فرنجية مرشح التسوية , ونصرالله لعون مصيرنا واحد

 

السفير :

 «لن نعلن الحرب على تركيا»... و«ليست لدينا أية نية على الإطلاق في التصعيد».
عبارتان، الأولى لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والثانية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، خففتا من الهلع الدولي إزاء التداعيات الصِدامية المحتملة لحادثة إسقاط طائرة «السوخوي» عند الحدود السورية ـ التركية.
ولكن ما قاله لافروف وأردوغان لم يؤشر الى إمكانية احتواء «الطعنة في الظهر» التي وجهها «السلطان» رجب طيب أردوغان لـ«القيصر» فلاديمير بوتين، في ظل الإجراءات العسكرية التي بادرت روسيا الى اتخاذها برّاً وبحراً وجوّاً في سوريا، والحديث عن مروحة واسعة من الخيارات السياسية والاقتصادية التي بإمكان الكرملين اللجوء اليها رداً على الاستفزاز التركي.
وفي اليوم الثاني لإسقاط طائرة «السوخوي»، بدا ان الرد الروسي على الحادثة الجوية قد أخذ في الحسبان ضرورة التركيز، في مرحلة أولى، على إفشال الأهداف التي ابتغتها تركيا من مغامرتها، التي تعد الأكثر تهوّراً منذ بدء الحملة العسكرية الروسية في سوريا، أو حتى منذ أيام الحرب الباردة، خصوصاً ان تلك هي الحادثة الجوية الاولى بين روسيا / الاتحاد السوفياتي، ودولة عضو في حلف شمال الاطلسي، منذ خمسينيات القرن الماضي.
وكان واضحاً، منذ اللحظة الاولى لإسقاط الطائرة الروسية في الأجواء السورية، ان تركيا أرادت تحقيق أهداف عدّة بضربة واحدة. ومن أبرز تلك الأهداف توجيه ضربة معنوية كبرى للرئيس بوتين عبر إسقاط طائرة حربية باتت تمثل رمزاً لعاصفته العسكرية المتواصلة في سوريا، واستنزاف الجهود الديبلوماسية والعسكرية الروسية الهادفة الى دحر الإرهاب وتحقيق الحل السياسي للأزمة السورية، وذلك من خلال استدراج موسكو الى مواجهة تتجاوز جبهتها الميدان السوري، والأهم وضع حلف شمال الاطلسي أمام أمر واقع جديد يدفعه الى القبول بخطة رجب طيب أردوغان الهادفة الى إقامة منطقة آمنة/عازلة من جرابلس الى البحر الابيض المتوسط.
ولكن تطورات الرد الروسي قلبت السحر على سحرة السلطان العثماني، فالإجراءات الأولية التي اتخذها الكرملين كانت كافية لإفشال مثلث الأهداف التركية، أو على الأقل احتوائها، فمفاعيل الضربة المعنوية تلاشت أمس، من خلال عملية كوماندوس روسية - سورية مشتركة، أفضت الى إعادة الطيار الروسي الثاني الى قاعدته الجوية سالماً. أما محاولات الاستنزاف فبدا انها اصطدمت برد الفعل المدروس من قبل القيادة الروسية التي أحبطت آمال أنقرة بمنازلة روسية - أطلسية. وأمّا مخطط المنطقة العازلة، فبدا أنه تحقق بالفعل، ولكن هذه المرّة معكوساً، بعد قرار روسيا نشر وتفعيل منظومات «اس 300» و «اس 400» للدفاع الجوي، وتسيير طائرات مقاتلة لمواكبة العمليات الجوية لطائرات القتال الارضي، وهو ما يدفع بالاتراك الى التفكير ألف مرّة قبل ان يتخذوا قراراً بمهاجمة الطائرات الروسية، أو الاقتراب منها، حتى في الأجواء التركية المحاذية للحدود مع سوريا.
وبعد يوم على إسقاط الطائرة الروسية عند الحدود التركية - السورية، سعت أنقرة الى تهدئة التوتر. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان «ليس لدينا على الإطلاق أية نية في التسبب بتصعيد بعد هذه القضية».
وأضاف أردوغان، في كلمة أمام منتدى دول إسلامية في اسطنبول، أن «تركيا لم تؤيد أبدا التوتر والأزمات وإنما تؤيد على الدوام السلام والحوار»، لكنه أضاف «نحن نقوم فقط بالدفاع عن أمننا وحق شعبنا... ويجب ألا يتوقع أحد منا أن نلزم الصمت حين ينتهك أمن حدودنا وسيادتنا».
وكرر أردوغان انتقاده للتدخل العسكري الروسي في سوريا، قائلاً «لسنا أغبياء. يؤكد (الروس) أنهم يستهدفون داعش، لكن لا داعش في هذه المنطقة. إنهم يقصفون تركمان بايربوجاك».
بدوره، أكد رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو، أمام نواب «حزب العدالة والتنمية»، أن بلاده «صديقة وجارة» لروسيا، موضحا «ليست لدينا أي نية في تهديد علاقاتنا مع الاتحاد الروسي»، مشددا على بقاء «قنوات الحوار» مع روسيا مفتوحة.
وفي موسكو، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مؤتمر صحافي، «لدينا شكوك جدية حول ما إذا كان ما حدث عملاً عفوياً، انه أقرب ما يكون إلى استفزاز متعمد».
وأضاف «لن نعلن الحرب على تركيا، وعلاقاتنا مع الشعب التركي لم تتغير».
