حملة المحافظين الايرانيين غير المسبوقة على السعودية لا يمكن فصلها عن التطورات الميدانية في اليمن وسوريا. ففي البيان الختامي الذي صدر قبل أيام في طهران لمسيرة "مقارعة الاستكبار" في ختام مراسم ذكرى استيلاء الطلبة الجامعيين الايرانيين على السفارة الاميركية في العاصمة الايرانية في 4 تشرين الثاني 1979 والذي ورد في وكالة أنباء "فارس" ركز على الرياض أكثر مما ركز على واشنطن "الشيطان الاكبر". أما في شأن سوريا، فقد ترك الموقف الذي أعلنه وزير خارجية المملكة عادل الجبير لجهة الدعوة الى رحيل رئيس النظام السوري بشار الاسد جنبا الى جنب مع رحيل القوات الايرانية التي تقاتل في سوريا غضباً هائلاً في وسائل الاعلام التابعة للمرشد الايراني. وأوردت صحيفة "كيهان" المحافظة تصريحات مساعد الخارجية الايرانية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان الذي وصف تصريحات الجبير حول "وجود مقاتلين ايرانيين في سوريا بـ "المزاعم".

اذا كان مسار حرب اليمن يستبطن تراجعاً مستمراً لنفوذ حلفاء ايران فان تطورات الحرب السورية المتسارعة وآخرها سيطرة قوات المعارضة على بلدة مورك الاستراتيجية الواقعة على الطريق السريع بين حلب وحماه بمثابة اشارة مهمة الى التحولات في هذه الحرب لا سيما ان السيطرة على مورك هو التقدم الاول للمعارضة منذ بدء الضربات الروسية في سوريا. وبحسب تقرير أميركي صدر حديثاً فان فشل التحركات الميدانية لقوات النظام السوري وحلفائه يعود الى صواريخ "تاو" الاميركية الصنع المضادة للدبابات والتي زودت السعودية بها الثوار السوريين.
آخر المعطيات التي توافرت عن محادثات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو مع الاسد تفيد أن بوتين فشل في الحصول على تعهد من الاسد بالتنحي عن منصبه في مرحلة من مراحل الأزمة السورية والسبب أن الأخير قال لسيد الكرملين إن أية اشارة تصدر عنه بعزمه على التنحي ستجعله هدفا للقتل في بيئته. ويقول المتابعون للشأن الروسي إن بوتين أصبحت لديه قناعة إن الاسد لن يخرج حياً من مرحلة الحل للحرب السورية. ولعل هذا ما يفسر الاستماتة الايرانية في الدفاع عن بقاء الاسد في منصبه لأنه يمثل الضمانة الأخيرة لاضفاء الشرعية على التدخل الايراني. وفي ضوء ما سبق يمكن تفسير ارتياب القائد العام لقوات الحرس الثورة الاسلامية اللواء محمد علي الجعفري عندما قال: "... ليس واضحاً ان مواقف روسيا تتطابق مع (رأي) ايران في شأن الاسد".
قبل أيام ذكر موقع "تير برس" الايراني ان خسائر الحرس الثوري تخطت 420 قتيلا منذ بدء الصراع في سوريا. إنه أحد أبرز أوجه الصراع بين المرشد الايراني والملك السعودي. وبعدما لاحت الغلبة لمصلحة الأخير في اليمن ها هي سوريا تتحول الى مصيدة لجنرالات إيران.