أثارت مواقف وزير الخارجية والمغتربين رئيس التيار الوطني الحر حول مشروع قانون حق المرأة اللبنانية منح أولادها الجنسية اللبنانية ، وما قد غرد به على صفحة التويتر خاصته بوجوب استتثناء اللبنانيات المتزوجات من سوريين أو فلسطينيين  فلا يشملهن هذا القانون بحال تم اقراره ، موجة عارمة من السخط والإستغراب عند الكثيرين ، وطفح على السطح وعلى صفحات التواصل الإجتماعي مرة جديدة الحديث عن العنصرية ومساوئها .

وفي هذا المجال لا بد من تسجيل نقطتين اثنتين نجد أنهما يساهمان بإغناء النقاش الدائر الآن بالبلد :

أولاً : أعتقد أنّ العنصرية ليست شر مطلق ، هذا إن لم ندعِّ أننا بلبنان نكاد نفتقد إلى الحد الأدنى من العنصرية الحميدة إذا صح التعبير، هذه العنصرية الطبيعية التي يمكن أن نشهدها عند أيّ اجتماع بشري وعند أكثر الأمم والبلدان المتحضرة ، فالأميركي مثلاً أو السويسري أو التركي والإيراني، يحمل دائماً شيء من هذه العنصرية الطبيعية التي تفرضها فطرة الإنتماء إلى الوطن، والإعتزاز بالهوية .

هذا النوع من "العنصرية الوطنية " يمكن أن تشكل رافعة ضرورية ومرتكز أساسي يساهم ببلورة الشخصية الوطنية السليمة ، إذ ليس من المقدور عليه ،  انتاج حس وطني واندفاعة وطنية بدون وجود حد أدنى من هذا النوع من العنصرية ، ويمكن القول في هذا السياق أننا نحن اللبنانين نكاد نفتقد  لها أو على الاقل أن عنصريتنا اللبنانية تكاد تكون معدومة ، ممّا خلق عندنا إشكالية الشعور الوطني، ومن هنا فقط يمكن أن نفهم سهولة الإحساس عند اللبناني بتشتت هويته وتشظيها بين الهوية المذهبية أو الحزبية من جهة وبين سهولة الإلتحاق بهويات دول أخرى من جهة ثانية

ومن هنا يمكن أن نفهم كيف أن الشيعي مثلاً يمكن أن يكون إيراني أو عراقي أكثر منه لبناني ، وكذلك السني نراه سعودي أو مصري أكثر منه لبناني وهكذا عند بقية اللبنانيين لكل منهم انتماؤه الخارجي !

أعتقد جازماً أن سبب كل هذا هو حالة التصحر في الإنتماء الوطني وبالتالي انخفاض منسوب العنصرية الوطنية على حساب العنصريات الأخرى ..

وهذا النوع من العنصرية اللبنانية ليست هي المنطلق الذي منها يبني وزير خارجيتنا المصون مواقفه ، ومن هنا يكون الحديث عن النقطة الثانية التي تدور حول العنصرية المقيتة، والتي تتضمن باقي العنصريات، حيث أنّ الوزير باسيل في هذا السياق إنّما يلحظ بشكل أساسي عنصريته المسيحية فقط وبالتالي الحديث عن التغيير الديموغرافي وخطورته على الوجود المسيحي .

وأخطر ما في الموضوع ها هنا أن يكون جبران باسيل ومن وراء لجوئه إلى هذا النوع من العنصرية المقيتة إنّما يسترضي بذلك التوجه العام في الشارع المسيحي ، ممّا يعني أنّ اللعب على أوتار هذه العنصرية إنّما هي انعكاس لشعور مسيحي عام يوحي بشكل واضح أنّنا في لبنان لا نزال نعيش في العصور الوسطى التي إنّما هي اليات تفكير وليست مرحلة زمنية فقط .