منذ ثلاثة أسابيع افتتح الإعلامي جو معلوف موسماً جديداً من برنامج "حكي جالس"، وفي طيّاته كثير من الملفّات، أبرزها ما يلقي فيها الضوء على ثروات السياسيين ويسألهم من أين لكم هذا؟ وكانت البداية مع وزير الخارجيّة والمغتربين ورئيس التيار الوطني الحرّ، جبران باسيل، فكشف عن امتلاكه 38 عقاراً في كلّ من البترون وكفرعبيدا وسمار جبيل وقرنة شهوان، معتمداً على مستندات وإفادات من الدوائر العقاريّة.

أتى الردّ من باسيل سريعاً فكتب على صفحته على "تويتر": "حزين هذا البلد الذي يمكن فيه لبرنامج غير مسؤول أن يشوّه الحقيقة ليتّهم زوراً مسؤولًا ذنبه أنه يملك من قديم الزمان عقارات في بلدته، وأنه مهندس يعمل على حسابه في التطوير العقاري". وأضاف: "بغض النظر عن عدم صحّة الأرقام والحصص والتضخيم الفاضح للتخمين، وما يقابلها من ديون مصرفيّة كبيرة، فإن التقرير يكشف لمن يعرف عائلتنا أن كمّية وقيمة أملاكنا قد تراجعت في شكل كبير بسبب عملي الوطني وأعبائه الماديّة"، قبل أن يطلّ بمؤتمر صحفيّ ليؤكّد أن غالبية هذه العقارات ورثها عن والده وجدّه، وأنه يملك أسهماً في البعض منها ولا يملكها كلّها، إضافة إلى تشكيكه بالمساحات التي عرضت والتخمينات المضخّمة.

جرّة وانكسرت بين بو صعب ومعلوف
منذ أسبوعين ومواقع التواصل الاجتماعي تضجّ بتعليقات عن ثروة باسيل، وتقابلها تعليقات مشكّكة بصدقيّة البرنامج ونواياه الإصلاحيّة وأهدافه السياسيّة، قبل أن يطلّ معلوف في حلقة جديدة، مساء أمس، ليفتح النار مجدّداً على باسيل، بعد طرد وزير التربية الياس بو صعب له من إدارة إذاعة FAME FM التي يعمل فيها منذ سنتين.

حاولت "النهار" الاتصال ببو صعب مراراً من دون جدوى، قبل أن تتواصل مع مستشاره الإعلامي ألبير شمعون سائلة إيّاه عن خلفيّات طرد معلوف من إدارة المحطّة، فتشاور مع الوزير وأكّد عدم رغبته في التوضيح.

في المقابل أكّد معلوف لـ"النهار" أنه "في اليوم الذي تلى عرض التقرير عن ثروة باسيل، تلقيت اتصالاً من بو صعب، يعلمني فيه عن استغنائه عن خدماتي في إدارة الإذاعة التي أسّستها وتعبت فيها على مدى سنتين. وقال لي حرفياً: هيدا ما بيناسبنا، إنت عم تهاجمنا وتهاجم جبران، خلص ما بيناسبنا الشغل مع بعض وما فيك تكمل بإدارة الفايم أف أم". ويتابع معلوف: "استغربت الأمر خصوصاً أنني أشاركه في إذاعة فنيّة لا سياسيّة، كما أن عملي في البرنامج لا علاقة له بعملي الإذاعي. حاولت مفاوضته لأن المشروع لي ولأجنّبه أي حرج، وعرضت شراء أو استثمار الإذاعة التي اشتراها لي وبطلب مني، لكنه رفض، وانحسمت الأمور بيننا يوم الأحد الفائت".

تجمع معلوف ببو صعب صداقة منذ أكثر من عشر سنوات، وقد فتح الأول ملفات على الهواء كرمى للثاني في مواسم سابقة من برنامجه، افتقرت في جوانب عدّة للموضوعيّة والصدقيّة والمهنيّة، لكن وعلى ما يقول معلوف "الحسابات السياسيّة كانت أقوى من صداقتنا. أنا لم أوقّع معه عقداً بل كنت شريكاً له في الإذاعة، ولم أسجّل حصصي فيها، لحاجة انعقاد جلسة مجلس وزراء. لقد وثقت به وعملنا معاً وفق هذا الأساس. مشكلتي معه ليس ماديّة، أنا حزين على الصداقة والتعب، ولكنني سأطوي الصفحة وأكمل طريقي".

