ما إن انتهت الحلقة التلفزيونية ببرنامج "للنشر" الذي تقدمه الإعلامية ريما كركي على تلفزيون الجديد، والذي شارك في احدى فقراته الشيخ حايك حيث تناولت فيها مقدمة البرنامج موضوع مشاركة بعض المحجبات بمسابقة كانت قد أقيمت في منطقة صور الجنوبية لملكات الجمال، حتى اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الغيارى على الدين والتدين وما اكثرهم هذه الايام .

 

لم تغمض في تلك الليلة الليلاء أعين الحماة عن الشيعة والتشيع وعن المقدس والقداسة والمدافعين عن عمائم رسول الله ونهج اهل بيت النبوة وعن الاسلام المحمدي الاصيل حتى بلوغ الفجر الصادق منه والكاذب، ولا أشك للحظة أن من بينهم من فاتته صلاة الفجر وطلعت عليه الشمس وهو مشغول عنها بكتابة ما تيسر له من الشتم والذم والقدح على صفحات الفيسبوك، أو في كروبات الوتساب وبالخصوص منها، تلك المواقع المتضمنة لاسماء من “العلماء الافاضل” أصحاب النفوذ والاموال الذين لا ترد شهادتهم عند أمير.

 

هي دقائق معدودات جدًا تلك التي فسحت فيها المجال للشيخ عباس كي يدلي بدلوه ويقول رأيه في القضية الخطيرة المطروحة بشدة على الساحة الجنوبية واللبنانية، وإذا شئت الاقليمية والدولية، قضية مشاركة صبية جنوبية محجبة في مسابقة ملكة جمال، هذه القضية العظيمة والخطيرة والتي شغلت الجنوبيين عن كل معاناتهم وما هم فيه من مآسي .حاول فيها الشيخ “المهاجَم” أن يقارب الموضوع من زاوية مختلفة عبر القول أن هذا الموضوع إنما هو خاضع كالكثير من الموضوعات الحياتية التي تركها الشارع المقدس للعرف والاعراف، فما قبله العرف واستساغه الناس فلا بأس به وإلا فهو مرفوض .

 

رب سائل يسأل في هذا السياق، هل رأي الشيخ عباس بهذا الموضوع، وبهذه الكيفية هل يستأهل كل هذا الهجوم والتعريض والتهجم على شخص فضيلته؟ وهل هذا التسونامي من السفاهة والتفلّت من الحد الادنى القيمي، مع ظهور هذا العدد الضخم من السبّابين وبالخصوص أصحاب العمائم منهم، تحت عنوان الدفاع المقدس عن شريعة أهل البيت، هل هو حقًا بسبب دويقات برنامج وبسبب مقاربة مختلفة عن السائد؟

 

العارفون بالشيخ عباس حايك، والمتابعون لمقالاته ولآرائه العلمية منها والسياسية على وجه التحديد، يدركون سريعًا بأن وراء الأكمة ما ورائها، وبأن الموضوع لا علاقة له بالحلقة التلفزيونية التي تستعمل الآن كمنصة إطلاق نار عليه ليس إلاّ، فالشيخ حايك وهو من العلماء القلائل في الجنوب الذي يصرح بالعلن عن مواقفه السياسية المعارضة لسياسات حزب الله، وله موقف واضح من مشاركة الحزب بالقتال في سوريا، كما وأنه لا يخفي رأيه في تبنيه لخيارات وطروحات الامام الصدر حول قيام الدولة والانتماء للبنان وطن نهائي لجميع ابنائه، وما يستوجب كل هذا من تعارض لمنهجية ولاية الفقيه .

فما أحدثته وتحدثه اجتياح هذه النظرية من تحولات على الساحة الجنوبية، ليس فقط بما يخصّ الجانب السياسي منها ، وإنما أيضا من تحولات ثقافية يتعرض لها جبل عامل عبر غزو للتقاليد وأعراف المجتمع الايراني بما لا ينسجم بالضرورة مع عاداتنا وتقاليدنا الجنوبية بغض النظر عن الرأي الفقهي أو الديني، والحديث في هذا المجال هو عن التعدد وليس بالضرورة عن الضدّية.