دخلت التسوية الرئاسية في العناية الفائقة، ولن تكون إعادتها الى قيد الحياة بالسهولة التي انطلقت بها، ومع ذلك يبقى انتخاب النائب سليمان فرنجية الخيار الوحيد المطروح من دون توافر أي بدائل. ومع انّ التسوية باتت في حكم المجمدة، باعتراف ضمني من الذين أطلقوها، يصرّ بعض القريبين من هؤلاء على اعتبارها قائمة، ويدعون الى رصد المواقف الدولية والعربية المؤيدة التي لم تتردد في اعلان تأييد انتخاب فرنجية، والتي استنفرت دبلوماسيتها في بيروت للضغط على المعارضين وخصوصاً المسيحيين منهم لحضّهم على القبول بانتخاب فرنجية على قاعدة أن لا بديل عن هذا الخيار والّا طال الفراغ، وشرّع الباب امام الفوضى.

في معسكر 14 آذار كان لافتاً صمت الدكتور سمير جعجع، الذي بَدا مطمئناً الى أنّ انتخاب فرنجية لن يمر على الأقل في الوقت الحاضر، وكان لافتاً اكثر أنّ جعجع ما زال على قناعة راسخة بأنّ المملكة العربية السعودية لا يمكن أن تسير بمرشح لن يرضى به حلفاؤها المسيحيون وأوّلهم القوات اللبنانية، كما انّ المملكة لم ترشّح فرنجية من الاساس بل أعطت ضوءاً أخضر لجس النبض، ما لبث ان تحوّل الى ترشيح اصطدم بمعارضة أطراف كُثر في الداخل.

ويستغرب مقربون من القوات استمرار الرئيس سعد الحريري بالاصرار على المضي بترشيح فرنجية، على الرغم من كل الأدلة الناطقة التي تقول انّ فريق فرنجية لا يريد السير به.

ويشير المقربون من القوات الى نتائج اجتماع فرنجية بكل من العماد ميشال عون والسيد حسن نصرالله والرئيس السوري بشار الاسد، ليعيدوا التأكيد على عقم السير بفرنجية كمرشح لأسباب كثيرة منها عدم تبنّيه من قبل حلفائه، وعدم قدرته على ان يترجم برنامج الترشيح الى برنامج حكم، والدلائل على ذلك ما زالت ماثلة، ومنها نقض اتفاق الدوحة وإسقاط حكومة الحريري في العام 2010، وعدم الالتزام بأيّ تعهد.

ويضيف المقربون من القوات انه ومع استغراب اصرار الرئيس الحريري على هذا الخيار، فإنّ العلاقة معه لم تتأثر، حيث بادر الدكتور جعجع الى الاتصال به، في حين كان يفترض ان يحصل العكس. ويشدد هؤلاء على أنّ الاشكال الحاصل هو خلاف مع الرئيس الحريري على موضوع الرئاسة، امّا في موضوع رئاسة الحكومة فالحريري هو الحليف والمرشح الوحيد للقوات.

هذا في 14 آذار التي تحاول لملمة صفوفها، اما في 8 آذار، فيبدو العماد عون مرتاحاً الى إفشال ترشيح فرنجية، وكل المؤشرات تتجمّع لديه لتعزز الثقة بأنّ فرنجية لن يكون مرشح «حزب الله».

وتقول اوساط مقربة من التيار انّ نتائج لقاء فرنجية بكل من نصرالله والاسد، كرّست العماد عون مرشحاً وحيداً لهذا الفريق لا يمكن تخطيه. وتضيف ان من ايجابيات ترشيح فرنجية انه حوّل الجنرال الى المرشح الاول والوحيد، اذ لم يعد هناك من مجال لطرح أي إسم آخر.

وتلفت الاوساط المقربة من التيار الى أنّ تسريب محضر لقاء فرنجية بنصرالله، ولقائه بالاسد، والبلبلة التي تعاطت بها المردة، مع اللقاءين، يعكس ارتباكاً واضحاً لدى النائب فرنجية، كما يعكس وجود قرار لدى الحزب بالتمسك بترشيح عون، وعدم تجاوزه، وهذا ما سيعني اقتراب مرحلة الحسم التي ستأتي به رئيساً على قاعدة الخروج من ازمة الفراغ بانتخاب الرئيس الأقوى مسيحياً، وتكشف الاوساط عن إعادة ترميم قريبة للعلاقة بين عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، في تمهيد للعودة الى المرحلة التي سبقت ترشيح فرنجية.