انتهى منذ زمن عهد المسحيين الموارنة في لبنان بعد أن خسروا حروبهم المتعددة مع شركائهم الآخرين وبعد أن دخلوا في حروبهم الداخلية التي مزقتهم وصدّعت من وحدتهم التي كانت سنداً لهم في ما مضى . وها هم يتراجعون أكثر مما منحهم اتفاق الطائف فيختلفون على اسم رئيس ممثل لحصتهم كما نصّ ووزّع الطائف حصص الدولة على الطوائف .

ان نزاعات الموارنة الشخصية جعلتهم في قبضة اليأس وباتوا أسارى توازنات غير مسيحية ومساحة يتنازع عليها كل من حزب الله وتيّار المستقبل وهذا ما ساعد على تهميش دور كان طليعياً وكان يعوّل عليه كثيراً لمساعدة لبنان في التغلب على محنه وأزماته يوم كان المسيحيون موقعاً مهماً في سياسات الدول الغربية وخاصة فرنسا .

حتى بطرك الموارنة فقد دوره وتأثيره على طائفته وعلى لبنان لضعف فيه وفي الظروف التي جعلت من مراكز النفوذ التقليدية أسيرة ظروف جديدة لا تعمل وفق مشتهيات قوّة كانت نافذة في سياقات تاريخية متعددة وحتى اللحظة يبدو أن جميع الموارنة واهنون لخضوعهم لأمزجة سياسية شخصانية تستخدم الكتلة الطائفية لصالح الزعامة الفردية لتأسيس رصيد شخصي وعائلي فقط ضمن منظومة مصالح ضيقة جداً .

هذا الواقع الماروني استبعد مرشحين أقوياء في تمثيلهم كما هو حال الجنرال والحكيم ودفع بالآخرين الى انتاج شخصية أقرب الى الواقع لتذليل العقبات وتصحيح المسار الرئاسي لتجاوز أزمة مفتعلة تسهم في زج لبنان أكثر في الحسابات الاقليمية .

بعد تعثر فرنجية بالعثرة الايرانية اضطر الأفرقاء المختلفون الى اعادة التفكير بمرشح آخر لاستنزاف الوقت المطلوب ريثما تنضج ظروف أفضل بين المعنيين في الأزمة اللبنانية وحينها يصبح أي اسم  مطروح هو بمثابة مرشح فعلي لتسوية تمت بين ايران والسعودية .

ما دام الموارنة غير قادرين على مساعدة أنفسهم لتسهيل عملية تعيين رئيس للقصر الجمهوري يبدو أن الحديث عن اعادة نظر في اتفاق الطائف حديث لهو لا أكثر لأن المنتج دولياً واقليمياً لا يمكن الغاؤه الاّ من خلال تغيير موازين القوى لا محلياً فحسب بل اقليمياً ودولياً وهذا غير متاح في ظل خارطة جديدة محكومة بصحوات متطرفة مُضرة بوجود الأقليات المعرضة للهجرات القسرية تحت وقع قرع طبول الحرب تماماً كما هو حال المسيحيين وأكراد سوريا وحال الشيعة والعلويين لاحقاً .

لهذا فان بابا نويل لا يحمل في كيسه اللعبة الجديدة لرئاسة الجمهورية لأن لعب الرؤساء ليست بأكياس المسيحيين بل في سلّة من لا يؤمنون ببابا نويل رغم أن لحاهم كثيفة لكنها ليست ببيضاء ولكن من الممكن أن يكون بابا نويل نفسه هذه السنة رئيساً للجمهورية لاجماع المسيحيين عليه .