فيما المجتمع الدولي يعيش هاجس التهديدات التي يطلقها تنظيم الدولة الإسلامية داعش في كل الإتجاهات وعلى أربع رياح الأرض .

وفيما تتشابك المساعي الدولية والإقليمية الداعية إلى الحل السياسي للأزمة السورية ووضع حد للحروب العبثية التي هجرّت أكثر من نصف الشعب السوري عدا الخراب والدمار والقتل التي تشهدها كافة المحافظات في سوريا .

وفي اللحظة التي ينشغل فيها العالم باتخاذ الإجراءات الأمنية والتدابير الإحترازية درءاُ  لأخطار التفجيرات التي تعتمدها الجماعات الإرهابية .

في هذه اللحظة الحرجة أطلق الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مبادرته التي يدعو فيها إلى تسوية شاملة لأزمة الشغور الرئاسي من دون أن يحدد من أين تبدأ هذه التسوية .

فهل تبدأ من الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية؟ أم من الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات؟ أم على تشكيل الحكومة ؟

القوى السياسية الأساسية في البلد وفي مقدمتها تيار المستقبل وحزب الكتائب أجمعت على الترحيب بالمبادرة ، ولكن دون أن تتفق على ترجمتها على أرض الواقع عند الدخول في التفاصيل التي يكمن فيها الشيطان فتصبح الحاجة ماسة للإستعانة بذوي خبرة من رتبة أنبياء بدرجة أولى العزم  لإستلهام الحلول للمعضلة اللبنانية التي تتفاقم يوماً بعد يوم حتى بات اللبنانيون عاجزون حتى عن تنظيف عاصمتهم ومدنهم وقراهم من النفايات التي اجتاحت الشوارع والأحياء والأزقة.

فما طرحه السيد نصرالله اليوم شبيه بما تمّ طرحه في مؤتمر الدوحة الذي أنتهى بالتوافق على ميشال سليمان رئيسا للجمهورية .

إلا أنّ الظروف مختلفة تماماً بين الأمس واليوم ، فيومها دول المنطقة لم تكن منشغلة بنفسها  كما هي اليوم نظراً لما تعانيه من أزمات وحروب تحوّل دون جعلها تهتم بشؤون لبنان ومساعدته على الخروج من أزماته.

والدول الصديقة أيضاً منشغلة بمواجهة الإرهاب الذي يضرب عشوائياً داخل أراضيها .

صحيح أنّ مبادرة السيد نصرالله لم ترتقِ إلى مستوى معالجة عمق الأزمة في البلد الناتجة أساسا من إصرار حزب الله على الاحتفاظ بمنظومته العسكرية والتي يعتبرها الفريق الآخر سلاح غير شرعي ويهدد قيام دولة القانون والمؤسسات.

وكذلك تورطه العسكري في الحرب السورية وهذا ينزع عن المبادرة وصفها بالتسوية الشاملة ويضعها في خانة التسوية المرحلية .

إلا أنّه ومع ذلك فمن الضروري بمكان اعتبار هذه التسوية وإن كانت مرحلية فرصة يجب اقتناصها اليوم قبل الغد إذا كان بالامكان ومن خلالها التوافق على رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة ائتلافية وإنتاج قانون للانتخابات النيابية ، فالفرص تمر مر السحاب .