على ميشال عون وسمير جعجع أن يقفا اليوم للتأمل ولو لدقائق. عليهما أن يستعيدا مرحلة الخصومة كلّها. من سقط من حولهما شهيداً، من فَقَدَ طرفاً أو يستعين بكرسيّ نقّال أو يعكّز على عصا للمشي. من باعد الحقد بينه وبين أخيه وقريبه وصديقه. لماذا حصل ذلك كلّه؟ ومن انتصر، وما هي قيمة هذا "الانتصار"؟

على الرجلين أن يسألا، أيضاً: ماذا لو بكّرا في ورقة إعلان النيّات عقدين ونيف، فتجنّبا غربة الآلاف، في داخل الوطن إحباطاً أو في خارجه في ديار الهجرة القاسية.

 

ما حصل قد حصل، وما كُتب قد كُتب، يقول كثيرون. دعنا لا ننبش الماضي وقبوره، ولننظر الى المستقبل.

على ميشال عون وسمير جعجع أن يقفا اليوم للتأمل، ولو لدقائق، في المستقبل. أن يتعلّما من الماضي، ويعمّما "نيّاتهما"، متى أصبحت صافية تماماً، على قاعدتيهما وليحميا حقوق المسيحيّين التي تحوّلت، في سنوات ما بعد "الطائف"، إما الى "ممسحة" أو الى شعارات للتجييش والاستهلاك وحشد الأصوات الانتخابيّة.

 

يبدو اليوم أنّ اللحظة التاريخيّة حانت، فحبّذا لو لا يضيّعا الفرصة. وها هي ورقة "النيّات" تفعل فعلها، بعد أن انشغل المسيحيّون بورقة نعي حقوقهم، وقد شارك في خطِّها حلفاء الإثنين الذين ما اجتمعوا يوماً إلا على المسيحيّين، وانتهوا الى تقبيل لحاهم والضحك عليهم...

ربما تنعقد الجلسة التشريعيّة غداً من دون "نوّاب عون" و"نوّاب جعجع". وربما يشرق مع شمس هذا النهار حلّ للأزمة. الأمر لا يهمّ. فالجلسة، في الشكل كما في المضمون، لن تقدّم ولن تؤخّر في الواقع المسيحي، الآخذ بالتراجع، بدليل الانحسار العددي في الإدارات الرسميّة والأجهزة الأمنيّة، وسيطرة رئيس مجلس النواب نبيه بري من جهة وتيّار المستقبل من جهة أخرى على غالبيّة مقوّمات الدولة، بصناديقها ومجالسها وزبائنيّتها وحتى خدمات وزاراتها. ناهيك بمغارات السرقة والخطف والتهريب، وهي أمور منكرة عند الله ومتوفّرة في مناطق نفوذ "حزبه"!

 

ما يهمّ، فعلاً، هو أن يستمرّ مشهد الوحدة الذي برز بوضوح في الأيّام الأخيرة، ويُبنى عليه للاتفاق على ما يتخطّى الموقف الموحد من جلسة تشريعيّة، فيزرع رجلان أرضاً تكاد تصبح محروقة، ببذور الأمل، ولنحصد نحن، لمرّة، ما يمنح المسيحيّين أملاً بشراكة حقيقيّة "يستكترها" البعض علينا في هذا الوطن الذي قال فيه كبيرٌ من لبنان رحل قبل أقلّ من عام: "سوف نبقى يشاء أم لا يشاء الغير فاصمد، لبنان، ما بك وهنُ

سوف نبقى لا بدّ في الأرض من حقٍّ وما من حقٍّ، ولم نبق نحن".