يبدو أن الطاقم الجديد الذي استولى على العرش الملكي في السعودية انتهج منذ وصوله إلى السلطة سياسة صرف الأنظار لتضليل الرأي العام في الداخل والخارج والتخفي على إخفاقاته في كسب الشرعية في الداخل وكسب الانتصارات في الخارج.

ولهذا يقع التدخل العسكري في اليمن وشنّ عاصفة الحزم وقمع المعارضة الشيعية في الداخل في اتجاه واحد وهو صرف الأنظار.

وتحاول السعودية التعويض عن إخفاقاتها في سوريا عبر التدخل العسكري في اليمن وصرف الأنظار عن حقيقة إخفاقاتها هناك من خلال عرض العضلات في اليمن، بالرغم من أن الحوثيين لم يكونوا مصدر تهديد للملكة السعودية.

كما إن قمع المعارضة في المناطق التي تشكل الشيعة غالبية سكانها في السعودية يهدف إلى صرف الأنظار عن المعارضة الليبرالية السنية التي هي مصدر التهديد الحقيقي للعائلة المالكة.

فإن المطالبة بالديمقراطية والحرية في السعودية ليست حكراً على معارضين شيعة من أمثال نمر باقر النمر، بل إن هناك معارضة مدنية حقيقة عارمة من قبل عامة الشعب السعودي الذي يتطلع إلى الحرية والديمقراطية والقضاء على الاستبداد.

إن تحويل المطالبة بالديمقراطية والحرية من مطلب شعبي إلى مطلب شيعي شكّل محور السياسة الملكية لقمع الليبراليين السنة في السعودية، والهدف من هذه السياسة هو تشويه الليبراليين وإرباكهم وإظهارهم واعتبارهم في عداد الأقلية الشيعية المتمردة!

هكذا تنجح الحكومة في توطيد دعائم الأمن القومي بتخويف الشعب من المعارضة الليبرالية التي صودرت تحت عنوان المعارضة الشيعية.

كما تنجح في كم أفواه المعارضين داخل العائلة المالكة التي تعتبر بان الطاقم الجديد بادر بانقلاب عبر إقصاء ولي العهد السابق مقرن بن عبد العزيز وتعتبر الطاقم الجديد غير شرعي.

ولم يكن شن حرب ضد اليمن إلا لخدمة هذا الهدف، فإن الأوضاع الحربية في جميع الدول تجمد الحريات والمطالبة بها.

إن إعدام الشيخ نمر النمر يخدم الاسرة المالكة حيث إنه تعبير واضح عن القبضة الحديدية التي تستعرضها الحكومة السعودية تجاه المعارضة وتوسمها بالطائفية، بينما الحقيقة هي أن المعارضين السياسيين الشيعة في السعودية ليست لديهم مطالب طائفية ولا انفصالية بل إنهم يريدون نفس ما يريده ويطالب به الآخرون من الليبراليين السنة.

إلى متى تستمر انتهاج تلك السياسة من قبل عائلة سلمان وهل من أفق واضح لهذه السياسة، لا يمكن التنبؤ بشيئ في هذا المجال ولكن يجب على الشيعة في السعودية التجنب عن الشعارات الطائفية التي لن تتذرع بها الحكومة في قمع الليبراليين السنة وتكميم أفواههم وتعويض الشرعية المفقودة بقمع المعارضة المدنية السلمية تحت عناوين الطائفية.