خلال افتتاح معرض الصحافة والوكالات الإلكترونية في دورته الحادية والعشرين في العاصمة الإيرانية، دافع الرئيس روحاني عن الصحافيين الذين اعتقلوا خلال الاسبوع الماضي بتهمة العمالة أو بتهمة تعبيد الطريق أمام نفوذ العدو .

وفتح الرئيس روحاني خلال كلمة ألقاها في مراسم الافتتاح ، النار على السلطة القضائية كما على استخبارات الحرس الثوري التي تباشر باعتقال صحفيين من مقربي الحكومة، ثم وجّه نقداً لاذعاً لصحف تعمل كطابور أمني للحرس الثوري ، عبّر الرئيس عن تلك الصحف بأنها "يتاح لها ليس فقط أن تقول كل ما تريد بل أيضا أحيانا العمل كشرطة سرية" ، حيث إنهم يعرفون ما سيجري غداً ومن تم بإلقاء القبض عليه أو إراقة ماء وجهه غداً وفق الرئيس الإيراني.

وفي الوقت نفسه أكد روحاني على أن من حق الصحف أن تنتقد، ولكن ما يثير امتعاض روحاني هو أن الصحف المناصرة لحكومته لا يتمتعن بالحرية، على العكس الحرية المطلقة متاحة للصحف المعارضة للحكومة .

أصابع اتهام الرئيس روحاني موجهة إلى صحيفة كيهان التي تمثل الاتجاه المحافظ المتشدد الذي لا يكتفي بتوجيه مختلف التهم لحكومة روحاني واعتبار جميع انتصاراته هزائم، بل يروج لمقولة تعرض البلد لغزو ثقافي أمريكي ليس مقاتلوه أمريكيين ، بل الصحافيين الذين يروجون لضرورة فتح العلاقات مع العالم و من بينهم الولايات المتحدة.

المحافظون المتشددون الذين تشكل استخبارات الحرس الثوري ذراعاً أمنياً لهم، يعتبرون بأن الاتفاق النووي كان سيئاً والقادم - أي الانفتاح الثقافي- هو أسوأ .

هم يعتبرون بأن انفتاح البلد على العالم سيتبعه آثار سيئة ويخلف دماراً ثقافياً ولهذا يعتبرون أن الترويج لمقولة الانفتاح مع العالم وتطبيع العلاقات مع أميريكا يمثل خيانة بالمصالح القومية.

يخاف المحافظون من انهيار أيديولوجيا العداء لأمريكا التي استمرت لما يقرب على أربعة عقود ، بعد تنفيذ الاتفاق النووي ، إنهم يعتبرون العداء مع أميريكا جزء من طبيعة النظام وليس مرحلة عابرة وإن استمرت 37 عاماً.

التخوف من الولايات المتحدة مسيطر على المحافظين إلى حد الهلع أو الهيستريا، والدليل على ذلك إغلاق مطعم كي أف سي بعد يوم من إفتتاحه، بالرغم من أن صاحب المطعم يؤكد على أنه فتح فرعاً لـ "كي أف سي الحلال" الذي يكون فرعه الرئيسي في تركيا وليس في أميريكا.

 

حجم الحملة الإعلامية التي شنها المحافظون المتشددون على مطعم كي أف سي في الوليد في طهران، يُظهر مدى خوفهم من تداعيات اتفاق النووي على المستوى الثقافي.

وقضية اعتقال عدد من الصحفيين من قبل مخابرات الحرس الثوري في الأسبوع الماضي، ليس إلا ناتجاً من قناعة الحرس الثوري بأن كيان الجمهورية الإسلامية متعرض لخطر الغزو الثقافي الأمريكي، ولهذا يجب إغلاق الصحافة التي تدعو إلى الانفتاح مع أميريكا.

وفي المقابل الرئيس روحاني دافع عن الصحفيين الذين اعتقلوا من قبل الحرس الثوري وخلال مراسم افتتاح معرض الصحافة في طهران، بادر بلقاء تفقدي لزوجة إحسان مازندراني رئيس تحرير صحيفة فرهيختكان، المعتقل عند الحرس الثوري، معرباً عن استيائه للتصرفات الأمنية مع الصحافيين.

دفع المحافظون وزير الصنائع في حكومة الرئيس روحاني بإصدار قرار لمنع البضائع الأمريكية الاستهلاكية إلى إيران، حيث فيها دلالات رمزية !

هذا وتحنَ إيران إلى شراء طائرات بوينغ المدنية من الولايات المتحدة، كما إن معظم الطائرات الموجودة حالياً في إيران هي طائرات أمريكية.

ألا يجدر للرئيس روحاني أن يذكر معارضيه بأن الدلالة الرمزية لطائرات بوينغ ليست أخف وأهون من دلالة كي أف سي، وإن من  يرفض كي أف سي ويعتقل صحافيين مطالبين بفتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة، أن يرفض شراء طائرات بوينغ أيضاً.