إنّ وصول طلبات  الحصول على "باسبور" لـ 28 ألف طلب من طرابلس يعني أنّ المدينة تتجه نحو التفريغ من مواطنيها وأهلها ، فالشمال والذي استوعب النزوح السوري بكل ألوانه وأطيافه لتصبح وظائفه ومحلاته وحتى مدارسه مستوطنة ، ها هو اليوم يركب عبّارات السوريين ليهرب سكانه من بوابة (الموت - الحلم) التي قام بفتحها الطفل السوري "إيلان" والذي حرّك موته على شاطىء الهجرة ملفات النزوح السوري والضمير الأوروبي ليعلن ممثلّوه فتح الحدود والإستعداد لإستقبال اللاجئين ...

وبما أنّ اللبناني ليس بلاجئ سوري ، كان عليه أن يركب هذه الموجة "الإنقاذية"  له من وضع معيشي متردي عبر التهريب إما مباشرة أو تحت غطاء قانوني ، فمنهم من ينطلق قانونياً "بالطائرة" أو سائحاً بالبحر ، ليبدأ بعدها رحلة التملص من جنسيته اللبنانية ورفع الورقة السورية ..

فالباسبور السوري أو "أي وثيقة تثبت الإنتماء إلى سوريا" ، يمكن الحصول عليه لقاء 50$ في وادي خالد أو في التل في الكاراجات السورية حسبما أفادنا مصدر .

 

ومن هذا المنطلق أمام اللبناني وسيلتين للهروب من واقعه ، الأولى شرعية عبر المطار أو بحجة السياحة بهوية لبنانية يتخلص منها فور وصوله إلى بلد الهجرة فيكون أمام حلّين أو يمزق جواز سفره ويكتفي بالإدعاء أنه سوري ويتحمل ما يطاله من تحقيقات ...

أو يظهر جوازاً سورياً بإمكانه أن يتشريه من تركيا ، فيكون لاجئاً شرعياً .

أما الوسيلة الثانية فهي أن يستقل العبّارة على أنّه سوري وبوثيقة سورية يكون قد اشتراها قبل أن يعقد على الهجرة .

 

أما عن أوضاع المهاجرين الذين وصل عددهم المعلوم إلى 6000 أغلبهم من التبانة ومن منطقة الميناء  ، فبحسب معلومات وردتنا من عدة أشخاص مقربين من أحد المهاجرين في ألمانيا وآخر في السويد ، فإن أوضاعهم المعيشية جيدة جداً ويتم صرف مبالغ شهرية لهم تتراوح ما بين 500 و 600 يورو إضافة إلى تأمين المسكن والذي هو عبارة عن بيت وليس خيمة .

وعند سؤاله عمّا تناقلته بعض الوسائل الإعلامية عن الإذلال الذي يعانيه بعض المهاجرين قال أنّه بحسب مقربين له قد هاجروا فهذا مجرد تهويل إعلامي ففي ألمانيا والسويد ما تأمن لهم لم يحصلوا عليه في لبنان ، إلا أنّه يمكن أن تنطبق هذه القاعدة نوعاً ما على اليونان كونه بلدٌ فقير .

كما وأشار لنا أن هناك عدد من اللبنانيين المحجوزين في اليونان وفي سائر البلاد التي شرعت حدودها وهم بإنتظار تهجيرهم .

 

أما عن سبب هذه الهروب إلى أوروبا ، فهو بحسب ما صرّح به المهاجرين "أحسن من هالبلد" والمعيشة مؤمنة ، فضلاً عن أنّ هناك من يهربون بحراً بسبب المحكوميات ، ومن هؤلاء من عبروا تحت مرأى الأمن العام وبجواز سفر لبناني .

 

إذاً ، فالطرابلسي ليس بمجرم ولا بإرهابي ولا بمتطرف ولا بمفتش عن بوابة تهريب ، إنما هو ضحية مجتمع فقير من كل الإمكانيات الأساسية ، وضحية تضخم سكاني سبب السوريون لتتحوّل فرص العمل النادرة إلى "حلم يتيم" ...

هذه هي حال شباب طرابلس يبحثون عن أي شيء يخرجهم من وضعهم حتى لو كان ذلك حمل السلاح أو الموت بحراً .