لدى المصريّين شكوك عميقة مبنيّة على معلومات أوّلية، عن إمكان وجود صلات معيّنة بين بيئات إرهابية مقيمة في مخيم عين الحلوة وعمليات إرهابية تحدث في شمال سيناء، خصوصاً في منطقة العريش.   لم يتسنَّ التأكّد من داخل مخيم عين الحلوة من صحّة هذه الهواجس المصرية، على رغم أنّ قيادياً فلسطينياً عسكرياً وأمنياً في لبنان، كشف لـ”الجمهورية” عن ملاحظات قد تصبّ في تأكيد هذه الهواجس؛ فيَذكر على سبيل المثال أنّه إثر إحدى العمليات الإرهابية التي قتل فيها بعض الجنود المصريّين في منطقة القواديس – الشيخ زويد في سيناء، سادت أجواء احتفالية داخل جماعة اسامة الشهابي المتصف بأنّه “أمير أمراء” المجموعات الخمس الارهابية في عين الحلوة والمتّحدة حالياً “شكلياً” تحت عنوان “حركة الشباب المسلم”، حيث وزعت الحلوى في المخيم احتفالاً بنجاح إرهابيّي مصر في تنفيذ جريمتهم.ويكشف القيادي عينه أنّ كلاً من المجموعة الارهابية الأم التابعة للشهابي ومجموعة الارهابي بلال بدر، تضمّ بين أربعة وخمسة عناصر مصريين، وأشهرهم إرهابي يكنّى “أبو مصعب المصري”، يعمل ضمن المجموعة الاولى المعروفة بتنظيم “جند الشام”.   ويؤكّد القيادي الفلسطيني أنّ مجمل هذه المجموعات تتبع بنحو أو آخر تنظيم “القاعدة”.وبالنسبة إلى التفاصيل المتعلقة بإمكانية وجود صلات محتملة بين بيئات إرهابية في عين الحلوة ومجموعات إرهابية تعمل في مصر، تحدّثت معلومات عن وجود تواصل بين إرهابيّين في مجموعة الشهابي، ونظراء لهم في مصر يعملون لمصلحة “كتائب بيت المقدس”.   وتضيف المعلومات أنّ العملية التي نفّذتها الاخيرة في 16 أيار الماضي وأفضت الى قتل ٣ قضاة مصريين مع سائق حافلتهم، كانت معلومات تسربت عن النية بتنفيذها، وذلك داخل دائرة ضيقة في مجموعة الشهابي.وتلاحظ هذه المصادر أنّ جهتين تبنّتا قتل القضاة المصريين؛ الاولى هي جماعة “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم “داعش”، والثانية هي “كتائب بيت المقدس”. ويسود ظنّ بأنّ العملية نُفِّذت بالاشتراك بين الجماعتين، مع لحظ أنّ كلا هذين الجوّين الارهابيين لهما حضور في جماعة الشهابي.ولكن بالاستناد الى معلومات فلسطينية، فإنّ الاحتمال السائد لمقاربة هذه القضية لا يستبعد في الحدّ الأدنى وجود تواصل بين إرهابيّين مصريّين يُقيمون في عين الحلوة وبين أقارب لهم موجودين في مصر يعملون تحديداً ضمن “كتائب بيت المقدس”.   ويرون أنّ علاقة القربى هذه هي التي تُفسّر تسرّب معلومات الى عين الحلوة، وتحديداً الى بيئات في جماعة الشهابي، عن عمليات إرهابية ستحصل في مصر وذلك قبل وقوعها؛ كما أنّ هذا الامر ذاته هو الذي يُفسّر أيضاً سبب توزيع عناصر مصرية غالب الظن في مخيم عين الحلوة بعد عملية القواديس التي نفذتها “كتائب بيت المقدس”.وكان سبق لمصادر فلسطينية أمنيّة في لبنان أن سرّبت قبل فترة الى جهات معنية معلومات تُفيد بوجود نيّة لدى عناصر إرهابية مقيمة في إحدى مخيمات بيروت، وهي على صلة بـ”كتائب بيت المقدس” و”داعش”، لخطف أطباء مصريّين برتبة ضباط يعملون في المستشفى المصري الميداني في محلة طريق الجديدة – الكولا، وذلك لمبادلتهم بإرهابيّين مسجونين في مصر.وتفيد معلومات ذات صلة أنّ الاجهزة المصرية رصدت أخيراً تكاثر وصول عناصر من “داعش” وفصائل إرهابية أخرى من سوريا والعراق الى شبه جزيرة سيناء.   لبنان بوابة أمن مصر ومن وجهة نظر مصادر قريبة من القاهرة، فإنّ الاخيرة تفعّل استراتيجية على مستوى الدفاع عن أمنها القومي وخصوصاً ضدّ الارهاب، ولكلّ من لبنان والاردن فيها موقع بالغ الأهمية.   وضمن إطارها تُصنّف مصر كلاً من الاردن ولبنان على أنهما البوابتان الشرقيتان الاساسيتان للأمن القومي المصري. وبحسب المصريين فإنّ قراءة التاريخ تؤكّد أنّه لم يحدث مرة أن تمّ غزو مصر إلّا انطلاقاً من المشرق، عدا مرة واحدة غزيت فيها من الغرب أيام الدولة الفاطمية.وتُدرج مصر هذه العبرة التاريخية الاستراتيجية للدلالة على جدّيتها في اعتبار استقرار الاردن ولبنان في هذه المرحلة المتّسمة بالتحدّيات، أهدافاً حيوية داخل أجندتها الخاصة بموجبات الدفاع عن الامن القومي المصري.وفي التفاصيل المتصلة بالتحدّيات الراهنة، تلاحظ القاهرة أنّ شواطئ لبنان المتوسطية تبعد سفر ساعات في المراكب السريعة من ميناء الاسكندرية. وميناء العقبة الأردني على البحر الاحمر يبعد بحراً ساعات عن قناة السويس أيضاً.   وتعتبر القاهرة أنّ سكك الارهاب البحرية المفتوحة بعضها على بعض تُمثل الخطورة نفسها التي تتّسم بها السكك البرّية والجوّية.وفي المحصّلة إنّ القاهرة اتخذت قراراً باعتبار إغراق لبنان والاردن في الفوضى هو خط أحمر مصري، تُمليه مصالح أمنها الاستراتيجي وليس فقط علاقات الإخوة العربية. أما مبادرتها إلى حلّ أزمة لبنان السياسية فهي مؤجّلة في انتظار تبلور الظرف المناسب.ولعلّ هذه الاسباب الاستراتيجية نفسها هي التي تُفسّر خلفيات قرار مصر بمنح التدخل الروسي في سوريا المشرقية الغطاء العربي، وذلك لتحاشي استشراء الفوضى فيها وتحوّلها صومالاً في منطقة المشرق المتصفة بأنها بوابة الامن القومي المصري.