بأفكار سوداء مليئة بالطائفية والمذهبية قام أحد الأشخاص قيل أنه من الضاحية الجنوبية بتعليق لافتة على منزله تتضمن "سلمت يداك أبا لؤلؤة" وبدون الخوض في تفاصيل القضية نظرا لدقتها والإختلاف في طريقة رواية التفاصيل عند كل من المسلمين الشيعة والسنة إذ أن كل جهة تسرد الوقائع حسب ما يخدم وجهة نظرها الدينية يبقى المؤكد فقط أن ابا لؤلؤة هو من قتل الخليفة عمر بن الخطاب.

فمنذ 1300 سنة، أي منذ حصولها لم يأت على ذكر هذه الحادثة سوى أصحاب العقول الجاهلة الذين لا يسعون إلاّ لإعادة احياء النار التي أطفئت ولو ليس بشكل جذري منذ نهاية الحرب الأهلية اللبنانية.

فخمسة عشر عاما وشعب لبنان تقوقع في عذاب الطائفية والحزبية والمذهبية حتى سنة 2007 حين وقعت أحداث الجامعة العربية وانتشرت ظاهرة القناصة حتى وصل الأمر بالصحف العربية إلى وصف هذه الحادثة بـ"أنها بروفة الحرب الأهلية في لبنان"، لتشتعل هذه الحرب من جديد في 7 أيار 2008. من الـ2008 حتى الـ2015 ربما لم يشهد لبنان إقتتالا طائفيا جديدا على مسرح الأرض إلا أن الإقتتال على وسائل التواصل الإجتماعي لم يغب يوما من ذاكرة الساعين إلى تأجيج نار الفتنة بين ابناء الدين الواحد، حتى باتت مواقع التواصل الإجتماعي أشبه بساحة حرب ينتظر المسلم فيه أخيه المسلم ليشهر عليه سيف الكلام الفذ والمثير للنعرات الطائفية.

وفي وقت يحاول فيه زعماء الطائفتين أن يقيموا الحوارات لمنع الدماء يحاول أشخاص كثيرون التحريض على سفك الدماء من خلال اعلان الحرب على معتقدات الآخرين إذ أن وضع هذه الثغرة الطائفية هي بمثابة وجه جديد للإرهاب يُعنى بإضعاف لبنان داخليا وارجاعه إلى نقطة الصفر.

وانطلاقا من هنا،فإن هذه اللافتة وغيرها من المنشورات المذهبية ليست إلا وسيلة لإختراق جدار الوحدة والعيش المشترك الذي نادى به الإسلام بشكل عام ونبي المسلمين بشكل خاص، فضلًا عن أن هذه النعرات أيضًا جديرة بأن تشعل نار الحقد في القلوب فتقود لبنان إلى مرحلة لا تحمد عقباها.

فأهداف هذه التصرفات ليست إلا محاولة لجعل العاصفة الهادئة تعصف بقوة لتلتهم "الأخضر واليابس" وبالتالي نسمح لأن يُشوّه التاريخ ويُفسد الحاضر وإن فسحنا المجال لحصول ذلك فإن الدكتور علي شريعتي يكون قد صدق حين قال: "الأفكار مشلولة .. العقول مخدرة .. الأوفياء يعيشون الوحدة .. الشباب يائس ومنحرف .. كسروا الأقلام .. كمموا الأفواه .. هذه سمات هذا العصر.".. فيا خجلنا من دماء سُفكت لأجلنا.