وأشار لافروف الى انه أجرى مكالمة هاتفية مع نظيره التركي مولود جاويش اوغلو استمرت قرابة الساعة، موضحاً أن الوزير التركي حاول «تبرير قرارات سلاح الجو التركي» عبر تأكيده أن الطائرة «حلقت لمدة 17 ثانية في المجال الجوي التركي، وأن سلاح الجو التركي لم يعرف لمن تتبع». لكن لافروف أكد أن «هذا الهجوم غير مقبول على الإطلاق»، مشيرا إلى أن موسكو «ستجري إعادة تقييم جدية» للعلاقات الروسية - التركية.
وذكّر لافروف بكلام أردوغان، في معرض تعليقه على حادث إسقاط مقاتلة تركية من قبل سلاح الجو السوري فوق ريف اللاذقية في العام 2012، حين قال إن اختراقاً قصيراً للأجواء لا يجوز أن يعتبر ذريعة لاستخدام القوة.
وأضاف لافروف «ذكّرت نظيري التركي بهذا التصريح، لكنه لم يتمكن من الرد علي، بل أصر على أنهم (الأتراك) لم يعرفوا تبعية هذه الطائرة» الروسية.
وأشار إلى استحداث خط ساخن بين مركز تنسيق العمليات لوزارة الدفاع الروسية ووزارة الدفاع التركية منذ بدء العملية العسكرية الروسية في سوريا، لكنه أكد «أنقرة لم تلجأ إلى استخدام هذا الخط أبدا. إن ذلك يثير تساؤلات كثيرة».
وأشار إلى أن سلاح الجو التركي نفسه يخرق أجواء جيران تركيا باستمرار، لكن ذلك لا يؤدي إلى أي حوادث من هذا القبيل.
وفي سياق محاولات احتواء التوتر، أجرى وزير الخارجية الأميركي جون كيري اتصالاً مع لافروف، وطالبه بالهدوء وبالحوار مع تركيا. وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن «الوزيرين أكدا في اتصال هاتفي حاجة الجانبين لعدم السماح لهذا الحادث بتصعيد التوتر بين بلديهما أو في سوريا»، فيما ذكرت الخارجية الروسية أن لافروف أشار في اتصاله مع كيري إلى أن إسقاط الطائرة «يعتبر انتهاكاً سافراً للمذكرة الروسية - الأميركية المشتركة حول ضمان سلامة طلعات الطائرات العسكرية في سوريا، والتي أخذت الولايات المتحدة فيها على عاتقها المسؤولية عن التزام جميع دول التحالف الدولي الذي ترأسه واشنطن، بالقواعد المنصوص عليها في هذه الوثيقة».
الى ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن الطيار الثاني لمقاتلة الـ «سوخوي-24» تم إنقاذه من خلال عملية خاصة مشتركة بين القوات السورية والروسية.
وقال شويغو «العملية كانت ناجحة. وأعيد الطيار إلى قاعدتنا» في حميميم، شاكراً «كل عناصرنا الذين قاموا بمجازفات كبرى طوال الليل» لإنقاذ الطيار قسطنطين موراختين.
وذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» ومعارضون أن الطائرات الروسية شنت غارات عنيفة على مواقع المسلحين في ريف اللاذقية قرب موقع إسقاط تركيا للطائرة الروسية. وأوضح «المرصد» أن «12 ضربة جوية على الأقل أصابت ريف اللاذقية الشمالي، فيما اشتبكت قوات سورية مع مقاتلين من جبهة النصرة ومقاتلين تركمان في منطقتي جبل الأكراد وجبل التركمان».
وقال مصدر في الجيش التركي إن القوات التركية المنتشرة على الحدود في حالة تأهب بعد بدء القصف.
وعززت شهادة الطيار الروسي حول الحادث الجوي وجهة النظر القائلة بأن تركيا تعمّدت نصب كمين جوي لـ «السوخوي» الروسية. وخلافاً للرواية التركية، قال قسطنطين موراختين «لم يكن هناك أي تحذير، لا عبر اللاسلكي ولا بصرياً. لم يكن هناك أي اتصال على الإطلاق»، مضيفاً «لو أراد (الجيش التركي) أن يحذرنا، لكان قادرا على إرسال طائرة في محاذاتنا. لم يكن هناك أي شيء على الإطلاق».
ولعل الرواية التركية بشأن الحادث تتضمن ما يؤكد وجهة النظر الروسية بشأن الحادث، فقد نُشرت يوم امس نسخة من الرسالة التي وجهتها أنقرة الى الامين العام للامم المتحدة بان كي مون حول ملابسات إسقاط «السوخوي»، وقد كان لافتاً فيها التأكيد أن المقاتلة الروسية استهدفت بعد 17 ثانية من اخترقها المجال الجوي التركي، بخلاف ما كانت أنقرة أكدته مرارا امس الاول بأن الانتهاك استمر خمس دقائق.
وفي موازاة عملية إنقاذ الطيار الروسي، اتخذت موسكو إجراءات جديدة، لحماية طائراتها العاملة في سوريا، فبعد قرار هيئة الأركان العامة تأمين مواكبة جوية بطائرات قتالية للعمليات الجوية، وتفعيل منظومة «اس 300» على متن الطراد «موسكفا» قبالة السواحل السورية، تقرر يوم امس نشر منظومة الدفاع الجوي «اس 400» في قاعدة حميميم العسكرية.
وفي هذا الإطار، قال بوتين: «في ما يتعلق بأمن طيراننا خلال عمليتنا الجوية في سوريا، أرى أن الإجراءات التي أعلناها غير كافية، وبحثت الأمر مع القادة المعنيين في وزارة الدفاع. قررنا نصب منظومة اس 300 للدفاع الجوي في قاعدتنا الجوية في سوريا، وآمل ألا تقتصر إجراءاتنا على هذه الخطوة فحسب، بما يخدم ضمان سلامة تحليق طائراتنا». وأضاف «أريد التأكيد في هذه المناسبة أننا سنتعامل بجدية مطلقة مع الحادث، وسنسخّر جميع طاقاتنا لضمان أمننا».

