يبدو ان بناء الجدار المسيحي المعارض لوصول النائب سليمان فرنجيّة بدأ بالاكتمال، فقد نقلت مصادر حزبية اطلعت على نتائج المشاورات التي يجريها البطريرك الماروني بشارة الراعي عن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل قوله للراعي إنه “في وقت لا يستطيع بشار الأسد أن يكرس حكمه لسوريا فكيف نقبل نحن بأن يحكم في لبنان؟”.
وكانت صحيفة “الحياة” نقلت عن زوار عون إنه تلقى تطميناً من الرئيس السوري بشار الأسد بأن دمشق ما زالت على دعمها له، طالما هو مستمر بترشيح نفسه للرئاسة.
وقالت مصادر مقربة من عون في تفسير ذلك انه على رغم صداقة الأسد مع فرنجية، فإن القيادة السورية غير مرتاحة إلى دعم السعودية للأخير للرئاسة، في وقت تخوض الرياض معركة تنحي الأسد.
واذا اضفنا ما نقلته جريدة النهار عن “تصاعد الحديث عن امكان ذهاب رئيس القوات سمير جعجع الى تأييد ترشيح العماد ميشال عون اذا حصر الخيار بين عون وفرنجية”، فان ما يقال عن “حلف ثلاثي مسيحي” هو فعلا قيد التشكّل في سبيل منع وصول فرنجية الى قصر بعبدا.
وتوكيدا لذلك، وخلال “افتتاح معرض بترونيات لميلاد 2015″، قال رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير جبران باسيل أمس ان “التضحية بالذات من اجل الصالح العام هو واجب انما التضحية بالذات من اجل مصالح الاخرين هو تخلي عن الناس والقضية والمشروع”.
وهكذا جاء الرد العوني بعد أيام من الانتظار،على مبادرة ترشيح فرنجية للرئاسة، وكان قبلا التريّث سيّد الموقف، وظهر ان الأمر اصبح متوقّفا كله على ردّ الجنرال عون الطامح للرئاسة منذ سنين بوصفه كما يقول “الزعيم المسيحي الاول في لبنان”، لذلك كثرت التساؤلات فيما اذا كان سيتخلّى عن هذا الطموح المزمن لصالح حليفه الزعيم الزغرتاوي سليمان فرنجيّة، الذي رشّح من قبل الرئيس سعد الحريري قبل أسبوعين، وكان مفاجئا ما لاقته مبادرة الترشيح هذه من موافقة وارتياح دولي وعربي صريح، خصوصا في الايام القليلة الماضية وما صدر عن فرنسا والسعودية والولايات المتحدة الاميركية.
ومتابعة لتصريح الوزير باسيل الذي ذكر اسباب الرفض دون ذكر اسم النائب فرنجية فقال “اننا اصحاب قضية وهي استعادة دورنا الحقيقي والريادي وليس اعادة انتاج مجموعة سياسية موجودة اصلا من اجل ان تحكمنا”، لافتا الى ان “مرحلة 90 الى 2005 لن تتكرر، فلن نكون سجناء ولا منفيين في وطننا، ومرحلة تقسام الادوار ولّت ولن نقبل بالفتات لاننا اصحاب الحصة الشعبية وما يريد الناس”.
واوضح باسيل ان “كل اللبنانيين يريدون قانون انتخاب يمثلهم ويعطي صوتهم قيمة ورئيس جمهورية يمثلهم”، مؤكدا انه “علينا الصمود والمقاومة لانه يحق لنا ان نطمح”.
هذا ويعتقد مراقبون مهتمون بالشان المسيحي في لبنان، ان اسبابا جوهرية وجودية تمنع العماد عون من القبول بسليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، أهمها ان الجمهور العوني يعتبر ان زعيم زغرتا الذي يشاركهم الموقف السياسي في القضايا الجوهرية التي يتبناها فريق 8 اذار عموما، هذا الجمهور سوف يتماهى مع فرنجيّة بعد توليه مقاليد الرئاسة، فليس هناك مانعا عقائديا تعبويا يمنعهم من الدخول في طاعته، فاذا كان العماد عون يشكّل في شخصه وزعامته التاريخية حالة شعبية مارونية لا يمكن تخطيها، فان رئاسة الجمهورية وهي أقوى منصب ماروني بالمقابل سوف تجعل من الزعيم المسيحي الشمالي ندّا لزعامة عون لا يمكن تجاوزها، لما يملك أصلا فرنجية من إرث ومن زعامة أصيلة بدورها ورثها عن جدّه رئيس جمهورية لبنان الأسبق المرحوم سليمان فرنجية، وهو سوف يتمتع بقوّة معنويّة سلطويّة لاحقة سوف يستمدّها من قصر بعدا تجعله حكما الوصيّ الشرعي على لبنان، والوصي عرفا على مقدّرات ومصالح المسيحيين داخل السلطة اللبنانية، مقوّضا بذلك الزعامة المسيحيّة الاولى لميشال عون، والأخطر ان فرنجيّة سوف يصبح لاحقا الوريث الشرعي والموضوعي للزعامة العونية، ليذهب مشروع توريث الصّهر جبران باسيل أدراج الرياح.
لذلك فان الخبراء في الشأن المسيحي اللبناني يرون ان وصول الخصم التاريخي سمير جعجع الى بعبدا سيكون أقل خطرا على مكانة عون وشعبيته من وصول فرنجيّة، وبناء عليه فانه ليس مستغربا ما بدأت تنشره مصادر اعلامية من أن سعد الحريري بوارد تقديم ضمانات للعماد عون كي يطمئن على بقاء مكانته وشعبيته المسيحية المارونية على حالها فلا تقضمها الزعامة الزغرتاوية القادمة ولا ترثها…بعد عمر طويل!

وسام الأمين