سبقت الدعاية الحدث وسخر حزب الله ماكينته الإعلامية لتصوير الإتفاق الذي جرى مع مجموعات المعارضة السورية في الزبداني كإنجاز تاريخي، مع إهمال مقصود لأسباب هذا الإتفاق ومبرراته والتي كانت بالدرجة الأولى الإخفاقات العسكرية والميدانية التي مني بها الحزب في معركة الزبداني .

وبغض النظر عن هذه الأسباب ومع تأييد المبررات الإنسانية لهذا الإتفاق، إلا أن هناك استحقاقات عدة رافقت تنفيذ الإتفاق من أهمها المشاهد التي رافقت عملية التنفيذ والتي نقلتها محطات التلفزة المحلية، حيث أظهرت هذه العملية حدة الإنقسام الطائفي والوطني في البلاد وكانت مشاهد الإستقبال في مجدل عنجر والضاحية الجنوبية خير دليل على عمق الخلاف بين اللبنانيين لجهة الموقف من الأزمة السورية تحديدا، كما دلت هذه المشاهد وبالرغم من تصوير هذا الإتفاق كإنجاز وطني في الماكينة الإعلامية لحزب الله، دلت أيضا على هشاشة الوضع الداخلي وافتقاد الشارع اللبناني للحد الادنى من مقومات الوحدة والإتفاق على الخيارات، هذه الخيارات التي فرضها حزب الله ولا زال على البلد متناسيا عن قصد رجحان الرأي الآخر الذي يعترض على سياسة الحزب المتعلقة بالملف السوري .

وفي ميزان الربح والخسارة، ربما ربح حزب الله من هذا الإتفاق وأخرج نفسه من مستنقع الزبداني، وربحت الزبداني والمعارضة السورية في فض هذه المعركة القذرة، إلا أن الخسارة المتجددة مما حدث هي هذه المشاهد التي كرّست روح الإنقسام بين اللبنانيين.  وإن ما حصل بالأمس مشهد جديد فرضه حزب الله تماشيا مع سياسة فرض الخيارات على الدولة والشعب،  وظن من خلال ذلك أنه يحقق المزيد من الإنجازات والإنتصارات، في حين أن ما حصل هو انكسار جديد للحزب أظهرته مشاهد استقبال المسلحين في مجدل عنجر وبالتالي فإن الرأي الآخر المعترض على سياسات الحزب لا يزال حيا وموجودا ولا تخفيه سوى السطوة وسياسة تجاهل الآخر .  

وفي هذا السياق ربما يكون اللجوء إلى استطلاعات الرأي والإستفتاء حكما بين حزب الله والشريحة الكبيرة من الشعب ليتأكد الحزب بالدليل والأرقام أن خياراته ليست محل ترحيب من قبل شريحة كبيرة من الشعب اللبناني .

  جهاد عبد الله