حديث الدكتور حارث سليمان الى صوت لبنان

الميثاقية تعني الشراكة بين المسيحيين والمسلمين وقد لحظها دستور 43 ثم ابقى عليها اتفاق الطائف، وحدودها هو ان لا ينعقد مجلس الوزراء في غياب كامل لوزراء احدى الطائفتين  الاسلامية او المسيحية، ولم يتم بالاخلال بهذا المبدأ الميثاقي الا عندما استلم العماد ميشال عون الحكومة العسكرية في العام 88 حيث استقال منها مباشرة جميع الوزراء المسلمين، لكنه اكمل الحكم بنصف حكومة ونصف بلد دون مشاركة المسلمين، وقد تمت استعادة الميثاقية في الطائف منعا لتكرار هذه الخطيئة والمشكلة، حيث لن ينعقد مجلس الوزراء في غياب وزراء احدى الطائفتين ، لذلك أوجب لاكتمال النصاب حضور ثلثي اعضاء مجلس الوزراء حتى تعقد الجلسة، لذلك فان نصف الوزراء المسلمين أوالنصف الآخر من المسيحيين لا يكفي لتامين النصاب، وبالتالي لن ينعقد مجلس الوزراء في غياب أي طائفة من الطائفتين،  أما في مجلس النواب فينعقد بأغلبية النصف زائد واحد اي 65 نائبا، ولم ينص الدستور على ما نص عليه في مجلس الوزراء، ...لماذا ذلك؟  لسبب جوهري ان مجلس الوزراء هو سلطة تنفيذية تقوم بأعمال تنفيذية. اذن الفيتو قائم في مجلس الوزراء فقط في حال تغيب كامل لوزراء المسلمين او كل وزراء المسيحيين.

 ولكن عندما استقال الوزراء الشيعة في حكومة الرئيس السنيورة اعتبر وقتها الرئيس بري الحكومة بتراء وغير ميثاقية وقد تم توسيع مفهوم الميثاقية تعسفا من المشاركة المسيحية الاسلامية، الى تمكين المذهب داخل الطائفة من ممارسة الفيتو،ثم تشكلت الحكومات منذ 7 ايار واتفاق الدوحة على اساس تامين ثلث معطل يضمن لحزب الله وحلفائه ممارسة النقض وتعطيل اعمال مجلس الوزراء، لم يتوقف الامر على مجلس الوزراء، بل  أصبح انعقاد مجلس النواب في غياب احد المذاهب الكبرى يعتبر غير ميثاقي، وتفاقم الامر الآن لدرجة ان لا يعقد مجلس الوزراء اذا كان اي مكون مذهبي متغيبا، فانتقلت ممارسة فيثو التعطيل الى اي حزب يمثل شريحة من مذهب طائفي، ولذلك راينا كيف مارس التيار الوطني الحر عملية النقض والتعطيل على طاولة مجلس الوزراء بشكل ابتزازي واستعراضي.

اليوم يريد الرئيس بري تجاوز ما نظر له وصنعه بنفسه ومع حلفائه،وبعد ان أصبحت لعبة التعطيل شاملة ومتبادلة، فالرئيس بري يتصرف بما يناسبه ساعة مع ميثاقية على قياسه وساعة بدونها، و"الفاخوري كيفما شاء يركب اّذن الجرة"  وقد تحولت الدولة الى مسخرة.

وردا على سؤال حول ملفات الفساد والاثراء غير المشروع التي وردت في الاعلام ورد الوزير جبران باسيل عليها اجاب سليمان ان باسيل  لم يقنع احدا من اللبنانيين برده. ولاحظ انه لا يمكن المقارنة مع نسيب لحود، أو تعميم نموذجه في الشفافية والنزاهة، لانه يوجد فارق كبير في القماشة، فقماشة الحرير لا يمكن مقارنتها بقماشة الجنفيص، فقد كان قماشة نادرة، كان ضميره يحاسبه، كان ضميرنا جميعا يحاسبنا، عندما اقر قانون استمرار راتب النائب بعد نهاية ولايته وانتهاء نيابته صوت ضد المشروع وعارضه، وعندما فقد مقعده النيابي بعد انتخابات 2005 ، رفض تقاضي اي راتب بعد خروجه من المجلس النيابي ، وعند وفاته وصل المبلغ المتراكم الذي رفض تقاضيه الى 492 مليون ليرة. وردا على سؤال آخر عن توقعه لما كان سيفعله نسيب لحود لو كان حيا في الظروف الراهنة اجاب حارث سليمان ربما كان مات مرة ثانية من روائح الفساد ومرة اخرى حزنا على وطن يضيع.

وعنى الخلاف القائم حوا انعقاد جلسة تشريعية لمجلس النواب اجاب : انا مع ان تبقى المؤسسات مفتوحة وناشطة في عملها، يجب أن تبقى عملية تسيير امور الدولة قائمة والتغيب عن انتخاب رئيس للجمهورية ليس حق بل تعطيل وخراب، فلو كنا في دولة سوية كان يتوجب على مجلس الوزراء ان يقرر وعلى مجلس النواب ان يشرع وعلى كل المؤسسات ان تكون فاعلة والسلطة القضائية ان تكون فاعلة وتبت بالقضايا سريعا... هذه الدولة التي نريدها، ولكن للأسف اصبحنا اليوم في دولة فاشلة، بلا دولة...