النهار :

لم يترك رئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجيه المعروف بصراحته المجال واسعاً امام التكهنات المتصلة "بترشيحه وترشحه"، فحوّل الجولة الحادية عشرة للحوار الوطني في عين التينة منصة أولوية للتلويح بجدية هذا الترشيح. بدا فرنجيه في جولة حوارية، كانت المفارقة التي واكبتها أنها غيّبت الملف الرئاسي غياباً تاماً، "النجم المرشح" الذي أحيط بإغراق إعلامي، فيما كانت الجولة المغلقة للحوار تشهد سلسلة خلوات "على الواقف" عكست المناخ السياسي "المضطرب" حيال كل معالم تداعيات "اللقاء السري" بين الرئيس سعد الحريري وفرنجيه الأسبوع الماضي في باريس، وما استتبعه من لقاءات أخرى للحريري مع شخصيات سياسية واتصالات أجريت بينه وبين شخصيات أخرى في بيروت. وبحذر وانتقائية طغيا على صراحته المألوفة قالها فرنجيه "إن طرح اسمي للرئاسة جدي لكنه غير رسمي حتى الآن". وإذ دعا الاعلام الى تظهير "ايجابيات التقارب لا السلبيات"، أكد ضمناً حصول اللقاء الباريسي مع الحريري، مشيراً الى "انتظار طرح الفريق الآخر، وعندما يصبح ترشحي رسمياً نبني على الشيء مقتضاه" من غير ان يفوته القول "إننا نثق بالفريق الآخر". كما كرر ان "مرشحنا الاول هو العماد ميشال عون، أما اذا أعطى الفريق الآخر طرحاً آخر فسنتعامل معه في وقته".
وغابت عن طاولة الحوار كل المسألة الرئاسية ومعالم ما يتردد عن ملامح التسوية التي انطلقت في لقاء باريس وقت بدأت تعلو معالم التهيب السياسي من جدية ترشيح فرنجيه. وقالت مراجع سياسية مشاركة في الحوار لـ"النهار" إن طرح ترشيح فرنجيه جدي للغاية وليس مناورة تماماً كما قال فرنجيه نفسه من عين التينة، لكن جديته لا تعني سهولة الأمر، فدونه عقبات كبيرة وكثيرة داخل البيت الواحد لكل فريق سياسي عريض. وأشارت الى ان عامل الوقت مهم جداً لان الاستغراق طويلاً وسط هذه التعقيدات سيؤدي الى تعثر المسعى للتسوية وقيام تحالفات من شأنها ان تجهض المحاولة لتسويق فرنجيه. واسترعى الانتباه في هذا السياق اعلان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري مساء امس عبر محطة "المستقبل" ان الرئيس الحريري جدّي في طرحه ترشيح سليمان فرنجيه ولكن ضمن سلة متكاملة، موضحاً ان الحريري يرى ان التوافق على رئيس يرضي الجميع لم ينجح طوال السنة ونصف السنة الماضيين وهو تلقف مبادرة السيد حسن نصرالله الاخيرة. ووصف مكاري فرنجيه بأنه "المرشح المتقدم اليوم على سائر المرشحين للرئاسة".
وعلمت "النهار" من مصادر وزارية نيابية شاركت في جولة الحوار في عين التينة أن عدم التطرق الى الحوار الذي جرى بين الرئيس الحريري والنائب فرنجيه في فرنسا كان بمثابة إشارة الى جدية الموضوع والى رغبة أطراف الحوار في عدم الخوض فيه، ما دام يمضي البحث فيه بعيداً من الأضواء. وفي هذا الاطار كان حوار باريس حاضراً في اجتماع شورى "حزب الله" امس حيث انفتحت اتصالات مباشرة بين الحزب والعماد ميشال عون. وقد عقد لقاء ليل أمس بين وزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للامين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل. وفي موازاة ذلك، دعا رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط الى اجتماع للقاء اليوم في دارته بكليمنصو لإطلاع أعضائه على نتائج لقائه الرئيس الحريري.

