لا شكّ أنّ لبنان يحتاج لسلسلة ماراتونية  تمتدمن أقصى شماله لأقصى جنوبه حتى تعيد ضخّ الحياة بين زواياه والتي أصبحت بفعل إهمال الدولة والعوامل الطبيعية المستجدة معامل لتخمير النفايات ولإنتاج أوبئتها .

ماراتون بيروت والذي أقيم يوم أمس ، هو "ضرورة ملحة" ، وممّا لا شكّ به بأنّه حدث أمّس ما تكون العاصمة اللبنانية بحاجة  لمثله ، فـ "ست الدنيا" و التي أغرقتها القمامة السياسية بكل ألوانها وطوائفها لتتحوّل من باريس الشرق الأوسط  لأكثر العواصم فقراً وجرثمة ومرض  ، يمثل هكذا نشاط رياضي بين شوراعها ، عملية إنعاشية تعيد البعض من صورتها السياحية ولو "مراوغة" ..

ففي ساحات الماراتون كانت الشوارع لا تشبه سائر بيروت ، والحاويات خالية ، والقلوب متحّابة والسياسة غائبة حتى عن السياسيين أنفسهم من المشاركين ، في محاولة للهروب من الواقع "النتن"  وللعودة بالذاكرة ولو خداعاً إلى تلك المدينة الجميلة قبل أن تتعرض لغزو سيو – نفاياتي .

غير أنّ اللافت هو ما شهدناه على مواقع التواصل الإجتماعي من تنديد بتحوّل الماراتون من حدث رياضي  يحمل شعاراً وطنياً - اجتماعياً ألا وهو السلام والإستقرار إلى حدث تجاري رأسمالي ، رسم المشاركة به 40 ألف ليرة لبنانية !

هذا الرسم الذي يبدو ضخماً نسبةً لنشاطات مشابهة شهدتها مناطق لبنانية أخرى والتي لم يتجاوز الإشتراك بها عتبة ال10 آلا ليرة لبنانية .

 

أما عن ال 40 ألف فحسب ما تداول البعض أن المنظمين قد برروا هذا المبلغ بثمن الزي الماراتوني الذي تم توزيعه ، إضافة إلى هدايا الفائزين ، مع إشارتهم إلى أنّ البديهي و الذي يعرفه الجميع  أنّ ممولين (سبونسر) من شركات  ومؤسسات وغيرها هم من يتكفلون بهذه المصاريف ، وهذا ما يؤكده نوعاً ما الموقع الالكتروني للماراتون حيث أنّه عند دخولك إلى الصفحة تجد أنّ هناك خمسة ممولين مصرح عنهم .

 

40 ألف ليرة ، من 40 ألف "مشارك" هو الرقم الذي تمّ إحاطته بعلامات إستفهامية ، وإنتقادات عديدة ...

ونحن من وحي إيماننا بهذه النشاطات وبحاجة بيروت بشكل خاص ولبنان بشكل عام لمثلها  تواصلنا مع جمعية بيروت ماراتون و أجرينا اتصالاً مع المسؤول الإعلامي بها السيد حسّان محي الدين  .

السيد حسان أجابنا عن المقارنة بين هذا الماراتون وماراتونات سابقة ، وعن الإشارة إلى رسم ماراتون طرابلس مثلاً والذي يبلغ 10 آلاف ، أن جمعية بيروت ماراتون مسؤولة فقط عن سباق الماراتون و النشاطات ضمن منطقة بيروت لا غير ، وأنّ رسم الإشتراك هذا مطبق منذ السنوات الماضية ..

وأشار إلى أنهم إنطلقوا عام 2003  حيث كان الكلفة شيء وبعد سنوات أصبحت شيء آخر بسبب ارتفاع الأكلاف وهذا الذي حتّم على زيادة قليلة لا تذكر على الرسوم .

وأضاف أنّ أي نشاطات تنظم في مجال رياضة الركض لها مستوى تنظيمي وفني معين وهم يعملون على تنظيم مستويات لها طابع الإحترافي ، فهم جمعية منضوية للإتحاد الدولي لالعاب القوى وهذا الإتحاد يفرض شروط وقواعد للتنظيم لا يمكن لأي كان أن يطبقها من الجمعيات الأخرى التي تنظم السباقات ، وهنا يكمن الفارق في رسوم التسجيل .

وعن دور السبونسر (المعلنين) ، صرّح لنا أنّ العلامات التجارية لجماعات السبونسر لا تعني أنّ جميعهم يدفعون أموال ، هناك عدد من هذه الشركات التجارية الراعية تمنح المقابل السلعة التي يحتاجونها مثل الورق الماء .
و وضّح أنّ قسم كبير من المشاركين تتم مشاركتهم بصورة مجانية ، مثل طلاب المدارس الرسمية والقوى العسكرية والأمنية والدفاع المدني والكشافة ، وهؤلاء يشاركون منهم أعداد هائلة .

وأضاف أن أغلبية المشاركين يأتون من خلال الجمعيات الخيرية والتي هم يدعمونها لتنفيذ نشاطاتها عبر منحها رسوم مخفضة بين 20 % و 30 %  ، وهنا يتمظهر اللغط في التفسير حيث أنَ هؤلاء يشكلون ما يقارب الـ 65% من المشاركين في الماراتون .

وأشار إلى أنهم تابعين لوزارة الشباب والرياضة وترخيصهم أن جمعية بيروت ماراتون جمعية تعنى بتنظيم رياضات الهواء الطلق التي لا تتوخى الربح ، فهم لا يتعاطون الرياضة بشكل تجاري .

وأوضح أنّه كل سنة الميزانية التي تصرف على الجانب التنظيمي يرفعونها باللوائح وبأرقامها  لديوان المحاسبة ( الذي يدقق بكل موازنات الدولة ) ويأخذون كل عام براءة ذمة .

 

وبعد هذا التوضيح من المسؤول الإعلامي في جمعية بيروت ماراتون لا يسعنا إلا القول : شو قيمة ال 40 ألف لعيونك بيروت ولعيون ماراتون بيروت ..