بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى العاصمة الروسية موسكو جاء اجتماع فيينا الذي ضمّ وزراء خارجية روسيا وأميركا والسعودية وتركيا بدعوة من وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف ، بحيث دخلت الأزمة السورية منعطفاً جديداً ، وهذا يعني منطقياً أنّ روسيا تحمل رسالة سياسية جديدة للأطراف الإقليمية والدولية المنخرطة في الصراع السوري تستحق عقد الاجتماع بسببها ، وبالتالي يعطي روسيا صفة الذي يمسك بزمام المبادرة في الأزمة السورية ، وهنا يبدو واضحا أنّ ترتيب زيارة الأسد إلى موسكو كان المقدمة الضرورية لإطلاق المبادرة الروسية للتسوية السياسية للأزمة السورية .

وبمعنى أوضح أنّ الزيارة ثبتت ورقة النظام السوري بيد موسكو التي تفاوض باسمه وبقوة حضورها العسكري على الأرض كي تبادر إلى عقد اجتماع فيينا على هذا الأساس الواضح .

لا شكّ أن التدخل العسكري الروسي في سوريا قلب الموازين في المنطقة وفي الميدان السوري لمصلحة النظام ، وعليه فإنّ الأطراف الإقليمية المعادية للنظام السوري تعلم أنها إذا دخلت في مفاوضات من دون شروط مسبقة لحل الأزمة فسوف تتحسن مواقع النظام ومن خلفه روسيا .

وفي المقابل فإنّ روسيا تعلم أن ضرباتها الجوية لها فترة زمنية محددة متعلقة بالتوصل إلى حل سياسي يجرّ الولايات المتحدة الأميركية إلى طاولة المفاوضات للعمل على حل للأزمة السورية وليس التورط في المستنقع السوري علماً أنّ هذه الضربات الجوية الروسية لم تحقق أي تقدم ملموس على الأرض لقوات النظام السوري بحيث لعبت صواريخ تاو المضادة للمدرعات التي تستخدمها فصائل المعارضة مؤخرا دورا في منع قوات النظام من تحقيق مكاسب عسكرية بريّة مع الاشارة إلى أن السعودية هي التي سلمت هذه الصواريخ إلى فصائل المعارضة السورية بتسهيل لوجستي تركي وبموافقة أميركية .

وبناءً على هذه التطورات الميدانية على الساحة السورية كان اجتماع فيينا لقاء الضرورة لكل الأطراف ، فروسيا تريد إخراج حل سياسي يضمن مصالحها ويرضي الأطراف الإقليمية المشاركة في الصراع السوري في الوقت ذاته.

وقد تضمن اجتماع فيينا أفكارا روسية جديدة للحل السياسي تعطي الأطراف الأخرى بعض ما تريد وهو ما يبرر موافقة الدول الثلاث أميركا والسعودية وتركيا على عقد الاجتماع مع روسيا.

فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى إلى حلول وسط تسمح بمرحلة انتقالية يكون الأسد طرفا فيها مع إعطاء تعهد روسي بخروجه من السلطة في نهايتها مع ضمانات تتعلق بسلامته وعدم ملاحقته قضائياً .

والمرحلة الحالية من المفاوضات الرباعية تدور حول المدى الزمني للمرحلة الانتقالية التي يكون بشار الأسد جزءا منها ستة اشهر ام سنة ام سنة ونصف أم غير ذلك. وهذا لا يعني أن الجهود الروسية للتسوية السياسية للأزمة السورية سوف تسلك طريقها دون عراقيل ما يجعل عامل الوقت يلعب في غير مصلحة موسكو .