مصطلح الهوية هو ما يستخدم لوصف مفهوم الشخص،إسماً وشكلاً وعمراً،بمعنى هي البطاقة الشخصية...تعالى الله سبحانه أن يكون مجسَّماً فهو الذي وصف نفسه"الله نور السماوات والأرض،مثلُ نوره كمشكاة، فيها مصباح،المصباح في زجاجة، الزجاجة كأنها كوكبٌ درِّيٌّ،يُوقد من شجرةٍ مباركةٍ،زيتونةٍ لا شرقيَّة ولا غربيَّة، يكاد زيتها يضيء، ولو لم تمسسه نارٌ،نورٌ على نورٍ،يهدي الله لنوره من يشاء،ويضرب الله الأمثال للناس،والله بكل شيءٍ عليمٌ" الله سبحانه نورٌ لجميع الخلق، وخيره لجميع الخلق وعدله وحبه أيضاً، إلإَّ عند المُتعصِّب المذهبي فإنها فكرةٌ مرفوضةٌ لديه، بالتأكيد لأنها تجرِّده من متعة الوهم بأنه الوحيد الذي يحبُّه الله، وأنَّ الله هو الذي أوكل إليه مهمة الحقيقة التي يجب أن ينشرها لجميع البشر،وهو المختص بفهم حقيقة الله وتفسير آياته، ويحقُ له أن يحكم على غيره  بالكفر والإنكار..

لعل فكرة الله غابت عن أغلبية المسلمين،بل عن أغلب الديانات الأخرى ونتيجة لتغييب هذه الفكرة ظهرت الفرق والأحزاب والطوائف وحصرت حقيقة الله عندها دون غيرها، وهنا لو وقف المسلم بعيداً عن مذهبه وطائفته وعن جهته وحزبه ومرجعيته، وسأل نفسه ولو للحظةٍ واحدةٍ،هل الله سني أم شيعي ؟ إذا كان الله سنياً، فهو لأي مذهبٍ ينتمي،شافعي حنبلي، مالكي،حنفي...وإذا كان الله شيعياً، فهو لأي فرقةٍ ينتمي، زيدي، فاطمي، علوي، فطحي، واقفي، إثني عشري،لا يدري ولا يعلم، جلَّ علمه ما قاله مذهبه،أو ما قاله مرجعه، أو ما قاله زعيمه وقائده وحزبه...

لنتأمل في قوله تعالى:"إنَّ الذين فرَّقوا دينهم وكانوا شِيَعاً لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثمَّ ينبئهم بما كانوا يفعلون"... فالذين فرَّقوا دين الله إلى طوائف وفرق وأحزاب ليسوا على دين محمد ولا يعرفون حقيقة الدين والله ، من هنا نشب الصراع والإقتتال بين هذه الجماعات التي تدَّعي إحتكارها للدين والحقيقة والمعرفة والإيمان..الله ليس له طائفة أو مذهباً أو حزباً أو جهة معينة، الله للجميع وعدله للجميع، فالطريق إلى الله بعدد أنفاس خلقه ،وأحبكم إليه أنفعكم لعياله،"فمن يعمل مثقال ذرَّةٍ خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرَّةٍ شرَّاً يره"...

لذلك التعصُّب الديني هو دائماً ما يكون مصحوباً بالإستيلاء على حقيقة الله وتأطيرها بحزبه أو مذهبه أو طائفته،ولا يمكن له أن يتصوَّر أو يتخيَّل أنَّ الله يُحب غيره وخصمه الطائفي أو الحزبي الآخر،وإلاَّ تنهار أمامه كل ما بناه من تحصين لمخيلته التي شيَّدها لخداع نفسه وبالاستمرار في حياته وعيشه مع أوهامٍ أنه الممثل الشرعي والسفير الوحيد لله تعالى على الأرض... فرحمة الله واسعة ورحمته وسعت كل شيئ فلا تضيقوها...