أثبتت التسوية أن تيار المستقبل ، لا يتبنى التبعية العمياء أو السير وراء الزعيم كالقطيع ، فنية الشيخ سعد إتمام التسوية عبر ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية لاقت ردوداً عنيفة ومتحفظة من نواب التيار ومن السياسيين المتلزمين خطه ومن جماهيره .

تجربة المستقبل ، أثبتت أولاً الشرخ الكبير في التواصل بين الشيخ سعد وأعضاء التيار ، فالبلبلة والتسريبات تدلّ على أنّ سعد فاجىء الجميع بنيته التوافق بإسم فرنجية .

كما دلّت ثانياً ، على أنّ المستقبل هو التيار الأكثر وعياً وحريةً على الساحة السياسية ، إذ لم يمشِ لا نوابه ولا وزرائه المعارضين في موكب الشيخ سعد ، بل أعلنوا معارضتهم جلياً وضمنياً مطالبين بإيضاحات ، بل وملوحين على مستوى الجمهور الأزرق بالإنسحاب حيث أنّهم اعتبروا أنّ زعيم المستقبل قد خرج عن النهج الحريري .

هذه الحالة الصحية التي ظهرت والتي تعتبر نادرة في سياسة التيارات والأحزاب اللبنانية ، فعلى سبيل المقاربة لا أكثر جمهور حزب الله لا قرار له والقرار "للسيد" والأمر سيّان بالنسبة للحركة فيكفي إشارة من بري ليذهبوا بها دون اعتراض أو سؤال .

والأمر لا يختلف كثيراً عند المسيحيين ، فالتيار الوطني الحر كما يقول الجنرال يكون ، والقوات والكتائب يلتزم كل من أتباعهم بتوجه القائد دون أيّ نقاش ..

وما بين المستقبل والمردة ، فها هم أنصار المردة ممّن كانوا ينتقدون الحريري في كل مناسبة يشيدون بوعيه لأن فرنجية "الزعيم" بات في حالة من التوافق معه !

والأمر أكثر إشكالية مع جنبلاط والذي كيفما تقولب انقلب الجبل معه .

 

وحيث أنّ خروج أنصار التيار عن ولاية الزعيم ، ظاهرة غريبة على الطبقة السياسية اللبنانية ، حاول أحمد الحريري أمين عام تيار المستقبل كبح هذه الأصوات من خلال إعلانه في أول فرصة ومن ضمن البيئة الأكثر انتفاضاً على التسوية ألا وهي "طرابلس" ، أنّ (لا صوت يعلو فوق صوت الرئيس سعد الحريري في تيار المستقبل) .

محاولاً جرّ المستقبل في سلك التيارات والأحزاب الأخرى التي لا صوت بها يعلو فوق "السيد" أو "الإستيذ" أو "البيك" أو "الجنرال" أو "الحكيم" وهلّم جره ... ملتزمين بذلك بمدرسة الحزب البعثي والذي لا صوت يجرؤ به على أن يعلو فوق إرادة بشار .

جمهور المستقبل وأطيافه السياسية والشعبية لم تهضم جملة أحمد الحريري ، فكان الرد الصريح والمباشر المنتقد لهذه العبارة أكبر دليل على أنّ الإرادة لن تكسرها ديكتاتورية يحاول البعض فرضها ، إذ يعتبرون كل حراك خارج سرب الزعيم هو محاولة إنقلابية ؟!

المستقبل بدأ بخروجه عن إرادة سعد بسياسة "محاسبة الزعيم" وعدم الجري خلفه في السرّاء والضرّاء فهل تتعلم سائر الجماهير الحزبية جنوباً وجبلاً ومتناً ورابيةً منه ؟؟؟