 اذ يأتي الرئيس بري أو الرئيس سلام،ليدق ناقوس الخطر لماذا؟ لأنه نمو الودائع في المصارف بين 2011 و2015 تعدت بقليل تراكم الفوائد ، أما النمو الاقتصادي فهو سلبي فيما تدنت واردات الدولة ومداخيلها بنسبة 8% وتراجع الاستهلاك الداخلي بنسبة 15% وهو رقم خطير اذا اخذنا بعين الاعتبار تزايد الاستهلاك الناتج عن وجود مليون ونصف مليون سوري في لبنان، فيما ارتفع عجز الميزانية 13.1% في الستة اشهر الاولى من السنة، والمؤسسات الدولية ستلجأ الى تخفيض التصنيف المالي للدولة اللبنانية  مما يرفع كلفة الاستدانة، وبالتالي نحن ذاهبون الى كارثة خطيرة جدا.

الرئيس بري يقول "خلونا نجبلنا قرشين من برا حتى نبقى متل ما نحنا" المأزق الذي نذهب اليه، بدأ من قرار اتخذه حزب الله ان يضع كل البلد في صالة الانتظار حتى نهاية الازمة في سوريا، اذا ربحنا في سوريا "نقش" لبنان واذا خسرنا في سوريا نقوم بتسوية في لبنان، وهذه هي الحقيقة المرة، اذ لا يمكننا التلطي وانتظار الازمة السورية.

المشرع عندما وضع شروط انتخاب رئيس الجمهورية اعتبر انه لا يوجد اي سبب من الاسباب يمنع الانتخاب، الانتخاب اولوية كبرى وعلى النواب الذهاب الى المجلس للانتخاب، اي ممنوع التعطيل.

والسؤال اذا صار تعطيل لانتخاب رئيس الجمهورية فهل نعطل مجلس النواب، من يخالف الدستور مرة لا يكتسب حق مخالفته مرة اخرى، الجريمة لا تكافؤ باتاحة ارتكاب جريمة اخرى، ولا يمكن تصحيح الخطأ بالخطأ، وتعطيل مجلس الوزراء ايضا جريمة، وانا ضد تعطيل اي مرفق دستوري.

أما في موضوع قانون استعادة الجنسية، فعلق سليمان لا يجب ان نخدع المسيحيين، كفانا التعلق بالأوهام، ولن يغير هذا القانون من اختلال التوازن الطائفي فعدد الذين سيطلبون استعادة جنسيتهم لا يتعدون عدة آلاف.

السياسة وقائع وليست اوهام، السياسة كيف نشجع السياحة وكيف نحمي وظائف اللبنانيين وارزاقهم، كيف نراقب المدارس الخاصة من الجشع بحق الاهالي، وكيف نوسع التغطية الصحية ويتم تخفيض كلفة الطبابة والاستشفاء ونرفع مستوى التعليم . هذه السياسة اما بيع الاوهام فمآله الخيبات المتتاليه .

نحن في حركة التجدد الديموقراطي حضرنا مذكرة منذ سنة ونصف وجلنا فيها على كل السياسيين نطالب فيها بموازنة للدولة اي اقرار الموازنة، فعند اقرار الموازنة تنتفي معظم المشاكل في الصرف والقروض، فكيف لدولة بدون موازنة منذ 2005، أن نستدين من أي جهة مانحة؟ اذ لا يوجد صرف من دون قانون.

اشعر بالاهانة كمواطن لبناني عندما ارى هكذا طبقة سياسية تدير شؤون لبنان، السياسي عليه ان يتوقع للمستقبل. وزراؤنا يتفاجؤون كل سنة بالمطر في منتصف فصل الخريف، شوارعنا تصبح انهارا، منذ اربعة اشهر يعيش نصف اللبنانيون فوق اكوام الزبالة، تدور الازمة ثم ترجع للمربع الاول، افشل الحراك المدني عملية المحاصصة التي حاولوا تمريرها وقسموا فيها عائدات النفايات، اوكلت الحكومة ايجاد المطامر لزعماء الاحزاب الطائفية ومن يستطيع أن يقرر اقامة مطمر في هذه المنطقة او تلك، هم زعماء الطوائف.

وفي خصوص طاولة الحوار فان جلسات الحوار عادة تكون في المجلس النيابي، ولكن الرئيس بري يدعو لحوار مواز لمجلس النواب... لماذا لا يتم الحوار في مجلس النواب؟ لأنه يوجد في المجلس نظام لاتخاذ القرار  وهناك تصويت، اما في طاولة الحوار فلا شيء يلزم اتخاذ القرار... اذا الحوار هو تضييع للوقت وضحك على الناس بانتظار ما يجري على الساحة السورية، وستنضم ورقة لبنان الى اوراق ايران التي تجمعها من اجل دعم بشار الاسد، الى وقت تسمح ايران بانتخاب رئيس مقابل السماح باعطاء بشار الاسد بعض الشرعية. ولذلك حزب الله لا يجد مطمرا للنفايات، في حين انه وجد الاف المعسكرات في كل لبنان وقد حول بعضها في غربي بعلبك الى مقالع وكسارات فباسم المقاومة يقوم بعض مسؤوليه باعمال تدر اموالا غير مشروعة.

 وأ خيرا رحب سليمان بلجوء حزب الله اللقضاء مقارنة بسلوكه السابق والادعاء على الصحافية ديما صادق لكنه لفت نظر محاميها" الى ان حزب الله لا يحق له التقاضي امام القضاء اللبناني لأنه عليه ان يكون جمعية سياسية مرخصة من وزارة الداخلية ويتطلب ذلك ان يتقدم سنويا بكشف يبين فيه لائحة اعضائه  ويصرح  عن موازناته المالية  ومصادرها، وعلى المحامي ان يراجع قانونية حزب الله في التقاضي امام محاكم لبنانية.