السؤال لا بد هنا من الإشارة إلى هذه الحقيقة المهمة، وهي أن أهل البيت عليهم السلام لطالما اشتكوا من هؤلاء الذين يدعون التشيع والأصحاب بما لم يشتكوا من حكام الجور وأعوان الظلمة ، وعندما نراجع التاريخ سنجد ذلك، فعندما وجد الامام الصادق أكثر من يدعي التشيع في زمانه كاذبا في دعواه لا يلتزم بدقة تعليماته وأقواله خاطبهم بصراحة : "كان أصحاب أبي والله خيرا منكم ،كان أصحاب أبي ورقا لا شوك فيه ،وأنتم اليوم شوك لا ورق فيه ،فقال أبو الصباح الكناني جعلت فداك : فنحن أصحاب أبيك، قال :كنتم يومئذ خيرا منكم اليوم" (رجال الكشي ،صفحة 350 ،رقم 655). وقد جاء سدير الصيرفي إلى الامام الصادق يحرضه على الثورة زاعما أن عدد الشيعة يبلغ مئات الألوف أو نصف الدنيا فقال له الامام :"والله يا سدير لو كان لي شيعة بعدد هذه الجداء(وأشار إلى قطيع) ما وسعني قعود ،فعد سدير الجداء ،فإذا هي سبعة عشر" (الكليني ،الكافي،الايمان والكفر،باب قلة المؤمنين ، صفحة242 _243 رقم 4) مما يدل على عدم اعتراف الامام الصادق بكثير ممن ينتحلون التشيع في تلك الايام . ولذلك غضب الامام عندما قال له أبوالصباح الكناني :"إنا نعير بالكوفة فيقال لنا "جعفرية" .

ثم قال _الامام_:"إن أصحاب جعفر منكم لقليل ،إنما أصحاب جعفر من اشتد ورعه وعمل لخالقه" وهكذا نرى أن_أكثر_ الشيعة إنما نسبوا أنفسهم للتشيع بدوافع شخصية وأهواء نفسية ومصالح مادية فكانوا يطرحون تصوراتهم وعقائدهم من خلال ما ينسبونه إلى أهل البيت من أحاديث موضوعة وروايات محرفة ،ولو ألقينا نظرة على كتب الرجال وطالعنا سيرة الرواة وأصحاب الأئمة لرأينا العجب العجاب من كثرة الدجالين والغلاة وأهل البدع وأصحاب المطامع الذين اتخذوا من صحبة الأئمة ستارا وقناعا يسترون بها مطامعهم ونياتهم ،وبذلك تمكنوا من توجيه ضربات مدمرة للدين والمذهب.