14 آذار
كما علمت "النهار" أن مناقشات معمّقة تجري داخل قوى 14 آذار في تطورات الشأن الرئاسي بعد لقاء باريس بين الرئيس الحريري والنائب فرنجيه، وأبرز هذه المناقشات كان في "بيت الوسط" أول من أمس بمشاركة الرئيس فؤاد السنيورة والوزير بطرس حرب والنائب جورج عدوان والدكتور فارس سعيد والنائب أحمد فتفت، وواكب الاجتماع النائب سامي الجميّل الذي كان وصل لتوّه من باريس ومثّله فيه السيد سيرج داغر.
وانعكس الإختلاف في الرأي، بحسب المعلومات، تصميماً لدى حزب "القوات اللبنانية" على الحؤول دون تأييد 14 آذار لفكرة السير بترشيح رئيس "تيار المردة" من جهة، وذلك على قاعدة أن هناك فارقاً بين أن يكون العرض في اتجاه فرنجيه صادراً عن "تيار المستقبل" والرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، وأن يكون صادراً عن تحالف 14 آذار ككل.
وفي المعلومات أيضاً أن حزب "القوات" و"التيار الوطني الحر" سينسقان الموقف للتعامل مع هذا الموضوع، ويصعب على قوى حزبية أخرى، الكتائب أو غيره، تجاهل وقائع تتعلق بطريقة اختيار رئيس الجمهورية، بقدر صعوبة أن تتقبل قوى معينة اجتماع أحزاب ذات غالبية مسيحية لتقرر من يكون رئيس الوزراء أو رئيس مجلس النواب، بمعزل عن شركائها في الوطن والمبدأ السياسي على السواء.
وفي الوقت نفسه يسود اقتناع لدى أصحاب هذه الرؤية بأن "حزب الله" لن يتخلى عن تأييد ترشيح العماد عون، والقرار يعود اليه في هذا المجال. لذا فإن مسألة ترشيح فرنجيه أو تأييد ترشيحه ليست سهلة إطلاقاً، من غير أن يعني ذلك تجاهل ضرورة تقديم مرشحين توافقيين يمكن أن يكونوا مقبولين لدى جانبي 14 و8 آذار للخروج من دوامة الفراغ الرئاسي.

 

المستقبل :

لم يحُل غياب نجم الرئاسة الأولى داخل قاعة الحوار الوطني دون سطوع اسم سليمان فرنجية نجماً رئاسياً خارجها في ظل تركيز الساحة الإعلامية عدساتها على ترصّد تحركاته ورصد تصريحاته ربطاً بالأنباء الصحفية التي تتحدث عن ارتفاع حظوظ تولّيه سدة الرئاسة الأولى، وهي أنباء أكد فرنجية أمس أنها «غير صحيحة» على مستوى مقاربتها من زاوية «التسوية» مع تأكيده وجود «طرح جّدي لكنه لا يزال غير رسمي» بخصوص مسألة ترشّحه. وبينما طغى حبس الأنفاس الرئاسي جلياً على طاولة الحوار في جولته الحادية عشرة، بدا في المقابل شدّ الحبال الحكومي على أشدّه بين المتحاورين تحت وطأة التجاذب الحاصل حول آلية تفعيل عمل مجلس الوزراء بداعي الحرص على صلاحيات الرئيس الغائب.
وبانتظار جولة 14 كانون الأول المقبل الحوارية، نقلت مصادر المتحاورين لـ«المستقبل» انطباعات تشي باستمرار المراوحة في الحوار نتيجة الأجواء التي خيّمت على مناقشات جلسة الأمس وتمحورت بشكل أساس حول بندي تفعيل عمل الحكومة وقانون الانتخابات النيابية، موضحةً أنّ غياب بند الرئاسة عن الجلسة مردّه إلى اعتبار رئيس مجلس النواب نبيه بري في الجولة الحوارية السابقة أنّ النقاش حول مواصفات رئيس الجمهورية العتيد استنفد واستوفى مختلف جوانبه، وعلى هذا الأساس تم الانتقال أمس إلى البندين الحكومي والنيابي المدرجين على جدول الأعمال.
وأشارت المصادر إلى أنّه خلال مناقشة سبل تفعيل عمل الحكومة سادت بدايةً أجواء لا بأس بالتأسيس عليها من خلال طرح أركان في قوى الثامن من آذار آلية تجنب طرح البنود الخلافية على طاولة مجلس الوزراء في غياب الرئيس، لكن سرعان ما عادت الأمور إلى مربع التشدد العوني حيال موضوع الاتفاق على جدول الأعمال وآلية العمل الحكومي في ظل الفراغ الرئاسي كما عبّر النائب ابراهيم كنعان أمام المتحاورين نيابةً عن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي غاب عن الجلسة. وتفاوتت القراءات لموقف كنعان بين من اعتبره إيجابياً يصب في مصلحة بلورة صيغ تفعيل الحكومة كما رأى كل من النائبين فرنجية وهاغوب بقردونيان، وبين من قرأ فيه موقفاً سلبياً يصعّب مهمة التوافق على آلية التفعيل وفق ما عبّر كل من نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والنائب بطرس حرب، في حين توجّه رئيس المجلس إلى رئيس الحكومة تمام سلام بالقول حيال النقاش الدائر بشأن الصلاحيات الرئاسية في ظل الشغور الرئاسي: «سبق أن نصحتك يا دولة الرئيس بأن تحاذر حصول أي اعتداء على صلاحيات رئيس الجمهورية في غيابه لكن على ألا تفتح كذلك المجال أمام منح الرئيس في غيابه صلاحيات لا يمتلكها في حضوره».
أما في بند قانون الانتخابات النيابية، فانطلق النقاش من تجديد المتحاورين التأكيد على ضرورة وضع قواعد لعمل اللجنة النيابية المكلفة درس مشروع قانون الانتخاب الجديد، غير أنّ كنعان سرعان ما بادر إلى إثارة مسألة «ضرورة احترام الأصول في تمثيل الطوائف وتوازناتها الدقيقة» في القانون العتيد. وهو ما انطبق أيضاً على فحوى مداخلة النائب طلال ارسلان الذي أعرب عن رفض أي قانون يقوم على أساس النظام الأكثري لاعتباره أنّ إشارة الدستور إلى تساوي اللبنانيين بالحقوق والواجبات إنما تعني وجوب اعتماد «النسبية» في الانتخابات النيابية.
فرنجية: عون مرشح 8 آذار
وبُعيد انتهاء الجلسة، سارع المراسلون الصحافيون إلى التحلّق حول رئيس «تيار المردة» لاستصراحه حول ما يُحكى عن تقدم اسمه في بورصة المرشحين الرئاسيين، فأوضح فرنجية أنّ «هناك الكثير من الكلام غير الصحيح يتم التطرق له في الصحف ووسائل الإعلام عن أجواء تسوية بهذا المعنى»، ودعا في المقابل إلى «التطلع إلى كل تقارب بين فريقين (على الساحة الوطنية) بإيجابياته وليس بسلبياته من منطلق وضع مصالح الوطن والشعب اللبناني فوق كل المصالح».
ولدى سؤاله عما إذا كان التقارب من شأنه أن يوصله إلى سدة الرئاسة الأولى، أجاب: «نحن اليوم نعتبر أنّ كل طرح يأتينا هو جدّي ونحن نثق بالفريق الآخر وما يطرحه، ولكن ما أؤكده هو أن هذا الطرح هو جدّي ولكن غير رسمي، وعندما يأتي الطرح الرسمي نبني على الشيء مقتضاه»، لافتاً الانتباه في المقابل إلى أنّ عون لا يزال «مرشح قوى 8 آذار».

