تحت شعار «الاحتكاك والتجديد ومنح الفرصة للآخرين»، حمل المدير الفني لـ «منتخب لبنان» المونتينيغيري ميلودراغ رادولوفيتش ما أمكن من عتاده من اللاعبين المحليين وبعض المحترفين، ليدق أبواب الأوروبيين غير آبه بالنتيجة، فكانت المحطة الإعدادية الأولى قبل مباراتي «اللبناني» امام «الكوري الجنوبي» ومن ثم «الميانماري» في آذار المقبل في التصفيات المزدوجة، علّه يكتشف المزيد على طريقة الرحالة البرتغالي كريستوف كولمبوس، وكان له ذلك بالعودة من رحلته ميموناً ومحققاً إنجازاً نوعياً بعد أن حقق فوزا معنويا على «المقدوني» بهدف وحيد.
وهي المباراة الأولى لـ «اللبناني» مع طرف أوروبي منذ العام 1997 عندما لعب امام «الأولمبي الألماني»، بينما خاض مباراة ودية الموسم الماضي ضد «البرازيلي الأولمبي» في الدوحة.
وقد يظنّ البعض للوهلة أنه بمجرد العزم على مواجهة الأوروبيين، فهذا يعني أن الخسارة قد تكون كارثية ويمكن تفاديها باللعب مع منتخبات آسيوية او عربية على الأقل، لكن مواجهة «المقدوني» بالذات، يشير الى أن في الأمر مخاطرة حتى ولو ان المباراة ودية لا تقدم أو تؤخر، وهي ليست سوى عملية احتكاك يمكن ان تفيد ولا تضرّ وخوضها قد كون أشبه بـ «بروفة»، نجح فيها «اللبناني» بتسجيل موعد مع الفوز الذي سيحسن مركزه درجات عدة في التصنيف الشهري للـ «فيفا».
كذلك، فإن منتخباً مثل «المقدوني»، لا يُستهان به خصوصاً أن لاعبيه من أصول يوغسلافية، ما يعني انهم يحترفون اللعبة منذ تاريخها ويلعب عدد كبير منهم في الدوريات الأوروبية، من هنا كانت أهمية الفوز الذي سيكون مؤثراً في رحلة الألف ميل التي رسمها الجهاز الفني لـ «اللبناني» بقيادة رادولوفيتش.
والفوز مهم بقدر المنفعة التي عادت على اللاعبين، فـ «اللبناني» خاض المباراة وسط غيابات مؤثرة مثل قائده رضا عنتر، إلى علي حمام ويوسف محمد الذي بقي على مقاعد الاحتياط من دون أن يشارك، ما يعني أن ذلك أشبه بنوع من المغامرة، خصوصاً أن رادولوفيتش لم يتهيّب الموقف وهو جازف بإخراج حسن معتوق وحسن شعيتو ومن ثم وليد اسماعيل ودفع بغيرهم غير آبه بالنتيجة، ما يفسر أنه في طور التجديد واختبار المزيد من العناصر الأمر الذي يعزز إمكانيات العنصر المحلي على اللاعبين المحترفين ويبشّر بالخير إذا بقي على حاله.
والذي تابع مباراة الأمس أمام «المقدوني» يكتشف الكثير من المسائل وفي مقدّمتها أن «اللبناني» لم يعُد يطبق أسلوب التقوقع والتشتيت واللعب الى الوراء وتخلّى عن البطء والدوران في مساحات فارغة بقدر اللجوء إلى التمرير واستخلاص الكرة بالمهارة والذكاء، ومن ثم بـ«البينيات» المتقنة بين عدد من اللاعبين وتثبيت خط دفاعي متين يمكن أن يساهم في عمليات التسليم بالشكل الصحيح، إضافة إلى ذلك الانتقال من الدفاع إلى الهجوم بالسرعة والانفتاح؛ وهذا لبّ الموضوع.
