آخر "صيحات" لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية تدافع بعض نواب "تيار المستقبل" للتأكيد بأن "فرنجية، بعد ان تغيّرت الامور في سوريا، سيتحرّر من التبعية لبشار الاسد"! وعلى هذا الاساس، يمضون في مغامرة تلميع صورة "البيك" التي طالما نبذوها ورذولها وحمّلوها حتى مسوؤلية دمّ الشهيد رفيق الحريري.
لا يركب جميع "المستقبليين" موجة تبييض الصفحة مع صديق بشار. البعض تأقلم مع الفكرة وساير الموجة، ومن أجل ذلك أحرق أرشيف هجومه اللاذع السابق على ابن "الخط" وصار ينتقي من قاموس "التلميع" كل ما يمكن أن يسهّل مهمّة تكريس هذا التقارب المفاجئ مع من كان يوصف بأحد أهمّ ممثلي أركان النظام السوري في لبنان.
البعض الاخر أدار ظهره ومشى، ولم يتكفّل حتّى عناء التذكير بأن التفارب مفيد بين الجميع، وإن كان الثمن الخروج من تحت عباءة "الحريرية". الوزير أشرف ريفي يتقدّم هذا الفريق، والى جانبه يقف عدد من أهل "المستقبل" ممّن لم يستوعبوا الصفعة، إضافة الى الغالبية العظمى من فريق 14 آذار.
بمطلق الاحوال، لقاء الحريري- فرنجية يصلح لأن يكون نموذجا لما يمكن ان تفعله السياسة بالتحالفات تماما كما فرضت هذه المعادلة نفسها يوم التقى ميشال عون الحريري في روما في كانون الثاني من العام الماضي.
وبمنأى عن تساؤلات تبدو مشروعة وعلى رأسها كيف يمكن لصديق بشار و"طالب رأس بشار" ان يلتقيا على الرئاسة فيما الايراني والسعودي لا يزالان على "الجبهات"، وهل أصلا حيّد ميشال عون نفسه كمرشح طبيعي وبصفته الاقوى مسيحياً عن انتخابات بعبدا، فإن رئيس تكتل التغيير والاصلاح يبدو المعني الاول والاخير بلقاء أذهل حلفاء الطريفين قبل خصومهم.
صحيح ان الرابية حاولت عدم الانزلاق الى متاهة الردود الانفعالية والدليل "الاجواء المنضبطة" التي ترشح من منزل عون، ونشرات الـ "او تي في" التي تعكس نفسا استيعابياً الى حدّ ما مع بعض "النكعات"، إلا ان فريق "الجنرال" منزعج ولأكثر من سبب ليس اقلّه "عدم التنسيق" وتجاوز كلمة الرابية في لقاء بهذا الثقل وهذه الرمزية السياسية.
لكن العونيين مطّمئنون ليس فقط لان "حزب الله" لا يزال يضع كل بيضه في سلّة "الجنرال" . فزيارة الوزير جبران باسيل الاخيرة الى روسيا أتت بالاخبار السارة التي تتقاطع مع المعطيات البرتقالية. فبخلاف كل ما روجّ في الاشهر الماضية عن نية موسكو دعم مرشّح توافقي الى رئاسة الجمهورية، فإن الكلام الروسي الذي سمعه الضيف اللبناني يصبّ في إطار آخر تماما لا مكان فيه للمرشحين الذين لا ثقل لهم ولا حيثية ويغرّدون في السرب الوسطي. فرنجية بطبيعة الحال لا ينتمي الى هذا الفريق من المرشّحين للرئاسة، لكن مجرّد عودة باسيل بتطمينات من موسكو ان لا تغطية روسية للمرشّح التوافقي، فهذا بحدّ ذاته مؤشر ايجابي، لأن ثمّة من يرى ان الترويج المفاجئ والمتسارع لابن زغرتا ربما يحمل في طياته رغبة بحرقه من أجل الانتقال من مربع المرشحين الموارنة الاربعة الى مربّع المرشّح التوافقي.


ملاك عقيل - ليبانون فايلز