الديار :

انتهت انتخابات رئاسة الجمهورية وقررت الأكثرية تأييد الوزير سليمان فرنجية برئاسة الرئيس سعد الحريري الذي سيعلن ترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في الأيام المقبلة، وربما في القريب العاجل. ووافق الوزير وليد جنبلاط على تأييد الوزير سليمان فرنجية، اما الرئيس نبيه بري فهو الذي طبخ الطبخة مع جيلبير شاغوري، وجيلبير شاغوري هو رجل اعمال كبير في نيجيريا وجاء بأموال كثيرة له الى بيروت نقدا بطائرات خاصة ومرت بسحر ساحر. وهو مموّل اطراف عديدة في لبنان، بملايين الدولارات.
مجيء الوزير سليمان فرنجية بعد سنة ونصف من الفراغ سيعطي مناخا إيجابيا في البلاد ويلغي فراغ رئاسة الجمهورية ويبدأ عمل المؤسسات على كل الأصعدة وتتألف حكومة جديدة وتتفاعل هذه الحكومة مع مشاكل الناس ومع الأمور الجامدة التي لا تتحرك. ويعطي ذلك املا وإيجابية للشعب اللبناني كي يبدأ من جديد النهوض والعمل في ظل رئيس جمهورية يتمتع بشخصية قوية وبنفوذ قوي في طائفته المارونية.
اما الطبخة التي طبخها الرئيس نبيه بري مع جيلبير شاغوري فيقول البعض انها تتناول أيضا قضية قائد الجيش، فالشاغوري اخذ على عاتقه ان «يمون» على الوزير سليمان فرنجية بأن يأتي العميد شامل روكز من الاحتياط ليكون قائدا للجيش وذلك ارضاء للعماد ميشال عون، مقابل تأييد العماد ميشال عون للوزير سليمان فرنجية. وهكذا تكون رئاسة الحكومة للرئيس سعد الحريري او لمن يعيّنه الحريري، علما ان الرئيس سعد الحريري في الشارع السني اصبح اضعف من السابق ولم يعد قويا مثلما كان منذ 5 سنوات.
وبالنسبة لرئاسة مجلس النواب فهي دائما محسومة للرئيس نبيه بري وهو على علاقة ممتازة مع الوزير سليمان فرنجية وستكتمل هذه العلاقة بعد انتخاب الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية ويستمر الرئيس نبيه بري في رئاسة المجلس ويكون التنسيق كاملا بين تيار المستقبل وحركة امل، والوزير سليمان فرنجية ولكن الجميع سيكونون تحت مظلة حزب الله استراتيجيا، ذلك ان حزب الله هو الحزب الذي يتمتع بقوة شعبية وسياسية وعسكرية وديبلوماسية تؤهله ان يكون هو المظلة الاستراتيجية للاحداث في لبنان، فلا يستطيع الرئيس نبيه بري ولا يستطيع الوزير سليمان فرنجية ولا يستطيع الرئيس سعد الحريري اتخاذ قرار استراتيجي بالتدخل مثلا في قتال حزب الله في سوريا، كذلك لا يستطيعون التدخل في سلاح حزب الله في جنوب لبنان وتركيب الصواريخ لردع العدو الإسرائيلي. وفي الداخل ان كل ما يطلبه حزب الله هو ان لا تحصل فتنة سنية ـ شيعية وحزب الله لا يسمح بها ولن يتنازل عن سرايا المقاومة لانها عناصر مؤيد ة للمقاومة لانها لا تستطيع ان تكون في جسم المقاومة العسكري على الجبهات بل هي ضامن شعبي مؤيد لسلاح المقاومة ولخط المقاومة، وبالتالي فان حزب الله لا يمكن ان يتنازل في سبيل أي طرف عن سرايا المقاومة، حتى لو طلبها منه الرئيس سعد الحريري او الوزير سليمان فرنجية او الرئيس نبيه بري او غيره.
سافر الوزير وليد جنبلاط الى باريس واجتمع مع الحريري الذي جاء من الرياض وايد ترشيح الوزير سليمان فرنجية والرئيس بري يؤيد الوزير سليمان فرنجية والرئيس سعد الحريري مع نوابه يؤيدون الوزير سليمان فرنجية.
