من مساويء الغرق في تفاصيل الميثاقية اللبنانية والوقوع في متاهاتها والقفز فوق الدستور. اختصار الموارنة في لبنان بأربعة شخصيات. أطلق عليهم المرشحين الأقوياء لاختيار واحد منهم ليكون رئيسا للجمهورية اللبنانية بعد فراغ رئاسي مستمر منذ ما يقارب السنة وسبعة شهور. دون وضع تفسير دقيق لمعنى الأقوياء. وهم رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع ورئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية والرئيس أمين الجميل. 

ورغم أن اللقاء الذي جمع هؤلاء الأربعة الكبار مع البطريرك الراعي تم الإتفاق فيه على حصر الرئيس العتيد بواحد منهم. إلا أنه في الواقع فإن هذا الاتفاق قد عطل عملية الاقتراع الديمقراطي للرئيس واوصلتها إلى الطريق المسدود. سيما وأن أحدا من الأربعة ليس على استعداد لأن يتنازل عن ترشيحه لغيره. وبالتالي فإن هذا الاتفاق قد شكل حاجزا أمام أي ترشيح ماروني آخر خارج هؤلاء الأربعة.

بحيث لم يعد يجدي البحث عما قد يطلق عليه بالمرشح التوافقي او الوفاقي. أو أي ممارسة ديمقراطية داخل المجلس النيابي تتيح للمكونات السياسية للتعبير عن دورها الدستوري باختيار رئيس لأربعة ملايين لبناني من مختلف الطوائف والمذاهب والانتماءات وليس رئيسا لربع مليون ماروني تقريبا.  وفي ظل المشاكل والأزمات المتفاقمة والمتراكمة التي يعيشها لبنان فإن المطلوب ليس تحديد مواصفات الرئيس المنتظر انتخابه بل مواصفات المرحلة التي يعيشها البلد اليوم والتي سيعيشها في المستقبل. إذ ان المرحلة التي سيشغل خلالها الرئيس الجديد قصر بعبدا ليست سياسة بقدر ما هي معيشية. 

فليس من باب التشكيك بالمرشحين الموارنة الأربعة ولا بشعبية أي منهم.

ولا انكارا لحقهم الطبيعي في الترشح. إلا ان الظروف الإقتصادية والمعيشة والاجتماعية التي يعيشها اللبنانيون تتطلب رئيسا على دراية كبيرة وخبرة واسعة في الشؤون الحياتية. وإذا كان كل واحد من هؤلاء بمقدوره أن يشكل سياجا للقصر الجمهوري من جهة واحدة فإن الرئيس المطلوب انتخابه هو من يمتلك القدرة والمناعة لأن يكون السقف الواقي للقصر والحامي له من أي رياح خارجية قد تهب على البلد من أي جهة أتت. مع الإشارة إلى أن السياسة الخارجيه للرئيس القادم لن تحددها العاصمة اللبنانية بيروت بقدر ما ستتحكم بها تطورات ونزاعات المنطقة وموازين القوى الناتجة عنها.

وعلى لبنان الاستفادة من حال استمرار التوافق الدولي والإقليمي في المحافظة على هدوء الجبهة اللبنانية وسط رمال الشرق الأوسط المتحركة..