ليست المرة الأولى التي يستبيح فيها حزب الله السيادة اللبنانية ومؤسسات الدولة ومرافقها العامة ويحولها مرتعا لنشاطاته وخدمة لمشروعه الميليشياوي المرتبط بمشروع إيران الإقليمي في المنطقة.

فقد سبق له واستباح العاصمة اللبنانية بيروت واجتاحها بالانقضاض السريع عليها في السابع من أيار عام 2008 وذلك لتعطيل قرار اتخذته الحكومة اللبنانية الشرعية يومها له علاقة بشبكة إتصالات داخلية تابعة لحزب الله. 

وكان سبق ذلك ان الحزب أعطى ذريعة لأسرائيل بتحويل لبنان من أقصاه إلى أقصاه ومن شرقه إلى غربه بارضه وسمائه إلى جحيم وكتل من النيران الملتهبة على مدار ثلاث وثلاثين يوما في ما عرف بحرب تموز عام 2006 بعد أن أقدم على تنفيذ عملية خطف جنديين إسرائيليين كحلقة في سياق الصراع الأميركي - الإيراني في المنطقة. وقد تمت عملية الخطف تحت شعار رفعه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله. / نحن قوم لا ننسى أسرانا في السجون الإسرائيلية /. 

وعملية الخطف كانت الحجة الكافية لأسرائيل لتدمر كافة البنى التحتية في البلد عدا الضحايا من القتلى والجرحى والتي تجاوز أعدادها الآلاف. وانتهت بتبادل الجنديين ببعض الأسرى اللبنانيين من سجون الاحتلال الإسرائيلي بعد مفاوضات شاقة ومضنية بين الدولة الإسرائيلية وحزب الله برعاية وإشراف وعلى أرض ألمانية. 

واليوم وفي سياق المناخ الالغائي لدور الدولة اللبنانية وخرقا لسيادة واستقلال لبنان فقد تم تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الزبداني بين حزب الله وبعض الفصائل السورية المسلحة برعاية الأمم المتحدة والذي ينص على إجلاء 450 من المقاتلين الجرحى وعائلاتهم من مدينة الزبداني الواقعة في ريف دمشق الغربي قرب الحدود مع لبنان وبلدتي الفوعة وكفريا اللتين تحاصرهما المعارضة السورية وتقطنهما غالبية شيعية في ريف إدلب في الشمال السوري.في وقت متزامن مرورا بلبنان وتركيا.  

وقد تولت قافلة كبيرة للصليب الاحمر تضم سيارات واوتوبيسات عملية نقل 123 خارجا من الزبداني وصلت إلى مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت بمواكبة أمنية من الجيش والأمن العام اللبناني حيث اقلتهم طائرة تركية إلى مدينة إسطنبول. وبالتزامن فقد وصل جرحى قريتي الفوعة وكفريا الذين فاق عددهم 330 جريح إلى مطار رفيق الحريري على متن طائرة تركية حيث اقلتهم اتوبيسات إلى دمشق. 

وقد ساعدت إيران حليفة النظام السوري وتركيا التي تساند مقاتلي المعارضة السورية في ترتيب اتفاقات الهدنة المحلية في الزبداني والفوعة وكفريا في أيلول الماضي في المرحلة الأولى من الاتفاق الذي أشرفت عليه اللجنة الدولية للصليب الاحمر .  وبغض النظر عن الجوانب الإنسانية ألتي نفذت عملية الزبداني على خلفيتها.

ورغم أن العملية تمت على الأرض اللبنانية. إلا أن الوقائع أثبتت أن لبنان بطرقاته ومطاره وأجهزته إستخدم كمعبر مرور وحتى القوى الأمنية من جيش وأمن عام والتي واكبت القوافل فإنها استخدمت كأدوات في خدمة حزب الله ليس إلا. مما يؤكد على أن لبنان بدولته وشرعيته وسيادته واستقلاله وكافة مفاصله كان الغائب الأكبر في عملية الزبداني وهو ليس أكثر من ورقة في أجندة حزب الله.