لم يظهر احد بالامس على شاشات التلفزة المحلية التي غطت التفجيرين الانتحاريين في برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت يذرف الدموع على الضحايا بل ظهرت مجموعات من الشبان وقفوا خلف كل من حضر من المسؤولين متفقداً أو مواسيا ليهتفوا "لبيّكِ يا زينب... لبيّك "حزب الله"... الموت لآل سعود". وبدا بعض الهاتفين مبتسماً والآخرون في عبوس. ويروي أحد الوزراء الذين تفقدوا مسرح الجريمة أنه شعر في لحظة انه سيتعرّض لسوء من هذه المجموعات التي كانت تصل تباعا الى المكان على متن دراجات نارية بما يشبه تنظيم ميليشيا "الباسيج" الايرانية. وقد سمع من وراء ظهره هتافاً يدعو بالموت على الجهة السياسية التي ينتمي اليها الوزير والسبب على ما يبدو ان الأخير ارتكب "خطأ" بدعوته الى حماية لبنان من خلال ضبط الحدود بين لبنان وسوريا منعاً لتسرّب الارهاب. كما لم يعر محركو الشبان اهتماما لاستنكار السعودية التفجيرين عبر سفيرها في لبنان علي عواض عسيري الذي عبّر عن "إدانة المملكة واستنكارها الشديدين للتفجير الارهابي".

في تكملة للتغطية المباشرة خصصت قناة "المنار" التابعة لـ"حزب الله" كل وقتها للأصوات التي تقرأ الحدث من زاوية "الانتصار" الذي تحققه إيران والحزب ونظام بشار الأسد في الميدان السوري لا سيما في ريف حلب. وقد أرفقت هذه التغطية بإطلالة المستشار السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين الخليل من مكان الحدث الذي أكد على ان حزبه "في الطريق الصحيح"، وما لم يقله الخليل قاله وزير الإعلام السوري عمران الزعبي في اتصال هاتفي مع "المنار" الذي ضم الى لائحة التكفيريين "الجيش السوري الحر" الذي لا تعتبره موسكو إرهابياً بل هو طرف مناسب في الحوار مع نظام الأسد لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية.
في مكان ليس ببعيد عن مسرح التفجيرين اجتمع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله مع نائب وزير الخارجية الايراني للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان الذي كان وصل الى لبنان لتوّه من روسيا حيث كانت الاطروحة الايرانية في محادثات موسكو تقول: "حسنا، لقد حققنا انتصارا في حلب ولن نتراجع عن بقاء الأسد رئيسا" وذلك ردا على المقترح الروسي الذي دعا عشية الجزء الثاني من مؤتمر فيينا الى مرحلة انتقالية قد تفضي الى إقصاء الأسد. وقد عبّر بوضوح عن هذا التوجه الايراني وزير الثقافة والارشاد الاسلامي علي جنّتي الذي نقلت عنه وكالة مهر للانباء الايرانية تأكيده "بقاء حكومة الأسد".
صراع البقاء الذي يخوضه مشروع المرشد الإيراني الإمام خامنئي في المنطقة لن ينتهي على يد تنظيم "داعش" الذي امتدت ذراعه الآن الى داخل لبنان. وسيبقى هتاف "لبيك خامنئي" أعلى حتى من أنين المصابين في برج البراجنة. لذلك لا يحتاج "حزب الله" الى مواساة في الضاحية بل الى تغطية تورّطه في سوريا. خذوا علماً.