طرح اسقاط الطائرة الروسية من قبل الطائرات التركية الكثير من الأسئلة حول ابعاد ما جرى ؟ وإلى أين تتجه الأوضاع في المنطقة والعالم؟ وهل نحن أمام حرب عالمية جديدة؟ وما هو مصير المنطقة؟

وتخوف الكثيرون من أن تؤدي المواجهة التركية – الروسية إلى حرب عالمية تشبه الحرب العالمية الأولى والتي أدّت إلى نهاية الخلافة العثمانية بعد خسارة تركيا للحرب مع حلفائها الألمان والإيطاليين.

وانقسم المسلمون والعرب بين اتجاهين ، فإنّ الكثيرين أشادوا بإسقاط الطائرة الروسية واعتبروا ذلك " رداً اسلامياً " على الدور الروسي في سوريا وتحالف روسيا  وإيران ضد المجموعات الإسلامية  والمعارضة في سوريا ومن يدعمها من قطر وتركيا والسعودية .

وبالمقابل أبدت مجموعات أخرى تعاطفها مع روسيا ودعت إلى رد قاس على تركيا لأنّها تدعم داعش والمجموعات المسلحة وتريد إعادة الخلافة العثمانية .

وهكذا ينقسم العرب والمسلمون مرة أخرى بين محورين إقليميين ودوليين وتتحول الدول العربية والإسلامية إلى ساحة للصراعات الإقليمية والدولية تمهيداً لإعادة رسم خرائط جديدة للمنطقة والعالم ، فيما تدفع الشعوب العربية والاسلامية ثمنا لهذه الصراعات.

لكن الخوف الأكبر أن تسقط كل الرهانات على المحورين الدوليين ، كما حصل في الحربين العالميتين الأولى والثانية ، فلا الرهان على أميركا وفرنسا وبريطانيا والعمل لإسقاط الخلافة العثمانية أدّى لقيام الدولة العربية الهاشمية والمستقلة برئاسة الشريف الحسين أو ابنه الملك فيصل ونيل العرب استقلالهم ، ولا تحالف تركيا مع المانيا وإيطاليا آنذاك حمى الخلافة العثمانية من السقوط ومنع قيام خريطة جديدة للمنطقة وفقا لمعاهدة سايكس – بيكو ومن ثم قيام الكيان الصهيوني تطبيقاً لوعد بلفور البريطاني.

وها نحن اليوم ندفع ثمن كل الرهانات الخاطئة طيلة المائة عام الماضية ، فلا نجحنا بإقامة الدولة العربية المستقلة أو تأمين الديمقراطية والتنمية والإستقلال لبلادنا ولا زلنا منقسمين بين محاور اقليمية ودولية.

فطالما هناك غياب للمشروع العربي أو الإسلامي المستقل وطالما تنتشر بين ظهرانينا الدول المستبدة والديكتاتورية والظالمة والفساد وطالما نعيش في حال من التبعية الفكرية والسياسية وكل منا يراهن على فريق إقليمي او دولي وغير قادرين على حكم بلادنا والإتفاق على حلول سياسية للأزمات عبر الحوار ، فسنظل جميعاً مجرد حطب للحروب الإقليمية والدولية وسيتم وضع خرائط جديدة لبلادنا وعلى حسابنا من قبل الاطراف الاقليمية والدولية مما سيؤدي الى مزيد من التقسيم في المنطقة والمزيد من الصراعات المذهبية والطائفية والسياسية ، والله اعلم الى اين المصير.