“مطلوب فتاة حسنة المظهر للعمل”، “مطلوب لمركز تدليك فتاة بدون خبرة شرط أن لا يتعدى عمرها الـ30 سنة”، مطلوب سكرتيرة خاصة لرجل أعمال خليجي”، وأخيرا “الشيخة موزة تحل جميع مشاكلكم” أو “الشيخ ابو علي يجلب الحبيب ويفك السحر وما عليكم إلا الإتصال عبر هذا الرقم…”.

كل هذه الإعلانات ليست من المخيلة إنما حقيقة موجودة في صحف مجانية يتم إصدارها بداية كل أسبوع، وبما أن العمل خفيف جدا في هذه الآونة فإن الشابات المتخرجات حديثا أو الباحثات عن عمل آخر إلى جانب عملهم بسبب تدني الأجور ينتظرنها بفارغ الصبر علّ باب الحظ يفتح امامهن فيجدن لأنفسهن عملا مناسبا ومحترما في نفس الوقت.

ولعلّ الإعلانات المبهمة والتي تحتوي على مواصفات متوفرة لدى كل الفتيات هي الأكثر جذبا بالنسبة لهن، فالإعلان الذي لا يشترط وجود خبرة او لغة أجنبية معينة خاصة اننا في وقت من الصعب إيجاد وظيفة بدون هذه المواصفات، يعتبر مصيدة ثمينة للفتيات ذي الخبرة القليلة.

وهكذا وقعت ريما في فخ هذه الإعلانات لكنها بذكائها استطاعت التحكم بزمام الأمور وهربت فتقول “كنت بحاجة ماسة إلى العمل، عندها استعنت بإحدى الجرائد الأسبوعية المجانية لعلي أجد شيئا يناسبني وإذ بإعلان يطلب سكرتيرة لمعرض سيارات في الضاحية، لفت هذا الشيء نظري خصوصا أنه لا يحتوي على شروط معينة فاتصلت بالرقم المذكور وحددنا موعد المقابلة، وعند ذهابي جلست أنتظر المقابلة علما انني كنت وحدي لكن ما فاجأني صوت قهقهات عالية لإمرأة في الغرفة الأخرى التي يبدو انها السكرتيرة التي سآخذ مكانها وعندما خرجت كانت ترتب ثيابها، في البداية ترددت في الدخول لكني أردت المجازفة ودخلت فبدأ المدير بمساءلتي ووصل به الأمر إلى المغازلة والقول “إسم الله حلوي، ما يهمك إذا ما بتعرفي بالشغل أنا بعلمك “، “انشاءالله ما تكوني مزوجة”، عندها قررت الخروج مسرعة فاستأذنت منه بحجة أنه لدي مقابلة أخرى بعد ان كتبت رقم هاتفي بشكل خاطىء كي لا أراه”

أما سناء فتقول “ابحث عن عمل عبر جريدة اسبوعيةوعندما أحدد موعد المقابلة أذهب برفقة صديقتي أو أمي خوفا من مجهول ينتظرني”.

هاتان الحادثتان ليستا إلا نموذجا لحوادث اكثر قساوة غير مستبعد أن تكون قد حصلت مع فتيات خجلن من البوح بما تعرضن له بسبب هذه الإعلانات المبهمة التي يتم نشرها بدون أي رقابة من قبل دائرة المطبوعات والنشر.

صحيفتا الوسيط والهدف الأكثر انتشارا فكيف يتم نشر الإعلان بهما

بالطبع كما هو مشهود فإنهما الأكثر انتشارا في لبنان لذا من المحبذ أن تكون المصداقية والأمان متوفران في إعلاناتهم لكن في اتصال هاتفي مع جريدة الوسيط يبدو أن اللامبالاة هي المسيطرة وأن الهدف هو تجاري بحت بغض النظر عن مضمون الإعلان أو مصداقيته إضافة إلى عدم الإهتمام بالمعلن أو تفاصيل إعلانه وحتى عدم الإكتراث بطبيعة عمل المستخدم حماية لمن يريد العمل.

ففي اتصال هاتفي مع شركة الوسيط بحجة اننا نريد وضع إعلان لا يحوز على اي معلومات عن شركتنا، حصلنا على الموافقة المباشرة حتى أن الموظفة لم تكبد نفسها عناء السؤال إنما أخبرتنا أنه باستطاعتنا أن نعطيها الإعلان عبر الهاتف ثم ترسل المندوب للحصول على المبلغ الذي يبلغ حوالي 33 ألف لسبب أن الإعلان لا يتجاوز السطرين فهو يحتوي على معلومتين فقط “نريد موظفة حسنة المظهر، لمن ترغب الإتصال على هذا الرقم…الخبرة غير ضرورية”.

تحليل مضمون الإعلانات المنشورة:

إن هذا الإتصال جعلنا ندرك أن الإعلانات المبهمة لا تمت بصلة إلى أي معيار مهني أو أخلاقي في طريقة عرض الوظيفة، فهذا الإعلان خال من أي إحترام للإنسانية كما انه أكثر ترويجا للمرأة كسلعة، فعندما نقرا إعلانا يوجد فيه :”من لا تتوفر فيها هذه الصفات لا تتصل” هذا معناه أن الخبرة والشهادة لا شيء في هذا الوقت إنما المعايير الجمالية هي سيدة الموقف.

وكما حصلنا على الموافقة بنشر هذا الإعلان دون أي تفاصيل أخرى فهناك أيضا الإعلانات الجنسية التي تروج لأدوية قد تكون خطيرة جدا على صحة المستخدم والإعلانات المتعلقة بالشعوذة والتي يبدو أنها تنشر أيضا دون التأكد من صحتها او حقيقتها وهنا نتساءل من المسؤول عن استغلال غالبية الشعب اللبناني الذي يثق بهذه الإعلانات المبهمة؟

من المسؤول؟

بالطبع لا تتحمل جهة واحدة هذه المسؤولية التي تعتبر آفة خطرة على الشباب والفتيات الذين يتأثرون بهذه الإعلانات فهي من جهة تغري الشباب لتجربة كل ما هو جديد ومن جهة أخرى تشجع الفتيات على التقدم لأعمال تتوافق وخبراتهم لذلك فإنه من واجب المسؤول عن هذه الصحيفة التعميم على موظفيه أخذ كافة المعلومات عن المعلن وعن طبيعة العمل كي لا يتحول الشعب اللبناني إلى ضحية احتيال كما انه من واجب على دائرة النشر والمطبوعات التأكد من كل إعلان قبل نشره كي نجنب الفتيات محاولات إستغلال ونجنب الذين يلجأون إلى هذه الصحفمشاكل أكبر من تلك التيهم واقعون فيها.

ختاما، ما علينا إلا الأمل بأن يوضع قانون لبناني للإعلان الصحفي يتناسب مع التطورات التي حصلت في مجتمعنا مع الإشارة إلى أن الأمر الذي دفعنا إلى تسليط الضوء على موضوع عدم الرقابة على الإعلانات هي قصة حصلت مع فتاة تعرضت خلالها لمحاولة التحرش الجنسي بسبب إعلان عن وظيفة وهمية على أمل ان تأخذ الجهات المعنية هذا الموضوع على محمل الجد.

 


(liban8)