لماذا جبران باسيل؟
وعن أسباب اختياره جبران باسيل الوافد حديثاً إلى الحياة السياسيّة والمعروف بنجاحه في عمله في المجال الهندسي، والذي أُطلقت بحقّه شائعات كثيرة من دون تقديم دليل حسي واحد، بدل فتح ملفات الفاسدين الكبار الذين أمعنوا في سرقة الخزينة العامّة منذ 25 عاماً، يردّ معلوف: "لقد عرضت ما وصلني من معلومات حتى اليوم، وشاء الحظّ أن تطال جبران باسيل".

هل يعني أنك لا تملك ملفّات لسياسيّين أخرين؟ يرد: "هناك ملفات أخرى، وعلى الناس أن ينتظروا ليروا، لا أن يحيّدوا الأمور عن مسارها، وأن يصبغوها بلون الطائفيّة ومحاربة المسيحيين. للأسف لا يوجد رأي عام في لبنان، هناك تابعون للسياسيين فقط".

هل سيتخّلى عن المشروع الذي أطلقه بعدما صدر قرار بمنع إعطاء إفادات عقاريّة ونفي ملكيّة لأيّ من السياسيين؟ يقول معلوف: "المشروع لن يتوقّف، وعندما أطلقناه كنّا على يقين بأنهم سيتصدّون لنا، ولكن هناك خطط بديلة للالتفاف على الموضوع، لقد درسنا كلّ الاحتمالات، ولينتظروا الإثنين المقبل".

وعن امتناعه عن إعطاء حقّ الردّ لمديرة مكتب باسيل الهندسي، ليل أمس، يقول: "نحن نحدّد كيفيّة سوق الحلقة، لا يمكنها أن تتصل خلال الحلقة لتردّ. عموماً لقد سجّلنا كلّ الاتصالات التي وردتنا من المقرّبين من الوزير باسيل والتي تؤكّد عدم تهرّبنا من إعطائهم حقّ الردّ، ولكن في الوقت الذي نحدّده نحن، ووفق الطريقة التي نريدها".

عقارات الوزير
وكان برنامج "حكي جالس" قد كشف عن امتلاك جبران باسيل 38 عقاراً، وخمّنها بقيمة 22 مليون دولار أميركي، ووفع ثمن عقارات بصورة مبالغ فيها وخفض أسعار أخرى بطريقة غير علمية، وهي موزّعة بين البترون وسمار جبيل وكفرعبيدا وقرنة شهوان، وفنّدها وفق التالي:

في عام 2004 اشترى باسيل عقاراً في سمار جبيل، ثمّ فرزه إلى 15 عقاراً وسجّلهم في الدوائر العقاريّة. في 2009 اشترى ثمانية عقارات في البترون، وعقاراً في كفرعبيدا. في 2010 اشترى عقارين في البترون. وفي 2014 اشترى عقاراً، وباع عقاراً آخر في 2015.

في المقابل، تقول مديرة المكتب الهندسي لباسيل، السيّدة كوزيت الهاشم، لـ"النهار" أن "عام 2004 انتقل عقار له في سمار جبيل من خلال الإرث، فرزه إلى 18 عقاراً عام 2005، وباع منهم واحداً. أمّا العقارات التي يملكها في كفرعبيدا فهي عبارة عن ثلاثة مستودعات صغيرة، كما ورث عقارين في البترون عن والده أحدهما المنزل العائلي. وعقار قرنة شهوان هو بيته الزوجي. أمّا العقارات الأخرى فهو يملكها نتيجة عمله في الهندسة والعقارات، كما يملك أسهماً فيها مع شركاء آخرين، علماً أن مكتبه الهندسي الذي افتتح منذ عام 1993 متخصّص في ترميم البيوت الأثريّة، واستلم أكبر المشاريع في البترون، وتالياً ما سيق عنه يندرج ضمن محاولات تشويه السمعة، واتهامات في أدنى حقوقه المدنيّة ولكونه ناجحًا في مجال الهندسة خصوصاً أن التخمينات العقاريّة المطروحة غير دقيقة".