اما بالنسبة الى العماد عون فليس عنده مبرر ان يرفض الوزير سليمان فرنجية طالما ان الوزير سليمان فرنجية هو واحد من 4 أقوياء اجتمعوا في بكركي وقالوا ان رئيس الجمهورية يجب ان يأتي من 4 وهم الجميل وجعجع وعون والوزير سليمان فرنجية ولذلك فالوزير فرنجية له الحق بالترشح لرئاسة الجمهورية ولا يستطيع العماد عون الاعتراض عليه، كونه وافق منذ الأساس ان يأتي رئيس من 4 شخصيات اعتبرتهم بكركي واعتبروا انفسهم انهم الأقوى على صعيد التمثيل الماروني. ولن تتغير الأمور كثيرا في البلاد ذلك ان حزب الله يسيطر على الجنوب والبقاع والوزير وليد جنبلاط يسيطر على الجبل وبعض التغييرات قد تحصل في جبل لبنان، اما في الشمال، المسيحي مقسوم بين جعجع وفرنجية، والسنة في الشمال يتجهون نحو السلفية ويبتعدون عن الرئيس سعد الحريري تدريجيا. وهو لم يستطع حتى ضمان طمر النفايات في بلدة سرار في عكار رغم كل ثقل الرئيس سعد الحريري في هذا المجال.
انتخابات الرئاسة تم حسمها ولا بد من ان تعطي دفعا اقتصاديا نحو الإيجابية ونحو الأمان، وكثيرون كانوا يعتقدون بأنه لن يكون هنالك رئيس للجمهورية في البلاد، وكثيرون يعتقدون ان آخر رئيس جمهورية ماروني جاء الى الرئاسة هو العماد ميشال سليمان، وكثيرون كانوا يعتقدون ان الفيدرالية او التقسم آت، ولن يكون هنالك رئيس للجمهورية في لبنان، وترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية ومجيئه رئيسا سيعطي املا معنويا وروحيا كبيرا للبنانيين، ويعطي إيجابية في الأسواق الاقتصادية التجارية والصناعية والزراعية، إضافة الى دفعة إيجابية في المؤسسات الإدارية والوزارات ويكون هنالك مرجع في الدولة يسأل الوزراء ويرأس مجلس الوزراء عندما يحضر عن الاعمال وعن القرارات التي تتخذها الحكومة ويتابعها، وبالتالي هذا الامر كان مفقودا في السابق طوال سنة ونصف، اما اليوم فهو سيعود بايجابية مع انتخاب الوزير سليمان فرنجية الذي هو ملمّ بأمور البلاد وله خبرة سياسية هامة، ويعرف صداقاته وعداواته ويعرف ميزان القوى مع سوريا، وهو حليف الرئيس بشار الأسد ويقول ان الرئيس بشار الأسد هو أخوه، وهو لم يتناول امام الرئيس سعد الحريري علاقته مع الرئيس بشار الأسد، بل سيزور سوريا، وعندما يأتي الوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية سيكون اول رئيس لبناني يزور سوريا منذ عام 2005 وستعود العلاقة السورية ـ اللبنانية الى طبيعتها بوجود الرئيس بشار الأسد والوزير سليمان فرنجية رئيسا للجمهورية، لا بل سيكون هنالك تنسيق بين الجيش اللبناني والجيش السوري رغم ان الحكومة قد تعترض على ذلك، لكن الوزير سليمان فرنجية اذا وصل الى رئاسة الجمهورية سيأمر بأن يكون هنالك تعاون في كل المجالات بين سوريا ولبنان.
كذلك سيقوم الوزير فرنجية، اذا انتخب رئيسا للجمهورية، بزيارة المملكة العربية السعودية والفاتيكان وفرنسا وغيرها من الدول ليوازن في العلاقات ويبني علاقات ديبلوماسية مع هذه الدول، ويقدم لهما ضمانات بأن لبنان سيكون في ظله كرئيس للجمهورية، محافظا على المبادئ التي سار عليها الكيان اللبناني منذ الاستقلال وحتى الان.

ـ طاولة الحوار ـ

اما على صعيد طاولة الحوار، فقد «حكمتها» اجواء التسوية الشاملة ولقاء باريس وترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية في غياب العماد ميشال عون ومقاطعة النائب سامي الجميل للمرة الثالثة انطلاقاً من موقف الكتائب بعدم المشاركة في الحوار ما لم يتم انتخاب رئيس الجمهورية اولاً.
طاولة الحوار لم تناقش بالملف الرئاسي مطلقا، لكن فرنجية كان نجم «طاولة الحوار» وتعامل معه الجميع كرئيس لجمهورية لبنان وحرصوا على تبادل الحديث معه. وهذا ما جعل بري يعطي تكراراً الملاحظات للمشاغبين للعودة الى الطاولة.
واشارت معلومات بعض المشاركين على طاولة الحوار، ان اتضاح التسوية وترجمتها لن يستغرق طويلاً ولا يستبعد انتخاب فرنجية مع مطلع العام الجديد.

