يحتفل المسلمون بعد يومين بذكرى المولد النبوي الشريف واسبوع الوحدة الاسلامية( بين 12 و17 ربيع الاول) ويتزامن الاحتفال بهذه الذكرى الشريفة مع احتفال المسيحيين في العالم بذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام ، وقد ادى التزامن بين هاتين المناسبتين الى دفع العديد من المؤسسات الدينية والفكرية والثقافية الى اقامة الانشطة المشتركة والاحتفالات المتنوعة التي تركز على التعاون الاسلامي – المسيحي في مواجهة موجة التطرف والعنف التي تسود العالم اليوم.

ومع اهمية هذا التزامن الزمني بين المناسبتين ومع اهمية التركيز على القيم الاسلامية – المسيحية المشتركة التي تدعو الى الرحمة والتسامح والتعددية في مواجهة التطرف والعنف والتكفير ، فان ذلك لا يلغي حجم التحديات التي تواجهها الاديان التوحيدية في مواجهة ظاهرة العنف والتطرف الديني والعنصرية التي تسود العالم اليوم.

فالاديان السماوية التي ارسلها الله عز وجل من اجل نشر السلام والامان والمحبة في العالم  اصبحت اليوم مصدرا للعنف والتطرف والقتل بسبب سوء فهم وتفسير هذه الاديان او بسبب استغلال القوى السياسية والحزبية للاديان من اجل الوصول الى السلطة والتحكم في مصائر البشر، ولا يعني هذا الكلام ان الاديان نفسها تتحمل المسؤولية ، لان المشكلة تتحملها المؤسسات الدينية ورجال الدين والهيئات والاحزاب التي تتحدث باسم الدين او تقدم نفسها الناطق الحصري باسم الله او باسم الاديان السماوية.

ان الناظر الى واقع العالم اليوم، بعد مرور 2015 سنة على ميلاد السيد السيح المسيح وحوالي 1445 سنة على ميلاد الرسول محمد ، يلحظ حجم المشكلات والازمات التي يواجهها هذا العالم من فقر وقتل وعنف وازمات اجتماعية وانسانية وكوارث بيئية وحروب ، وللاسف فان العديد من الحروب والازمات التي واجهها العالم جرت تحت اسم الاديان او بحجة الدفاع عن الاسلام او المسيحية او اليهودية، ومع ان هذه الاديان ليس لها علاقة بما يجري ومع ان الرسل والانبياء ليسوا مسؤولين عما يرتكب باسمهم من جرائم وحروب ، فان من مسؤولية اتباع الاديان اليوم او الذين يدّعون النطق باسم هذه الاديان من رجال دين ومؤسسات دينية اسلامية ومسيحية ويهودية ان ينظروا الى ما يجري في العالم من مآسي ويفكروا في كيفية المساهمة في وقف هذه الكوارث وان يمنعوا استغلال الاديان في الصراعات السياسية والحزبية وصراعات المصالح المادية. ان تزامن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف وميلاد السيد المسيح هو رسالة اخرى بان الاديان السماوية تشترك فيما بينها بالكثير من العناصر المشتركة والقيم الانسانية فلماذا يتقاتل اتباع هذه الاديان فيما بينهم ولماذا لا يتوحدون لمواجهة المآسي والمشاكل التي يواجهها العالم اليوم؟.