بعد مرور اربع سنوات على بدء المحنة السورية، وقد تجاوزت هذه الحرب البشعة في سوريا حدود اللامعقول في كل المجالات السياسية والعسكرية والاجتماعية، وقد كان الشعب السوري وحده الضحية، وبعد كل هذا الموت والإرهاب والدمار الذي بات يهدد المنطقة بأسرها بادر مجلس الأمن الدولى إلى الإجتماع ليل أمس حيث فتح أبوابه للسلام في سوريا، فتح بارقة أمل، وشيئا من الضوء في نفق الوجع السوري الذي فاق كل التوقعات .
للمرة الأولى في تاريخ الأزمة السورية صدر القرار الدولي بإسكات السلاح في سوريا تحت الرقم 2254 ويتبنى القرار البيانات الصادرة عن اجتماعات فيينا وجنيف وتحويل هذه البيانات الى خارطة طريق للحل السياسي مع جدول زمني يربط وقف إطلاق النار بتشكيل حكومة موسعة ثم إجراء تعديلات دستورية ويلي ذلك إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مع تحديد فترة زمنية لتنفيذ هذه القرارات تقدر بـ 18 شهرا.
مؤشرات عديدة سياسية وعسكرية وميدانية أدت إلى اتخاذ هذا القرار المفاجي من أهمها وضع حد لهذا الإستنزاف السياسي والعسكري الذي بلغته المنطقة جراء الأزمة السورية، وعلى ما يبدو وحسب مصادر سياسية متابعة فإن القرار أكثر جدية من كل الحلول المطروحة سابقا خصوصا وأن الخيارات العسكرية للحل لم تكن على الشكل المطلوب ولم تؤد نتائجها المطلوبة .
لذا فلا مفر وحسب القرار الدولي من الحل السياسي ومن المفاوضات بين النظام والمعارضة .
وللمرة الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية يدعو مجلس الأمن إلى هذه المفاوضات وبالتالي فإن الفرض ربما متاحة لإنطلاق عجلة الحل هذه بتوافق جميع الاطراف المتنازعة وجميع الدول  المعنية .
دعى القرار الدولي دي ميستورا إلى تنظيم مفاوضات قريبة جدا بين النظام والمعارضة  ويبدو أن سوريا ستكون على موعد مهم في كانون الثاني لاختبار هذا  القرار الأول الذي يعبر عن تفاهم أميركي ـ روسي، والذي يتبنى رسميا خريطة الطريق نحو حل سياسي في سوريا، كما صاغها الروس في فيينا، والعودة إلى قراءة روسية لبيان جنيف الذي يكرس القرار بوضوح .
ويغلب على القرار في صيغته الأولى خريطة الطريق الروسية، التي تتميز بامتلاكها جدولا زمنيا واضحا، يوقف إطلاق النار، مع إطلاق العملية السياسية. ويطلب القرار من الأمم المتحدة تنظيم آليات تطبيق ومراقبة وقف إطلاق النار خلال شهر. والأرجح أن كل تفاصيل العملية، متوفرة في أدراج الأمم المتحدة، وقسم قوات حفظ السلام، الذي بدأ منذ سنوات، العمل على دراسة آليات وقف إطلاق النار، واستطلاع الدول التي يمكنها أن ترسل مراقبين وقوات فصل إلى سوريا
.
واستبعد القرار الدولي من وقف العمليات العسكرية، دفاعية أو هجومية، «داعش» وجبهة النصرة وجماعات مماثلة كي لا يحسم النقاش في القائمة السوداء..
والاهم أيضا، أن القرار يعيد الاعتبار إلى الأمم المتحدة، بتفعيل دورها في تنفيذ قرار مجلس الأمن، وتطبيق وقف إطلاق النار، والإشراف على مراقبته، وتقليص الأدوار الإقليمية، وإلغاء ما صدر عن مؤتمر الرياض، وتحويل فيينا وجنيف إلى مرجعية ثابتة دوليا، وإنهاء الشروط المسبقة لأي مفاوضات. كما يسقط القرار في طريقه أيضا، كل المرجعيات التي نبتت على تخوم الصراع السوري، كمجموعة أصدقاء سوريا، إذ ينص القرار بوضوح أن المرجعية في المسار السياسي السوري، هي مجموعة الدعم الدولية، المكونة من 17 دولة اجتمعت في فيينا «واحد» و»اثنين»، وعلى رأسها روسيا وإيران.
واعتبر وزير الخارجية الاميركي جون كيري أنه لا بد من اتخاذ قرارات في غضون شهر أو شهرين بشأن طبيعة حكومة الوحدة السورية، فيما اشار نظيره الروسي سيرغي لافروف الى انه من الممكن التوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية في سوريا خلال ستة أشهر.
وقال مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري إن دمشق توافق على القرار، والحكومة السورية مستعدة لوقف الاشتباكات في المناطق التي يتواجد فيها المسلحون السوريون وتسوية وضعهم، وسنواصل الحرب في المناطق التي يتواجد فيها إرهابيون