إنتهت أزمة النفايات يوم أمس إلى قرار الترحيل بعد عجز الحكومة و المؤسسات المعنية  عن الحل الداخلي لأزمة النفايات، فتم اللجوء إلى خيارات وصفت بأنها غير أخلاقية وغير إقتصادية.

وافق مجلس الوزراء في جلسته يوم أمس على اعتماد ما وصفه رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الزراعة اكرم شهيب بـ «حل الضرورة وأبغض الحلال»، لفترة انتقالية تمتد 18 شهراً يقضي بترحيل النفايات لمنطقة بيروت وقسم من جبل لبنان المقدرة بـ2500 طن يومياً الى خارج لبنان، وفقا للقوانين المحلية والدولية. وتم التعاقد مع شركتين لتنفيذ ذلك بعد استدراج عروض شاركت فيه 6 شركات.

وعلى الشركتين اللتين رسا التعاقد عليهما الالتزام بشروط محددة، وفق الخطة التي اعلنها الوزير شهيب بعد الجلسة، أبرزها أن تقدما مستندات تؤكد موافقة الدول التي ستنقل اليها النفايات، ما يعني ان هذه الدول لم تُحدَّد بعد، وهناك فترة انتظار لا تزال امام اللبنانيين، قد تصل الى شهر من الان قبل مباشرة الترحيل. 

إن موافقة  مجلس الوزراء على حل من هذا النوع لأزمة النفايات هو هروب جديد إلى الأمام ويضاف أيضا إلى الحلول التي تؤدي بحد ذاتها الى أزمات جديدة، هذه المرة لا يعتبر الحل الذي لجأت إليه الحكومة الحل الأمثل نظرا للتداعيات التي سيخلفها هذا الحل ولئن استطاعت الحكومة معالجة الأزمة فإن هذه المعالجة هي معالجة مؤقتة فضلا عن السلبيات التي ستؤول إليها هذه المعالجة ومن أهمها التكاليف الاقتصادية العالية بالاضافة الى ما سيخلفه هذا الحل من آثار أخلاقية على نقل نفايات بلد إلى بلد آخر .

 اية اخلاق تسمح أن يرسل لبنان نفايته الى بلاد أخرى خارج الحدود بواسطة شركات او مافيات أو عبر صفقات فينطبق علينا كلبنانيين أن نسمّم حياة وبيئة آخرين؟ وهنا تتقاطع فكرة الترحيل مع فكرة تخلي المسؤولين اللبنانيين والوزرات المعنية عن مسؤولياتهم تجاه تقديم الحلول المناسبة لهذا الملف وإنها بالتالي عملية تخلي عن القيم والأخلاق . 

كيف تستطيع جوقة سياسية متسلطة من هذا النوع أن تجترح الحلول لمشاكلنا كلها السياسية والاجتماعية والبيئية , كيف يمكن أن يركن اللبناني الى هذا النوع من المسؤولين الذين صوروا هذا البلد بأبشع الصور من خلال الحلول المجتزأة التي سيقومون بها وهي مع ذلك حلول مؤقتة (لـ 18 شهراً).

مع العلم أن فكرة أن نرمي مشاكلنا خلفنا للتخلص منها والتقدم الى الأمام لم تعد جائزة في عصرنا.  لذا فقد كان حريا بجهابذة هذه الدولة البحث عن الحلول الدائمة وفقا للمعايير البيئية والأخلاقية على الارض اللبنانية وحدها وإلا فإن الأزمة تكون أزمة أخلاق وليست أزمة نفايات وحدها .