وما فعله «اللبناني» كان الأهم، أمسك بالمباراة من الخلف بوجود الرباعي وليد اسماعيل والعمري ومنصور وطحان إلى اليمين، بينما تكفّل الوسط من خلال عدنان حيدر وأحمد المغربي في تسهيل مرور معتوق من اليسار ومحمد حيدر من اليمين ليتحوّل حسن شعيتو في معظم الأحيان الى رأس حربة، ومع التمويه واللعب على ثغرات «المقدوني» كان يتحوّل «اللبناني» من الأداء بطريقة 4ـ3ـ3 الى اسلوب دفاعي ـ هجومي 4ـ5ـ1، ما يعني تفكير المدير الفني في التطوير والإمكانيات موجودة من دون شك.
لكن المشكلة كانت في الانكماش «اللبناني» غير المبرر بعد هدف جوان العمري الذي جاء في الدقيقة الأولى من الشوط الثاني إثر كرة طويلة أخطأ في تقديرها الحارس المقدوني وسقطت أمام العمري الذي سددها برأسه في سقف الشباك، وهذه المشكلة كان يجب التخلي عنها في ظل الندية ومجاراة المنتخب الأوروبي، ما عرّض المرمى لهجمات خطرة لعل يتعلم منها رادولوفيتش ويطبقها على أسلوبه في المستقبل، لأن المضي في الهجوم هو أفضل وسيلة للدفاع، ولأنه ليس في كل مرة تسلم الجرة فإن على «اللبناني» أن يتّعظ ويبقى يؤدي بالطريقة التي يبدأ بها.
أما تبديل حسن معتوق فكان ضرورياً كي يعتاد المنتخب على ذلك فلا يبقى اتكالياً على لاعب مثله والذي كان نجماً ولاحت له الفرص للتسجيل، لكنه لم يوفق.
اما التبديلات الأخرى فلم تكن موفقة، لكن رادولوفيتش أجاد بالموجود عندما أخرج الأساسيين وترك فايز شمسين يهدر كرته الإنفرادية التي مررها له محمد حيدر لتعزيز النتيجة قبل دقيقتين على النهاية، لكنه أطاح بها بطريقة غريبة وعجيبة.
& مثل «اللبناني»: مهدي خليل (لحراسة المرمى)، وليد اسماعيل (غازي حنيني)، جوان العمري، نور منصور، محمد زين طحان، عدنان حيدر، احمد مغربي، حسن معتوق (حسين عواضة)، محمد حيدر، حسن شعيتو (فايز شمسين).

من المباراة
قال المدير الفني لـ«اللبناني» رادولوفيتش إن توقيت المباراة كان جيداً، باعتبار أنها الدولية الأخيرة هذه السنة، وأضاف: «أردت من خلالها أن يحتك لاعبونا بأسلوب مختلف عماده الانقضاض والسرعة واللمسة الواحدة»، مسجلاً ارتياحه للنتيجة وإصرار عناصره على فرض ذاتهم، معرباً عن ثقته الدائمة بهم وبقدراتهم «وقد أظهروا بعضاً منها»، لكن ورشة العمل طويلة، والمهم التجانس والاستيعاب وإرادة العمل وحب الفوز، لأنه يولّد حيوية وحماسة دائمين.
& أقام «الاتحاد المقدوني» عشاءً رسمياً لإدارة بعثة «اللبناني» حضره الأمين العام فيليب بوبوفسكي ومسؤولة دائرة العلاقات العامة والإعلام ألكسندرا بييكوفسكا والمدير الفني اللاعب الدولي السابق ساشا تشيرتش، إلى رئيس البعثة اللبنانية رئيس لجنة المنتخبات مازن قبيسي، المدير الفني رادولوفيتش، مدير «المنتخب» فؤاد بهلوان، المنسق الإعلامي الزميل وديع عبد النور ومسؤول التجهيزات أحمد فخر الدين.
وشكر قبيسي باسم «الاتحاد اللبناني» الاستضافة والاهتمام المقدونيين، كذلك استعرض الجانبان أحوال كرة القدم في بلديهما وسبل التعاون الممكنة، وتبودلت دروع تذكارية.
في السياق، هنّأ قبيسي باسم «الاتحاد» اللاعبين والجهاز الفني على الأداء الرجولي والفوز، مؤكّداً أن «الاتحاد» ولجنة المنتخبات سيبذلان ما في وسعهما في سبيل التطوير ومتابعة تحقيق النتائج الجيدة رسمياً وودياً.
وغادرت البعثة سكوبيي مساء امس، ووصلت بيروت فجر اليوم