القابليات النفسية والارهاب إن تفجيرات بيروت ألإرهابية الاخيرة ومعها ما حصل في فرنسا , الجامع المشترك بينهما هو عنوان الارهاب , القاتل للأبرياء , هذه الاحداث أتت بسياق الحرب القائمة في سورية وإرتباطها بمحيطها الاقليمي والدولي , بعد صراع سنوات تداخلت فيه الساحات , وألغيت الحدود بين سوريا وجيرانها , الاقربين والابعدين , لذا لم تكن تلك الاحداث مفاجئة لكثيرٍ من المراقبين , ولم تكن الاخيرة حسب توقعات الاجهزة الامنية , ما دام هناك عوامل ومبررات , سواء كانت هذه المبررات مقبولة أم غير مقبولة , بمعنى أن البعض يرفضها ولا يربط بينها وبين تدخل الاطراف اللبنانية في الحرب السورية , بينما نرى هذا البعض يربط بين الذي حدث في فرنسا وبين التدخل الفرنسي ,( سواء كان التدخل الفرنسي سلبي أو إيجابي ) ويقول إن الإرهاب حالةٌ عابرة للحدود لأنه لا يحمل مشروعا سياسيا ولا مشروعا حضاريا , بل يحمل ثقافة الحقد والكراهية وبالتالي فإن مشروعه هو الانتقام , الانتقام فقط , ويستدل أصحاب هذا الرأي بأن الارهاب يضرب في كل مكان وفي كل زمان , ولم يفرّق بين مسلم وغير مسلم , بين داعم له وبين معارض له . ثمة مَنْ يقول :إن الإرهاب لم يأتي من فراغ , وهو حالة سلوكية مرتبطة بأسبابها , ولولا هذه الاسباب لما تحرّك وإنتشر بهذه الطريقة الواسعة , ويقول لا بد من الاعتراف بحقيقة وهي أننا لم ندرس الارهاب وأسباب تشكله وأهدافه بدقة , ومَن المستفيد منه , ومَنْ يحركه , ومَن يدعمه , لأن الارهاب يحتاج إلى مقومات موضوعية بالإضافة إلى مقومات نظرية كي ينتشر ويقوم بما يقوم به , وبإختصار لا يمكن علاج هذه الظاهرة المرضية إذا لم نقف على حقيقتها وماهيتها , وخاصة إذا حاولنا بمراجعة سريعة لشريط العمليات الارهابية بكل أشكالها في العالم كافة , نجد أنه قد حصل عمليات إرهابية بدوافع كثيرة , سياسية وأمنية وإجتماعية وإقتصادية ونفسية ودينية , هذا يعني أن الارهاب يتحرك بعدة دوافع , ولعدة أهداف , ومحاولة البعض ربط الارهاب بعقائد دينية فاسدة فقط لا يساعد عليه الدليل , وتنفيه الاحداث الارهابية بأشكالها المتعددة وأهدافها المتعددة أيضا , حيث أنه هناك الكثير من الجماعات والافراد تحمل عقائد دينية فاسدة ولم تُقدم على أي عمل إرهابي , بل إشتهر سلوكها بالهدوء والسلام , فلا يصح تحميل الثقافة الدينية لوحدها المسؤولية , مع ما لها من تأثير قوي على صناعة القابلية عند البشر . فهناك عوامل كثيرة في الحياة تتدخل بصناعة ماهية الانسان , ومما لا شك فيه أن العوامل البيئية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية والتربوية وغيرها من الظروف السياسية , كل هذا له علاقة بتشكيل بنية الانسان , فلنبحث إذن عن أسباب السلوك الارهابي في هذه الميادين والمضانٍ , وبآليات علمية دقيقة , ولا تنفع المرتكزات الشحصية عن الآخر في البحث عن الحقيقة , لأنها لن تساعد هذه الطريقة على موضوعية البحث للتعرّف على ماهية الأفراد والجماعات الذين يُستَغلون من قِبَل أجهزة مخابراتية لإستعمالها في علميات القتل والاجرام والتخريب غير المبررة إنسانيا ودينيا . أهم عنصر يجب البحث عنه عند الإرهابيين هو العنصر النفسي ( القابليات ) , هذه القابليات التي تجعله آلة سهلة الاستعمال عند الاجهزة المخابراتية , فبدون هذا البحث بهذه المنهجية لا يمكن أن نصل إلى تشخيص دقيق للحالة المرضية , وبالتالي معالجتها بشكل صحيح ونهائي ...

 

يتبع