كسرت جريدة "إطلاعات" الإيرانية الحظر الإعلامي المفروض على الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي بنشر ترجمة الحوار الذي أجراه صاحب جريدة السفير اللبنانية طلال سلمان خلال زيارته الأخيرة لطهران، ما استتبع استدعاء رئيس تحريرها رجل الدين السيد محمود دعائي من قبل مدعي عام المحكمة الخاصة لرجال الدين.

  ذلك وإن طلال سلمان قرر خلال زيارته الأخيرة لطهران وبشكل مفاجئ أن يلتقي بالرئيس خاتمي ويجري حواراً معه ومن المحتمل أن طلال سلمان عرض الموضوع مع زميله الإيراني رئيس تحرير جريدة إطلاعات السيد دعائي وتبناه  الأخير وتوسط لتحقيق هذا اللقاء، وكما يظهر في الصور فإن دعائي يرافق زميله اللبناني طلال سلمان في هذه الزيارة.  

ثم بادر دعائي بنشر ترجمة الحوار بين طلال سلمان والرئيس خاتمي في جريدة إطلاعات متجاهلاً الحظر الإعلامي الذي فرضته السلطة القضائية على الرئيس خاتمي مستندة إلى تعميم لمجلس الأمن القومي الإيراني في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد.  

وأشارت جريدة إطلاعات في مستهل نص المقابلة إلى أن لقاء طلال سلمان بالرئيس خاتمي كان غير مخطط له مسبقاً ونشرت جريدة السفير نص الحوار في عددها ليوم 20 من الشهر الفائت، تحت عنوان :   خاتمي لـ«السفير»: علينا أن نتحاور.. وأشعر بالأسف لتبدل الربيع العربي بالخريف   تساءل خاتمي خلال اللقاء : "عندما يتمكن عَدُوَّان لدودان، مثل أميركا وإيران، من الجلوس وحل الخلافات، فلماذا لا نستطيع نحن أبناء المنطقة حل خلافاتنا؟! إن الكيان الصهيوني يستثمر هذا الأمر، كما ان التيارات المتطرفة، تستثمر هذا الأمر".  

  وهكذا كسرت جريدة إطلاعات الحظر الإعلامي الظالم المفروض على الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي وأثارت سخط المحافظين المتشددين الذين اشتروا هزيمة أخلاقية لأنفسهم بعد الهزيمة السياسية التي تلقوها في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ويعود السبب الحقيقي في فرض الحصار الإعلامي على الرئيس خاتمي إلى أنه كان هو الفائز الحقيقي في الانتخابات الأخيرة، إذ وقف بجانب حسن روحاني وطالب الشعب بالتصويت لصالحه كما دفع المرشح الاصلاحي محمد رضا عارف بالانسحاب لصالح روحاني. إن الشعبية التي يتمتع بها الرئيس خاتمي حقاً مخيف للمحافظين.  

لم ينسحب رئيس تحرير "إطلاعات" إثر تهديد المحافظين له بالمقاضاة، بل استمر في نشر أحاديث خاتمي وبعد يومين نشر نص كلمة خاتمي في مؤسسة الامام موسى الصدر بطهران، لتثبيت إرادته بكسر الحظر الإعلامي المفروض على الرئيس خاتمي.   وبالرغم من أن جريدة إطلاعات كانت من أقل الجرائد مبيعاً إلا أن الشباب الإصلاحيين أطلقوا حملة " نشترى إطلاعات" في مواقع التواصل الإجتماعية ما نفاد نسخها فور الوصول إلى كشك الصحافة.   وربما تلك الحملة الاعلامية الاجتماعية أثارت حفيظة المحكمة الخاصة برجال الدين التي استدعت السيد محمود دعائي موجهة له مذكرة توقيف ولكن تم الإفراج عنه مقابل كفالة مالية.  

وعلى أي حال يبدو أن مفاجأة طلال سلمان هي التي دفعت برئيس جريدة إطلاعات إلى نشر نص مقابلته مع الرئيس خاتمي، وينبغي توجيه الشكر للصحافي اللبناني الكبير طلال سلمان، الذي لا يكتفي بالدفاع عن المظلومين في فلسطين، بل يتجاهل حكم الحصار القضائي الظالم المفروض على الرئيس خاتمي، وهو ضيف إيران الرسمية.

  إننا بحاجة إلى مفكرين مستنيرين من أمثال محمد خاتمي ومحمد مهدي شمس الدين ومحمد جواد مغنية الذين طوّروا أفكاراً ونظرياتاً عابرة الطوائف، كما نحن بحاجة إلى صحافيين من أمثال طلال سلمان يقتحمون أسوار الوهم الذي شيّدها عقل المحافظين المتشددين في إيران.  

إن إصدار الحكم القضائي القروسطي بالحظر الإعلامي على أكثر الشخصيات السياسية الإيرانية شعبية واستنارة لا ينم إلا عن الحقد والحسد، ولا يزيد الظالمين إلا خساراً.