بين 14 آذار من العام 1989 حين أطلق العماد ميشال عون من القصر الجمهوري في بعبدا حرب التحرير، ودعا أنصاره للتجمع هناك، حيث احتشد اللبنانيون بشكل كبير ومن جميع الطوائف هاتفين باسمه وله،وبين دعوة التيار الوطني الحر برئاسة الوزير جبران باسيل للتظاهر على الطرقات المؤدية إلى قصر بعبدا في 11 تشرين الاول من العام 2015 حوالي ربع قرن.شهدت فيها الساحة العونية محطات كبيرة من الإخفاقات وقليلة من النجاحات
ولعل النجاح الجماهيري الأول الذي حققه التيار يوم نزل العونيون إلى جانب جميع اللبنانيين في 14 آذار من العام 2005، وهتفوا بخروج الجيش السوري من لبنان بمظاهرة مليونية أثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري
والنجاح الثاني جاء في 7 أيار 2005 يوم عاد العماد عون من منفاه الباريسي حيث نزل عشرات الآلاف من اللبنانيين ومن كل الطوائف والأديان مرحبين بعودته إلى الوطن.
وبعدها كرت سلسلة الإخفاقات الشعبية لهذا التيار وما زالت مستمرة، و تمثلت بما يلي:
1 - تحول التيار الوطني الحر من تيار وطني جامع إلى تيار سياسي فئوي طائفي ذي صبغة مسيحية...
2 انقلاب العماد عون على مبادئه السيادية ويبرم تفاهما مح حزب الله الحليف الستراتيجي للنظام السوري بتاريخ 6 شباط 2006.
3 - تحول التيار الوطني الحر الى تيار عائلي يتجاذب الصراع على زعامته ومواقع السلطة فيه أفراد عائلته بصهريه وزير الخارجية جبران باسيل، و قائد فوج المغاوير العميد شامل روكوز،وابن شقيقته النائب الان عون.
4 - شعور العونيين بالغربة وبشكل متزايد عن مبادئ التيار بالسيادة والحرية والاستقلال بعدما استسلم العماد عون لإرادة حليفه حزب الله فسلم من خلاله أوراقه للنظام السوري، ومتوجا ذلك بزيارته لدمشق ولقاء الرئيس السوري بشار الأسد في 13 -12-2008متخليا عن دماء شهداء الجيش اللبناني الذين استشهدوا على يد القوات السورية في 13 تشرين عام 1989.
5 - تفجر الخلافات الجوهرية بين أركان التيار وانتقالها إلى العلن،وليس آخرها خروج نائب رئيس الحكومة السابق اللواء عصام أبو جمرا مع مجموعة من القياديين في التيار من صفوفه ،وانشقاقهم عنه
6-اخفاق العماد عون في تحويل تياره إلى حزب سياسي على أسس تنظيمية وديموقراطية...
7-التصاعد القوي للصراع على رئاسة التيار بين قطبي العائلة : الصهر جبران باسيل،وابن الاخت الان عون بترشحهما دون سواهما لهذا المنصب، وكاد التيار أن ينفجر بالانقسامات لولا انحياز عون لصهره حاسما المعركة لمصلحة باسيل؛الأمر الذي أدى إلى نزوح كبير من صفوف التيار ...
8 - دخول قيادات التيار الوطني إلى نادي الفساد السياسي والمالي في السلطة، وتخليه عن شعارات الإصلاح والتغيير...
وبعد كل هذه الاخفاقات والتصدعات، يدخل التيار الوطني الحر تجربة حشد أنصاره من جديد هي الثانية في عهد رئيسه الجديد جبران باسيل بعد مظاهرة 14-9-2015،عبر دعوته أنصاره للتظاهر على الطرقات المؤدية إلى القصر الجمهوري في بعبدا مستغلا أزمة عدم انتخاب رئيس للجمهورية وفي ظروف صعبة ودقيقة،تحمل في مضامينها تحد لقائد الجيش العماد جان قهوجي وبعد رفض التيار الحر التمديد له وعدم ترقية صهر العماد عون العميد شامل روكوز وتعيين العقيد مارون القبياتي بديلاً عنه في قيادة فوج المغاوير، مما يضع البلاد أمام محظور جديد يقوم على الاحتكاك المباشر مع المؤسسة العسكرية التي يدعي العماد عون حرصه عليها.
وهنا تطرح أسئلة كثيرة عشية مظاهرة 11 تشرين الأول نحو بعبدا وابرزها:
هل يستطيع الرئيس الجديد للتيار الوطني الحر جبران باسيل استعادة شعبية التيار المتقهقرة من خلال هذا التظاهر وعناوينه؟ !
وهل تاريخ 14 آذار من العام 1989 حين لبى اللبنانيون بكل طوائفهم نداء العماد عون للتوجه إلى قصر بعبدا، يشبه تاريخ 11 تشرين الاول 2015 فيستجيب اللبنانيون لنداء باسيل ويهتفون له؟!
وهل شعار استعادة رئاسة الجمهورية للعماد عون سوف يدغدغ أحلام العونيين فيعودون إلى صفوفه بعدما انفض عدد كبير منهم عنه؟!
الجواب بالتأكيد لن يأتي كما يشتهي الرئيس الجديد للتيار الوطني الحر، فبين 14 آذار من العام 1989، و11 تشرين من العام 2015 ربع قرن من النجاحات القليلة والاخفاقات الكثيرة الكثيرة...