ـ ميقاتي: اؤيد الوصول الى تسوية ـ

قال الرئيس نجيب ميقاتي ردا على سؤال خلال دخوله الى جلسة الحوار: «انا اؤيد الوصول الى تسوية للاوضاع الراهنة، ولكن الامور لا تزال قيد البحث».
وسئل لدى خروجه عن كيفية تعامل «فخامة المرشح» سليمان فرنجية خلال الجلسة فقال: «ان سليمان بك هو ركن من اركان الحوار ومن القيادات اللبنانية البارزة، والاكيد انه من المرشحين لرئاسة الجمهورية».

 

الجمهورية :

لا حديث في لبنان اليوم يطغى على حديث التسوية الرئاسية. فلا الاشتباك الروسي-التركي في كلّ أبعاده وخلفياته ومؤدّياته استحوَذ على المساحة المفترضة من النقاش، ولا الإرهاب المتنقّل بين العواصم انتزَع ما يستحقّ من متابعة، ولا الملفات الداخلية على اختلافها، بدءاً من الحوار الذي يدور حول نفسه، مروراً بالحكومة المعطلة، وصولاً إلى النفايات وحلولها المؤجّلة، ما زالت مادة جذب للّبنانيين. وقد يكون هذا الأمر صحّياً وفي محلّه، لأنّ انتخاب رئيس جديد بعد سنة ونصف السنة على الفراغ الرئاسي ستكون له تداعيات على كلّ المشهد السياسي، خصوصاً إذا تمّ انتخاب النائب سليمان فرنجية رئيساً وبمبادرة من تيار «المستقبل»، الأمر الذي سيؤدّي إلى خلط كلّ التحالفات القائمة، وبروز خريطة سياسية جديدة تَطوي صفحة 8 و14 آذار معاً. وقد دلّت المواقف والمؤشرات إلى أنّ التسوية جدّية جدّاً، ولكن هذا لا يعني عدم وجود عراقيل ومطبّات أمام تحقيقها وتخريجها، وبالتالي احتمالُ انفراطها يبقى قائماً تماماً كما احتمال نجاحها، ولذلك هناك حبسُ أنفاس حقيقي، ومتابعة حثيثة من كلّ الأطراف التي فضّلت الابتعاد عن التصريح، والعملَ وراء الكواليس إمّا لإجهاض التسوية أو إنضاجها. وقد بدا لافتاً تغَيُّب رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون عن جلسة الحوار أمس في رسالة، ربّما، مزدوجة: عدم رغبته بالحفاظ على الشكليات في اللحظة التي تُطبَخ فيها التسوية على نار حامية، وعدم رغبته باللقاء مع فرنجية. وفي مطلق الأحوال تشهَد الحياة السياسية حركةً استثنائية واتّصالات في كافّة الاتّجاهات، ويتوقّع أن تتوضّح وتتظهّر معالم التسوية العتيدة في المقبل من الأيام. في انتظار اتّضاح معالم المرحلة المقبلة في ضوء ما سيفرزه التوتر العالي على خط موسكو ـ أنقرة، خصوصاً مع رفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لهجتَه قائلاً إنّ «الأتراك أعلنوا الحرب علينا وصبرُنا بدأ ينفد»، بعدما صادقَ على نشر منظومة إس-400 في قاعدة حميميم، بدأ في لبنان ينقشع الغموض الذي اكتنف اللقاءات اللبنانية ـ اللبنانية في الرياض واللقاء الباريسي الشهير والبعيد من الأضواء بين رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية.

«ترشيحي جدّي»
وقد وضع فرنجية أمس حدّاً للجدل الذي أثير أخيراً حول هذه التسوية الرئاسية القاضية بتبنّي «المستقبل» وصوله الى سدّة الحكم، قاطعاً بنفسِه الشكّ باليقين، حين أكّد بَعد خلوة عقدَها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبَيل انطلاق الجلسة الحادية عشرة للحوار الوطني، انّ ترشيحه جدّي إنّما غير رسمي، وأنّه ينتظر أن يصبح الطرح جدّياً ليبني على الشيء مقتضاه. وشدّد على أنّ مرشّح 8 آذار الأوّل للرئاسة هو رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون.

«لقاء باريس»
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«الجمهورية» إنّ الاهتمام الذي يُعطى للقاء باريس لا يجد ترجمةً فعلية له على أرض الواقع، وكأنّه زوبعة في فنجان المعركة الرئاسية، بحيث يُرمى كلّ فترة باسم مرشّح ثمّ يُسحَب لاحقاً، وقد بدا هذا الانزعاج واضحاً بشدّة على وجه فرنجية أمس حين شدّد على وجوب عدم النظر الى التقارب الحاصل بسلبية.
وبحسَب آخر المعلومات، فإنّ لقاء باريس لم يكن تصويتاً لمرشّح بمقدار ما كان رسائل إلى مرشحين آخرين، وخصوصاً إلى المرشّحين الأساسيين عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع اللذين اتّفقا على بعض الملفّات، إلّا أنّهما لم يتّفقا على الرئاسة.
وتقول المعلومات إنّ الحريري كان يتمنّى أن يبادر عون وجعجع رئاسياً، وقد سمحَ استمرار الجمود الحاصل للقوى الأخرى بأن تأخذ المبادرة بنفسها. وتشير المعلومات الى أنّ لقاء الحريري ـ فرنجية يجد لغاية اليوم صعوبات في شقّ طريقِه سواءٌ في فريق 8 آذار أو في فريق 14 آذار.

«الحزب» يتمسّك بعون
وفيما تردَّد ليلاً حصول لقاء بين وزير الخارجية جبران باسيل والمعاون السياسي للأمين العام لـ»حزب الله» الحاج حسين خليل في سياق التشاور في التسوية الرئاسية، علمت «الجمهورية» أنّ «حزب الله»، يترقّب وينتظر ويتشاور في المعلومات المتداولة مع الحلفاء، إلّا أنّ موقفه الثابت والأكيد هو أنّ عون مرشّحه الرئاسي، وكذلك هو الممرّ الإلزامي للرئاسة، كما قال الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله، وعبّر عن ذلك بخطاباته في أكثر من مناسبة ومحطة.
الرابية
وفي الموازاة، ينسحب الترقّب والانتظار على الرابية التي يسود أرجاءَها صمتٌ مطبق حيال ما يجري. وفي المعلومات أنّ عون، الذي أثار غيابُه عن جلسة الحوار الوطني امس جملة تكهّنات وطرحَ عدّة تساؤلات، ينتظر انقشاع الرؤية التي لا تزال غير واضحة بعد.
جنبلاط
في غضون ذلك، كرّر رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط أنّه لا يعارض التسوية لإخراج البلاد من المأزق السياسي والدستوري والاقتصادي.
وعن موافقة الحريري على هذه التسوية، لفتَ جنبلاط الى أنّه «بعد اللقاء مع الحريري صَدر بيان واضح، وعلى الجميع العودة إلى هذا البيان»، وقال إنّ «الحريري، انطلاقاً
من حِرصه على البلاد، يسعى للوصول إلى تسوية، وعندما تعلَن ملامحها بشكل واضح سيكون لنا موقف»، وجدّد القول: «إذا كان فرنجية مرشّح تسوية يُخرجنا من هذا المأزق فلا مانع».
التسوية في الحوار
ومع غياب عون، غابَ الملف الرئاسي عن مداولات المتحاورين، فيما حضرَت «التسوية الرئاسية» بقوّة في كواليس اللقاءات والخلوات، أبرزُها التي عقِدت بين بري وفرنجية، والخلوة بين الرئيس فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، والتي سُئل بعدها السنيورة: هل أصبح فرنجية مرشّحكم؟ فاكتفى بالقول: «إن شاء الله خيرا». كذلك حضَرت التسوية في مواقف المتحاورين وتصريحاتهم لدى انتهاء جلسة الحوار.
برّي
وقبل أن يُرحّل بري جلسة الحوار إلى 14 كانون الأوّل المقبل، بحثَ المتحاورون في تفعيل عمل مجلس الوزراء وقارَبوا موضوع قانون الانتخاب، كما أكّدوا ضرورة معالجة موضوع النفايات. وشدّد بري على ضرورة تفعيل عمل الحكومة، وتمنّى الإسراع في إنجاز ملف النفايات، وأشار الى أنّ لجنة التواصل النيابية كُلّفت إعداد قانون جديد للانتخابات.
المر
من جهته، أشار نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر إلى أنّ البحث في بند الرئاسة تأجّلَ، وترَكّز على العمل الحكومي». وقال، ردّاً على سؤال: «تمّ البحث في ملف النفايات بانتظار جلسة مجلس الوزراء التي سيخصّص الجزء الأكبر منها لهذا الموضوع».
كنعان
وأعلن أمين سر «التكتل» النائب ابرهيم كنعان أنّ «التيار الوطني الحرّ» موافق على المشاركة في جلسة طارئة لمجلس الوزراء مخصّصة للنفايات، أمّا الجلسات الحكومية الأخرى فيجب ان يسبقها اتفاق على الآليّة الدستورية التي تَحول دون تجاوز صلاحيات رئاسة الجمهورية في ظلّ الشغور الرئاسي ربطاً بانتظام عمل الحكومة وفقاً للدستور والقوانين المرعيّة.
وفي الشأن الانتخابي، قال إنّ «التيار» يَعتبر قانونَ الانتخابات النيابية العمودَ الفقري لتأمين الشراكة الوطنية الإسلامية - المسيحية، ولا يُغني مجلس الشيوخ واستحداثه عن مجلس نيابي مكوّن على أساس المناصفة الفعلية، واحترام الطائف يكون من خلال تصحيح هذا الخَلل المزمن الذي قادنا إلى تبنّي اقتراح قانون «اللقاء الأرثوذكسي».
قلق أميركي
على صعيد آخر، بَرز قلق أميركي على الوضع الأمني في لبنان، وقد عبّر عنه القائم بأعمال السفارة الاميركية السفير ريتشارد جونز بعد زيارته وزيرَ الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، حين قال: «نحن جميعاً قلِقون، ويمكنني القول إنّنا منهمكون، بالوضع الأمني»، وجدّد دعمَ الولايات المتحدة للبنان ووقوفَها إلى جانبه، والاستمرار في توفير الدعم للأجهزة الأمنية فيه.